آراء
الخميس ١٢ مارس ٢٠١٥
تحولت دول مجلس التعاون الخليجي، وبالأخص الإمارات والسعودية في العقدين الماضيين إلى مركز إقليمي للصناعات الغذائية في تطور لافت للنظر لكون هذه البلدان لا تتمتع بوفرة المياه والأراضي الصالحة للزراعة، مما يعبر عن جودة الإدارة الاقتصادية، والتي تتيح التغلب على المصاعب وتحقيق الإنجازات. في السابق، كانت دول المجلس تستورد كامل احتياجاتها تقريباً من منتجات الألبان ومشتقاتها ومن السلع الزراعية، إلا أنه مع مطلع القرن الحالي تمكنت ليس من تلبية معظم احتياجاتها من هذه المنتجات فحسب، وإنما تحولت إلى مصدر لها. تزامن ذلك مع تراجع الإنتاج الغذائي في العديد من البلدان العربية التي تتوافر فيها مقومات تنمية هذه المنتجات، إلا أنها تفتقر إلى الإدارة السليمة والبنى التحتية المتطورة والأنظمة والقوانين المشجعة للاستثمار وجذب رؤوس الأموال، في الوقت الذي تضاعف فيه عدد سكانها في العقود الثلاثة الماضية، وارتفعت احتياجاتها من السلع الغذائية، ما عقد مصاعبها الاقتصادية والاجتماعية. ويعتبر ذلك مفارقة غريبة، إلا أنها تُعبر أيضاً عن سياسات اقتصادية وحكمة في الإدارة، فدول المجلس التي تفتقر إلى الاحتياجات الأساسية لتنمية الصناعات الغذائية، أضحت مزوداً رئيسياً لمنتجات الألبان للبلدان العربية، حيث تتوافر السلع الخليجية على أرفف الأسواق في السودان والعراق ومصر وسوريا، إذ تتمتع هذه السلع بجودة عالية وقدرة تنافسية. والحقيقة أنه لم يكن من السهل تحقيق هذه النقلة والتي قلبت المفاهيم السابقة التي…
آراء
الخميس ١٢ مارس ٢٠١٥
جاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مساء أول من أمس ضافية وشاملة ومتضمنة لكل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تهم المواطن السعودي في الوقت الحالي. ولا شك في أن توقيت الكلمة جاء في آوانه الصحيح، وفي وقت كان الجميع ينتظر تدخل الملك، ورؤية الملك، ورأي الملك في الشأن المحلي، والشأن الإقليمي والدولي. اقتصادياً، يمكن الإشارة إلى خمس نقاط رئيسة في كلمة خادم الحرمين الشريفين كما يأتي: أولاً: تحدث حفظه الله عن «السعي المتواصل نحو التنمية الشاملة المتكاملة والمتوازنة في مناطق المملكة كافة»، ولا شك في أن هذا المحور الذي يعنى بالاقتصاد الكلي السعودي، يعتبر حجر الزاوية في الطفرة الحالية. فإعادة توزيع المشاريع على خريطة الوطن أمر حيوي مهم للتنمية ولخلق فرص العمل والمتاجرة والنمو لكل منطقة سعودية. كما سيؤدي توزيع التنمية إلى التوازن بين مناطق المملكة، ووقف الهجرة الكبيرة للمناطق الثلاث الكبيرة (مكة المكرمة، الرياض، الدمام)، التي يقطنها حالياً ما يزيد على 66 في المئة من إجمالي سكان المملكة، في حين يتوزع الثلث الباقي من السكان على عشر مناطق أخرى. كما تحدث عن سعي الحكومة لتقليل آثار انخفاض النفط على التنمية، وحصرها في حدها الأدنى، وهو حديث تطمين يبعد التخوف الذي يبديه البعض من توقف المشاريع نتيجة لانخفاض أسعار النفط، بل أعلن أن «ما تمر به سوق…
آراء
الخميس ١٢ مارس ٢٠١٥
«داعش» سرطان لا علاج له غير استئصاله. اقتلاعه واجب وطني وقومي وإنساني. والعلاج الناجع لضمان عدم عودته يعني إشراك البيئة التي تسرب إليها في اقتلاع جذوره وتحصينها ضد أكاذيبه وادعاءاته. ومن المشروع التفكير مبكراً بما ستكون عليه حال المريض بعد اجتثاث الورم الخبيث. ليس بسيطاً أن يسيطر التنظيم على تكريت. لهذه المدينة رنة في التاريخ العراقي الحديث. ليس لأن قبر صدام حسين موجود في قرية العوجة القريبة منها بل لأنها تحمل رمزية ما بالنسبة لدور العرب السنّة في العراق. لم يكن باستطاعة الحكومة العراقية ترك تكريت في عهدة «داعش». لكن شروط الجراحة الحالية تثير المخاوف من أن يؤدي سقوط تكريت في أيدي مهاجميها، وهو مطلوب، إلى سقوط توازنات لا بد منها كي يبقى العراق بلداً موحداً وجزءاً من العائلة العربية في الإقليم. ما كان لهذه التخوفات أن تطرح لو أن الجيش العراقي هو الذي تقدم لاستعادة تكريت وبعد إجراءات تبدد مخاوف أهل الأنبار وصلاح الدين ونينوى. ما يحدث هو أن «الحشد الشعبي» هو اللاعب الأول اليوم في مكافحة التنظيم والحشد هو تحالف ميليشيات شيعية. ثم أن الهجوم يتميز أيضاً باستنكاف أميركي عن توفير التغطية الجوية له وبنزعة إيرانية علنية في تأكيد إدارته. اتسمت التدخلات الإيرانية في دول الإقليم في العقدين الماضيين ببراعة وفرت لها أكثر من غطاء. ما يلفت النظر…
آراء
الأربعاء ١١ مارس ٢٠١٥
الصورة الأولى التي حرص تنظيم داعش على بثّها إلى العالم، كانت صورة «إعدام». والإعدام مصطلح قانوني يعني أنه قد سبقه محاكمة وإدانة وإثبات. لكنه استخدم هنا في قتل: أولا رهائن ضعفاء، وثانيا أبرياء، لا علاقة لهم بـ«داعش» أو بأعدائه، سوى صدفة المكان والزمان. «داعش» كان يعرف ذلك أكثر من سواه، لكنه كان في حاجة إلى مشهد.. إلى مدخل، وإلى إعلان. والمشهد، أو المدخل، أو الإعلان يحتاج إلى عنوان: الرعب! وميزة الرعب، أنه شامل، يجب أولا أن يتبلَّغه السكان كي يتعرفوا على عاقبة التمرد، وثانيًا الحلفاء، كيف يتعرفون إلى عاقبة الخيانة، وثالثًا الأعداء، كي يتعرفوا إلى طبيعة الحرب. القتل تحت اسم الإعدام هو أبلغ الأساليب، وهو أيضا أقدمها، ووجوهه الحديثة من تلفزيون وإنترنت ووسائل تواصل همجية، ما هي إلا تقاسيم على إيقاع بشري غرائزي، يتوسل الحد الأقصى من التوحش لكي يبلغ الحد الأقصى من الرعب. وليس بينها رادع أو تردد أو تأمل. الإعدام هو الجزء الأهم في عملية إخراجية طويلة: أولاً، تمجِّد نفسك ومن ثم تسخِّف عدوك.. أنت البطل وهو اللا شيء.. أنت يُهلل لك وهو يموت كالنعاج. ويجب أن تكون لك دومًا صفة فوقية تتجاوز البشر العاديين. الذين صنعوا صورة موسوليني وهتلر، كرروا دائمًا الصفات التي تجعلهما أهم من المسيح. وهما ليسا القائدين أو الزعيمين فحسب، وإنما هما من تتشرف…
آراء
الأربعاء ١١ مارس ٢٠١٥
حين كتبت مقالتي «الملك - المواطن»، في هذا العمود قبل أكثر من شهر، في رثاء الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، ختمت مقالتي تلك بعبارة: «رحل الملك المواطن، وجاء الآن دور الملك المثقف، ولهذا حديث مستقل سيأتي لاحقاً». لكنّني قبل تسليم المقال إلى الصحيفة بدقائق حذفت هذه العبارة خشية أن يساء فهم إرجائها «لاحقاً»! أتخلى اليوم عن التأجيل وأستعيد هذه العبارة من دون تردد، لمناسبة تحوّل الرياض خلال الأسبوع المنصرم وهذا الأسبوع إلى عاصمة العالم السياسي من خلال استقبالها أكثر من ١٥ زعيماً خليجياً وعربياً ودولياً، وإلى عاصمة العرب الثقافية من خلال انشغالها الكبير والحاشد بتظاهرة معرض الرياض الدولي للكتاب. تعرّف العالم إلى ملوك تجّار وملوك رياضيين وملوك طيارين، لكنه قلّما تعرّف إلى ملكٍ مثقف، لأن الثقافة الحقيقية، لا التجميلية، تحتاج إلى بناء تراكمي قد لا يجد الملك الوقت الكافي لمنحه القراءة المعرفية، والانشغال عنها بإدارة شؤون البلاد. لكني أستحضر في ذهني نموذجين معاصرين للملك المثقف الذي بنى ثقافته وأثراها في سعة من وقته قبل أن يتملّك. الأول: الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي أصبح ملكاً الشهر قبل الماضي. والثاني: الأمير تشارلز، ملك بريطانيا المنتظر! كثيرة هي الحكايات الثقافية عن الملك سلمان ومعه، ويوشك أن يكون لكل مثقف أو كاتب سعودي معه حكاية لقاء مكتبي أو حديث عابر أو مكالمة هاتفية على…
آراء
الأربعاء ١١ مارس ٢٠١٥
جاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمس بعد مرور 46 يوماً على توليه حكم المملكة العربية السعودية، في مضامين واضحة ومباشرة، وموجّهة إلى المواطنين الذين خاطبهم حيناً بالمواطنين والمواطنات، وتارة بـ«إخواني وأخواتي»، وهي صيغ للتعبير عن التساوي، وإن كان ملكاً عليهم، وأحياناً بـ«أبنائي وبناتي» في نبرة أبوية. وركّزت الكلمة على القضايا ذات الأولوية والأهمية في ما يتعلق بالسياستين الداخلية والخارجية. ويمكنني أن أوجز ما تضمنته الكلمة حول الشؤون الداخلية في ما يأتي: 1. التأكيد على أن العدالة حق للجميع، وأن الأمر يتطلب إتاحة الفرصة للمواطنين لتحقيق تطلعاتهم المشروعة. 2. عدم التفريق بين مواطن وآخر، أو منطقة وأخرى، وتوجيه أمراء المناطق باستقبال المواطنين، ورفع أفكارهم ومقترحاتهم، وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم والتيسير عليهم، والتشديد على محاسبة المقصرين، وأنه لن يقبل أي تهاون في خدمة المواطن «الذي هو محور اهتمامه». 3. رفض التصنيفات المسمومة الضارة بالوحدة الوطنية، والجالبة للفرقة، انطلاقاً من أن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات. 4. دعوة الإعلام إلى أن يكون وسيلة للتآلف، لا الإثارة وإذكاء الفرقة. 5. تقديره لدور المواطن السعودي واستشعاره المسؤولية، ووقوفه سداً منيعاً أمام الحاقدين والطامعين، فالأمن مسؤولية الجميع. 6. ذكر بوضوح أن ما تمر به أسواق البترول ستكون له تأثيراته في الداخل، لكن الحكومة ستسعى إلى الحد منها. 7. تأكيد العزم على…
آراء
الأربعاء ١١ مارس ٢٠١٥
لا أعرف من هو صاحب فكرة اليوم العالمي للمرأة، إن كانت امرأة فهي على الأغلب لم تعش في هذا الزمان الذي تصول فيه النساء كما يصول الرجال، وإن كان رجلاً فأكثر الظن أنه كان لعبة في يد مجموعة من النساء. تاريخياً بدأت أحد أهم مظاهر اليوم العالمي للمرأة في سنة 1932، عندما ثارت النساء في الاتحاد السوفييتي في تظاهرة سُميت «ثورة النساء العاملات ضد عبودية المطبخ»، ثم ظهر العديد من الدعوات الناعمة بطرق مختلفة وأساليب متعددة وبكيد النساء العظيم، فتحولت المطالبات من الخروج من المطبخ إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير. يوم المرأة العالمي للتذكير بإنجازات المرأة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وللمطالبة بحرية المرأة التي يعتبرها البعض مثل الجارية التي تُباع وتشترى لمن يدفع أكثر، هنا من الواجب علينا أن ندعم المرأة ونقف معها وندعو إلى تحريرها، ونساعدها على أن تعيش بعزة وكرامة، فالمرأة «روح الحياة وحياة الروح». آه على تلك الأيام عندما كانت المرأة تفكر في الزواج والاستقرار، تنظر إلى الرجل على أنه عمود الأسرة الذي يعتمد عليه في كل شيء، والضمان لحياة سعيدة في المجتمع، بينما تغير المفهوم حالياً لتعتبر نفسها في سباق مع الرجل لتتفوق عليه، بل وتتخلص منه أحياناً! صار لها الأهمية والاهتمام أكثر على حساب الرجال، عندما يدخل أحد الميادين فإنها تلاحقه…
آراء
الثلاثاء ١٠ مارس ٢٠١٥
المجموعة العربية في منظمة اليونسكو تشكو حالها لما تعانيه من غياب التنسيق بين أعضائها وهو أمر ليس بمستغرب للجميع، وكل ما نملكه استمرار الشكوى دون تقديم بدائل عملية تنسجم مع منظمة اليونسكو باعتبارها «دار المعرفة» كما يطلق عليها. ويقول أحد سفراء الدول الغربية إن أفضل ما فيكم أنتم العرب هو أنكم لا تتفقون، ونحن من يختار لكم عندما يغيب الاتفاق بينكم. وقد فشل العرب أكثر من مرة في تولي منصب رئاسة اليونسكو، وهم على قناعة بأنه طالما يدبّ الخلاف فلن يتولى أيٌّ من مرشحي العرب رئاسة أو إدارة المنظمة. ويبدو أن الفشل تحول، أحياناً، إلى حالة تجلب المتعة للعرب! ويتجسد ذلك في دوام الشكوى واللوم الذي نعتبره مكوناً من مكونات الثقافة العربية. وانتخابات رئاسة اليونسكو مقررة في عام 2017 وقد أخذ العرب في تداول بعض من الأسماء، والتحضير لانتخابات الرئاسة التي ربما تقدَّم نتيجة لترشيح السيدة إيرينا بوكوفا لمنصب أمين عام الأمم المتحدة، وهذه الأجواء دعت الجانب العربي للدخول في حلقة السباق، وكنت أنا والصديق مندوب المملكة العربية السعودية نتداول اسم السفير اليمني أحمد الصياد لما له من خبرة كبيرة وثرية في المنظمة حيث عمل لسنوات كنائب لرئيس المنظمة وعاصر أكثر من رئيس، وقلنا إنه هو الشخصية التي تتمتع بجدارة أكبر، وجاءت أحداث اليمن الأخيرة التي لا نعرف كيف ستنتهي،…
آراء
الثلاثاء ١٠ مارس ٢٠١٥
في الماضي، ومنذ سقوط نظام صدام حسين في العراق علي يد القوات الأميركية وتمزيق العراق إلى دويلات طائفية؛ كنا نتابع التدخل الإيراني في هذا البلد العربي، والذي كان يمثل صمام الأمان للبوابة الشرقية للعالم العربي. وسواءً اتفقنا مع نظام صدام البعثي في حروبه الإقليمية مع إيران، أم لم نتفق مع احتلاله للكويت، والذي تسبب في انهيار النظام الرسمي العربي وجلب القواعد والوجود العسكري الغربي في المنطقة، والتي كانت واشنطن تسعى إليه لفترة طويلة وحققتها سياسات صدام حسين المتهورة، وكلنا يتذكر أن الوجود العسكري في منطقة الخليج العربي أذكي لدى التنظيمات الإسلامية المتطرفة للمطالبة برحيل تلك القوات من الأراضي العربية، وقد بدأت تلك التنظيمات المتطرفة بشن عمليات إرهابية في بعض دول الخليج ضد القواعد الأميركية واستهدفت مواطنيها منذ فترة التسعينات في القرن الماضي، والغريب أن تلك التنظيمات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة وما ولد من رحمها استمرت في عملياتها الإرهابية حتى بعد خروج القوات الغربية من بعض الدول الخليجية، وقد لا أكون مبالغاً أن ذلك الوجود العسكري الغربي في منطقة الخليج قد أسس للتطرف والتشدد للتنظيمات الإسلامية في منطقتنا بعد الحرب والاحتلال الذي مرت به أفغانستان، فالغرب -للأسف- يأتي إلى عالمنا العربي بحجة المساعدة، ولكن تلك السياسات أسست لظهور الإرهاب الذي ما زال يدمر منطقتنا حتى الآن. الولايات المتحدة لا يمكن التعويل…
آراء
الثلاثاء ١٠ مارس ٢٠١٥
للأشياء، للأجساد، والبلاد علامات وحدود. الحدود نفسها علامات بدءٍ وانسجام وثقة، وهي أيضاً علامات اشتباك وخصام، وأخيرا علامات النهاية والقطيعة. من يلمس حدودك – أياً كان – فإنه يكون قد دنا منك حتى المكان الذي لا عودة منه. وهكذا تبدأ القصص كلها وهكذا قد يضربها الغبن فتنتهي. وفي هذه المساحة التي لا يرجع منها أحد.. تتساوى الحكايات، لا يهم كم تطول أو تقصر، كم تحلو أو تختنق بالمرارة! إنها أخيرا تنقطع، ويتحلل الانسجام والثقة شيئا فشيئا حتى يذهبان إلى العدم. ما من شيء ينمو وليس له وسم وسمات تسبق شكله النهائي. خذ مثلاً.. السلامات الباهتة، البشاشات التي لا تعني غير الارتياب والحنق، وخذ في اعتبارك المسافة في اختيار التواريخ والطاولات. هل رأيت يوما تحصينات الحواجز وانتشار الجند؟ هل حدث ولاحظت قلة المشي والكلام بين اثنين أو بيتين أو بلدين؟ أليس هذا شيء تكبر فيه الوحشة!. قبل أن تطيح السفوح الممتدة في الاصفرار والكآبة لا بد أن شيئا ما لم يعد كفاية. قبل أن يوصد باب، فإن كابوسا قد تراءى وراءه، لكن أحدا لم يطرده. قبل أن يتشتت الصوت والنشيد الوطني، كانت السواعد قد فقدت حيْلها، وقبل أن تتداعى أرض وبلاد بأكملها، لا بدّ أن قويا ومتنفذا فيها لم يأبه خرابها، ذاك الواحد الفاسد، ذلك الذي تمكّن من مصير الناس، لكنه…
آراء
الثلاثاء ١٠ مارس ٢٠١٥
ما فعله «الدواعش» في العراق يكشف حقيقة أننا لا نستحق كنوز التاريخ التي في متاحفنا، وتحت رمالنا. نسكن فوق إرث عظيم لا نعرف قيمته لنا وللعالم أجمع، لهذا أتلفت الآثار كما لو كانت مجرد ألعاب أطفال بالية. وحتى لا يندثر ما بناه آباؤنا الأوائل، وصناع حضارات من سبقنا، بسبب الجهل والتخلف المنتشر بيننا، علينا أن نعير هذه الكنوز لمن يعرف قيمتها ويحافظ عليها، إلى أن يأتي يوم، أو قرن مقبل، نكون قد بلغنا الرشد وأصبحنا محل المسؤولية التاريخية، حينها يحق لنا أن نطالب باستعادتها. لم يعرف التاريخ القديم والمعاصر همجية ولا تدميرا للتأريخ مماثلا لما فعله المتطرفون في بابل ونمرود ومتحف الموصل، أتلفوا بفرح آثارا عاشت أكثر من ثلاثة آلاف عام. وسبق للمتطرفين أن قاموا بتدمير مثلها في سوريا، وسبقهم تنظيم القاعدة في أفغانستان، وفعل الشيء نفسه المتطرفون في ليبيا، يضاف إلى ما ارتكبه «الدواعش» حتى في الدول المستقرة، ظنا منهم أنهم يحاربون الشرك ومظاهره. بعد هذه الجرائم المتكررة صار يتحتم علينا أن نعيد قراءة العلاقة بيننا وبين بقايا الماضي وأطلاله وشواهده، ونعترف بأننا لا نستحقها. ما حدث في العراق، ليس مجرد أزمة عابرة، بل مسألة متجذرة، تعرينا. وبدلا من أن نلوم القلة المتطرفة علينا أن نعترف بحقيقة أننا أمة متخلفة، تعيش عصر الظلام والانحطاط، بوجود «داعش» و«القاعدة» وَمنْ على…
آراء
الثلاثاء ١٠ مارس ٢٠١٥
و العنوان لمن يقرؤه لأول مرة هو ترجمة حرفية لثلاثية روائية للكاتبة البريطانية أي إل جيمس بعنوان: 50 Shades of Grey. حققت الرواية شهرة كبيرة في الغرب عند صدورها قبل ثلاثة أعوام وبيعت مائة مليون نسخة من جزئها الأول ! واليوم تعرض صالات السينما حول العالم فيلماً يحمل الاسم نفسه و يجسد أحداث و شخصيات الرواية المثيرة للجدل. وقد تزامن توقيت العرض الأول للفيلم في الرابع عشر من الشهر فبراير الماضي - موعد احتفال العاشقين بعيد الحب “الفلانتاين” - وهذا التوقيت في حد ذاته يثير الكثير من علامات الاستفهام! أما عن الجدلية المثارة حول الفيلم فمردها إلى الفكرة الأساسية للرواية التي تدور أحداثها حول قصة حب تنشأ بين فتاة أمريكية جامعية من الطبقة المتوسطة وشاب ثري و ناجح في مجال الأعمال . لكن الفتاة تُفاجأ بميول سادية وشاذة لدى عشيقها . وهو القالب الرئيسي الذي تدور حوله أحداث الرواية . وقد وصفت الناقدة كلاوديا بويج في صحيفة «يو إس إيه توداي»، الفيلم بأنه «النسخة المنحرفة لأسطورة سندريللا». ودون الخوض في تفاصيل وأحداث الرواية والفيلم . فأعتقد أن ثمة اتجاه أدبي وفني ليس طارئاً بل له جذوره التاريخية، لكنه سائد وربما آخذ في التنامي اليوم في الأوساط الروائية والفنية. وهو اتجاه يسعى بشكل أو بآخر للنيل من العاطفة النقية وتقديم الحب…