آراء

آراء

أشجار الدانوب

الجمعة ٢٧ فبراير ٢٠١٥

رسالة في البريد العزيز يوافق صاحبها على الرؤيا المشتركة حول أحداث النهار، لكنه يدعو، بطيبة ومحبة ومواساة، إلى الخروج من هذا الضغط النفسي. يقول: الأشجار المتساقطة تسد نهر الدانوب أحيانًا، لكنها تزاح وتستمر الملاحة وتصل السفن إلى موانئها. وفي دروبنا عوائق كثيرة لكن لا بد أن نصل ذات يوم. شكرًا. أنا لا أريد أن أزيد في نكد أحد. دائمًا أحاول البحث عن جمال، أو نُبل، في الماضي أو في الحاضر. لكن أحيانًا، أو دائمًا، تنهمر علينا الأمطار البركانية كالسيل، ولا أريد أن أبدو بعيدًا عن همومي وهموم أمتي وأهلي ورفاقي. دعني أقل لك إنني أتلقى معظم الأخبار العربية وكأنها آتية من لبنان، فإن لي في الأقطار أصدقاء تبعد بيننا الأوقات والمسافات، أما المشاعر فتزداد عمقًا. أتمنى أن تصدقني إذا قلت لك إنني أتابع أخبار الكويت والبحرين والمغرب ومصر كإنسان، وليس كصحافي. أقرأ الأخبار بفرح، أو تكدر، وليس من أجل مهنة صارت يومياتها بعيدة عني. أتطلع في الديار التي عرفتها وعشت فيها وعشت هناءها وازدهارها ونهوضها، ولا أستطيع أن أغض الطرف عما ينتابها. تأمَّلنا جيدًا: ليس خيارنا أن نكون أمة واحدة. لاحظ كيف تهد أخبار اليمن الجميع. لاحظ أنه ليس هناك عربي غير قلق من موريتانيا إلى عكا. أنا أكثر من قلق. أنا حزين. وأكثر ما يضني أنني لا أجد شيئا…

آراء

أسبوع «ترتيب البيت الخليجي»

الجمعة ٢٧ فبراير ٢٠١٥

شهد منتصف هذا الشهر تحركات كثيفة لقادة دول مجلس التعاون الخليجي أو من يُمثلهم، وذل في إطار السعي إلى «ترتيب البيت الخليجي». وقد شُدَّت الرحالُ نحو الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، حيث القيادة الجديدة، ولربما الرؤية الجديدة التي ما زال الوقت مبكراً لسبر أغوارها وتحديد ملامحها، وأثرُ ذلك على البيت الخليجي والنطاق العربي والدولي. وكانت الزيارة الأولى لسمو الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت، ثم أعقبتها زيارة لسمو ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تلتها زيارة لسمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر. وقبل ذلك قام الأمير محمد بن نايف ولي ولي عهد المملكة العربية السعودية بزيارة إلى العاصمة القطرية الدوحة. والأرجح أن هذه الزيارات استهدفت التشاور بين القادة فيما يتعلق بتطورات اليمن، خصوصاً بعد سيطرة الحوثيين على مرافق الدولة هناك، وشل حركة الرئاسة، ثم أخيراً خروج الرئيس «هادي عبد ربه» إلى عدن في جنوب اليمن. لكن ربما كان الملف الأهم في تلك اللقاءات هو تقنين المواقف فيما يتعلق بالتطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة العربية. وفي هذه الخصوص يُلاحظ أن صياغة بيانات المصادر الإعلامية والأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي تبدو غير محددة، وأحياناً لا تعبّر عن حقيقة ما دار في الاجتماعات واللقاءات، ولا تضع النقاط على الحروف فيما يتصل ببعض التباينات في المواقف…

آراء

انقلوا عن هذا الرجل أنه يقول..!

الخميس ٢٦ فبراير ٢٠١٥

لا يخفى مدى الفرحة الغامرة التي أبداها إخوان السعودية وهم يركبون موجة توقعاتهم الفاسدة بتغير سياسة المملكة الخارجية والداخلية إثر وفاة حبيب القلوب وملكها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه نعيم جناته، بل بعضهم سارع بطريقة همجية ولمّا يمض على الحدث سويعات قليلة، بهجوم مستعر طالما أعدوا له العدة على رجال الملك المخلصين، وطبعاً؛ لأن الإخوان هدفهم سياسي بالدرجة الأولى، وتطلعاتهم كما هي حركية إسلامهم؛ سلطة وهيمنة عابرة للحدود لا تقدس إنساناً ولا وطناً فقد استيقظوا على صباحٍ سعّروا فيه مشاعرهم المجنونة بإفرازات التشفي والقبح الأخلاقي.. وحقيقة؛ فالتجرد للحق- بالذات عند النقد- يبقى نسبياً إلى حد كبير، لعلائق مخزونِ الميول والمشاعر وسياقات تأثيرها العاطفي، فالإنسان لا يمكنه التجرد التام عند نقد المقولات، سواء أكان نقده اتفاقاً أو اختلافاً، لأن الانتقاد عملة بشرية والتجرد التام فعل ملائكي لا بشري.. إلا أنه من دواعي الخلل مقابل الحياد- بعضه لا كله- أن تجد من يزكي مرحلة مقابل تشويه أخرى؛ برميها ظلماً وعدواناً بمفارقات مغرضة وموحلة المزاعم، هنا تتجلى حكاية المدّاحين،، وفي زمن كسد فيه سوق المدح المباشر يبقى الالتفاف على الأحداث والوقائع وتوظيفها لخدمة أهداف أهل تراب الوجوه"المداحون"سلعة رائجة.. لكن تظل هناك حقائق أشبه بعلامات فارقة تضيء طريق النقد وتكشف التوجه العام للمنقود، وعبرها يتم استظهار ما بدا أو…

آراء

«الله.. يرحمه!»

الخميس ٢٦ فبراير ٢٠١٥

«أيها الأحمق لا أصدق أنك تفكر بشراء عقار في منطقة مرسى دبي، إنها بعيدة جداً وغير مأهولة، من سيذهب إلى هناك لاحتساء كوب من القهوة، هل فقدت صوابك؟». «لا مستقبل لما يسمونه بالإنترنت، إنها موضة ستزول بعد أشهر عدة، لا تستثمر في هذا الأمر، وركّز على التجارة في أجهزة التيليكس، وربما قليل من الفاكسات». «كلمة سهم لم ترد في أي بيت شعر، إلا مع الحب أو التوفيق، عليك بالأسهم اسمع مني! نحن ناس خبرنا الحياة بحلوها ومرها». «لو كنت مكانك سأشتري عملات عراقية، بما لا يقل عن مليون درهم، بعد الحرب ستتكرر قصة اليابان وألمانيا في العراق، وسيصبح الدينار بمثيله الكويتي، ستلعب بالفلوس لعب». «لا.. لا.. لا.. لماذا تفكر بسلبية دائماً، إنها لا تخرفنك! إنني أرى الحب في عينيها، وما قصة عبلي رصيد سوى حجة أيها البليد، إنها تحبك!». «رحمه الله! نصائحه هي التي أنارت لي الدرب، وهي جميعها كما لاحظت فعلاً في مكانها الصحيح، وهي التي جعلتني على ما أنا عليه اليوم (...)، صحيح أنني أتردّد كلما وقفت على قبره بين أن أقرأ له الفاتحة أو أقوم بأمر آخر، ولكن صدقني أنا لا أحمل في قلبي أي شيء تجاهه سوى الحب، كل الحب، وذلك الإحساس المرير بفقد آخر من الطيبين». في حياة كل منا ذلك الرجل، ربما كان عاملاً…

آراء

«أمي فاطمة»!

الخميس ٢٦ فبراير ٢٠١٥

«يلوم الناس ظروفهم على ما هم فيه من حال، لكنني لا أؤمن بالظروف، فالناجحون في هذه الدنيا أناس بحثوا عن الظروف التي يريدونها، وحينما لم يجدوها صنعوها بأنفسهم». برنارد شو عودتْ «أمي فاطمة» نفسَها على زيارة الأرحام القريبين من بيتها «من سرَّهُ أن يبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه»، فكان نصيبُ ابنة خالتِها (والدتي شيخة) من زياراتها ثلاث مرات أسبوعياً. وفي كل زيارة، وبمجرد جلوسها على كرسيها المعتاد في المجلس، تطلب صحف اليوم، لتبدأ في قراءتها على مسامع أمهاتنا من الأقارب، ولطالما سمعتها تقرأ الأخبار والأشعار (شعر حمد بوشهاب وعلي بن ارحمه وربيع بن ياقوت وغيرهم). ولدتْ «أمي فاطمة» بنت إبراهيم بن عفضان في أربعينات القرن الماضي، وهي الثالثة في الترتيب بعد الوالد سعيد والوالدة آمنة. ومثل غيرها من البنات، وتعلمت القرآن الكريم عند «المطوّعة»، إلا أنها وثلة من البنات واصلن تعليمهن النظامي في مدرسة رابعة العدوية بالشارقة إلى الإعدادية. تقول «أمي فاطمة» إنها كانت تعشق العلم والمعرفة، حتى إنها بدأت وهي في سن مبكرة بمراسلة الأصدقاء والإذاعات في الوطن العربي، وكانت هوايتها جمع الطوابع، ومن الطرائف التي ذكرتها، أنّ طابعاً إسرائيلياً وصلها ذات يوم، فأحرقته فوراً! وبما أن الظروف كانت صعبة في تلك الأيام، ولأنها كانت تعيل ابنيها أحمد ونسيم، وبنصيحة من صديقتها، تقدمتْ للعمل…

آراء

أسعار جدة غير

الخميس ٢٦ فبراير ٢٠١٥

أذكر أنه قبل نحو خمسة عشر عاما قررت مع بعض الأصدقاء قضاء إجازة نهاية الأسبوع على ضفاف عروس البحر الأحمر، والتمتع بما تكنزه من تجارب سياحية متنوعة، تبدأ بالمطاعم التي تزخر بها فنادقها وأحياؤها، مرورا بالشاليهات البحرية في أبحر وما جاورها، وانتهاء برحلة صيد بحرية تمكننا فيها من التمتع بلذيذ البحر من ذلك الخير الذي شبكته "سنانيرنا" نحن الشباب الآتون من ربوع الرياض الصحراوية. أكثر ما أذكره من تلك الأيام الثلاثة ليست التجربة في حد ذاتها بقدر الصدمة التي كانت على محيا زملائي، عندما أتى دور تقاسم التكاليف المالية التي تجاوزت نحو ضعفين ونصف مما كان يمكن لنا أن نصرفه لو كنا قررنا أن نقضي التجربة ذاتها في شرم الشيخ أو دبي، وهي التجربة التي قمت بها بالفعل بعد بضعة أعوام، وبقيت تفاصيلها ومغامراتها راسخة في الذهن حتى يومنا هذا. يبدو لي أن الوضع اليوم لم يتغير كثيرا، فعلى الرغم من المجهودات الكبيرة التي تقوم بها هيئة السياحة والآثار والجهات الأخرى المعنية بتنظيم قطاع الفنادق والمساكن السياحية والمطاعم لضبط العمل والرقابة الميدانية، إلا أن نزعة واضحة من الاستغلال والجشع ما زالت طاغية على طبيعة التعاملات والخدمات المقدمة من خلال المبالغة في الأسعار ورفعها وتخفيضها وفق مزاج موظف الاستقبال الذي غالبا ما يكون من غير السعوديين. أكبر ميدان لهذا الاستغلال يكمن…

آراء

دوران الأرض.. وحالات «الاغتباط بالجهل»!

الخميس ٢٦ فبراير ٢٠١٥

طوال تاريخ البشرية الحديث، أخذت كل حالة اكتشاف علمية، أو اختراق نظري لمسلمة قديمة صيغة الانشقاق عن القناعات المثبتة، والتي أريد لها أن تكون أبدية الصواب. قناعات تم توارثها حيال الكون والطبيعة، المناخ وأصل الحياة، تكوين الأرض التي نعيش عليها وشكلها، ومستقر هذا الفضاء وغموضه وألغازه. استجابت الفلسفات اليونانية لطبيعة هذا المجال، تحدث طاليس عن أصل الماء في التكوين، وطرح المذهب الذري في التفسير لدى ديموقريطس، وأخذ هيراقليطس من النار والصيرورة أرضا بنى عليها تصوراته لوجود الكون، وسواها من الإحالات والمقاربات. بالطبع هذه طروحات قديمة وتأملية بدأت منذ المائة الخامسة قبل الميلاد، بيد أنها كانت شاحذة للأذهان التي تلتها، وامتد التأثير مع تغيرات الحالة البشرية بعد حالات التمرد مرت محاولات حثيثة تمركزت في أوروبا طوال القرون من الخامس عشر وإلى يومنا هذا، هناك ضربات تلقتها القناعات التقليدية على يد غاليليو وكوبرنيكس وديدرو وهولباخ وصولا إلى أسبينوزا وكانط ومن تلاهم على ما هو مطروح في الكتب الكلاسيكية حول تاريخ الحضارة الغربية وقصص الخروج نحو الأنوار سواء لدى ول ديورانت أو هولغين أو ماريو انفليزي، أو سواها من الأسفار. كانت الإشكالية الكبرى التي تخلصت منها أوروبا تدريجيا حال العلاقة بين «العلم» وبين «الدين»؛ فالأول متحول أما الدين فثابت. العلوم الطبيعية تتحول باستمرار، بل كل تاريخ العلم - كما يعبر الفيلسوف غستون باشلار…

آراء

الاقتصاد في الطاقة

الأربعاء ٢٥ فبراير ٢٠١٥

وزارة التجارة تمارس دورا مهما الآن من خلال البطاقات الملزمة لشركات ووكلاء السيارات بالتعريف عن كل سيارة واستهلاكها للطاقة "الوقود" لكل سيارة، وهذا مميز وجيد في تحقيق وفر الطاقة الناضبة لدينا، وايضا تكون استرشادا للمستهلاك لكي يحقق وفرا مهما ويتجه للشراء "بالمتوسط" للسيارات ذات الكفاءة العالية، ولكن هل هذا يكفي بتحقيق الوفر للطاقة؟ لا شك أنه لا يكفي، فلا زال هناك "التهريب" للوقود لدينا ولا يمكن حصر مقدار هذا التهريب قليلا أو كثيرا ولكنه موجود، وهذا يحتاج عقوبات مغلظة وقانونا خاصا به يفصل في المهربين لثروة كبيرة مدعومة من الدولة، أيضا انخفاض اسعار الوقود برأيي هو العامل الرئيس في التشجيع على هدر الطاقة والوقود فلتر بنزين أرخص من لتر ماء في بلاد صحراوية تعاني من شح الماء، وهذا يحتاج إعادة نظر "بشرط" توفر البديل في النقل، رغم كل العواطف الجياشة والحساسية بأسعار الوقود لكن يجب إعادة النظر به لا شك، وهذا ما قاله أيضا البنك الدولي ومحافظ مؤسسة النقد مؤخرا، أيضا الكهرباء الطاقة يجب أن يعاد النظر في الاستهلاك من خلال إيجاد بدائل "طاقة" للكهرباء مستقبلية مثل الطاقة الشمسية، أو الرياح أو غيرهما ويجب أن يكون هذا هدفا استراتيجيا مستقبليا ل 50 سنة قادمة للمملكة، فالنفط هو الوقود الأساسي لها سواء غاز أو غيره، والنمو السنوي يقارب 8% وهذا كبير…

آراء

ماكينة تدمير

الأربعاء ٢٥ فبراير ٢٠١٥

لطالما جادلت نفسي حول قدرة الثقافة على تغيير مسارات الأمم ومصائرها. ويشتد هذا الجدل في أوقات التأزم السياسي مثل التي نشهد هذه الأيام. تعلمت سابقا أن الأزمات تنتج سيولة في الأفكار والقيم، تفضي بالضرورة إلى تحولات اجتماعية غير معهودة. ويتسارع التحول أثناء الأزمات الكبرى كالحروب والثورات والكوارث الطبيعية، بل والكوارث السياسية والاقتصادية أيضا. كلنا لاحظ التغيير العميق في ثقافة عرب المشرق خلال السنوات 2011 - 2013. أحاديث الناس في لقاءاتهم وآرائهم المنشورة في مواقع التواصل الاجتماعي تشير إلى تصاعد شعور الفرد العربي بذاته كفاعل سياسي، مقارنة بالتصور القديم الذي يعتبر السياسة حرفة خاصة بنخبة صغيرة في المجتمع. تبعا لأدبيات التنمية يجب اعتبار هذا التطور نقلة إيجابية في كفاءة المجتمع وقابليته لحل مشكلاته، لا سيما تلك الناشئة عن تضارب الإرادات بين الأجيال القديمة ونظيرتها الجديدة. لكن واقع الحال يشهد أن التحولات المذكورة لا تتجسد دائما في فعل إيجابي تقدمي. معظم المجتمعات العربية دخل في نفق الانقسام والاستقطاب، انقسام يلبس في كل بلد عباءة مختلفة. من السذاجة نسبة هذا الانقسام إلى الاختلاف المذهبي أو تدخل الأجانب، رغم أن هذه عوامل مساعدة لا يمكن إغفالها. ما يجري في بلدان مثل ليبيا ومصر والسودان لا يمكن نسبته إلى اختلاف مذهبي أو ديني أو تدخل أجنبي. هذا يدعونا للبحث عن احتمالات أخرى. ويهمني هنا تلك…

آراء

نسبة البطالة زمن النبوة!

الأربعاء ٢٥ فبراير ٢٠١٥

فعلاً البطالة من سنن الكون الثابتة، فمثلاً كان الصيادون البدائيون يتحوّلون إلى عاطلين حين تختلف رماحهم مع مواسم هجرات السمك. كان المزارعون يفقدون دخلهم السنوي إذا عصفت بهم موجة جفاف أو غمرت أمطار حقولهم. كان البحارة يفقدون عملهم إن غرقت سفينتهم أو هاجمها القراصنة. كانت الحروب منذ بدء نشأتها تزيد عدد العاطلين، لأنها تحجب سبل التجارة وتقطع الممرات. في حالات السلم والاستقرار، تتحوّل الجيوش من قدرة عسكرية إلى جيوش من العاطلين. التاريخ يؤكد ذلك كله، إلا أن الفرق أنه لم تكن لدى المجتمعات حينها أدوات لقياس نسبة البطالة، لأنها لا تحسب قوة العمل أصلاً، ولا تكون العودة إلى ذلك سوى إعلان تنازل عن كل معطى علمي مكتسب. ربما جاز القول عند بعض المخططين، إن «أهل الصفة» كانوا حالة البطالة في مجتمع المدينة، وتباين أعدادهم من وقت إلى آخر يمثّل التغيّر في نسب البطالة بحسب طرق المعالجة وتنوّع الفرص. الفرق بين اليوم والأمس هو استقراء كل حالة، ورصد بياناتها، ودرس انعكاس تأثيرها في الحالة الاجتماعية، والبحث عن معالجات لها. ووفق معلوماتي، فإن وزارة التخطيط لا تنافس أقسام التاريخ في الجامعات، ولا تضمّ إدارة للرصد التاريخي، لأن منشأها وسبب وجودها هما أن تتعرف الى مشكلات اليوم، وتسعى إلى أن يخلو المستقبل منها. لا يجب أن تكون عين وزارة التخطيط خلف رأسها، لأن…

آراء

في مسألة أن فلاناً (أصله يهودي)!

الأربعاء ٢٥ فبراير ٢٠١٥

كان مصطفى كمال أتاتورك هو الشخصية الأولى التي تعرّفت من خلالها على فكرة (الأصل اليهودي) للأشرار أو، في شكل أدقّ، للأشخاص الذين لا نحبهم أو نريد أن نشوّههم. ثمّ لسبب ما مفاجئ تم وضع المصلح جمال الدين الأفغاني في القائمة المشبوهة. بدأت القائمة تتوسع شيئاً فشيئاً، بعد أن لقيتْ مفعولاً مؤثراً في المجتمع العربي. ثم انبعجت القائمة وفقدت الفكرة هيبتها بعد أن أصبحت مقولة: «فلان أصله يهودي» هي تهمة من لا تهمة له، كما أنها خلطت أخياراً بأشرار. فالداعية الإسلامي حسن البنا أصله يهودي والزعيم القومي جمال عبدالناصر كذلك وصدام حسين لا يخلو نسبه من عرق يهودي والقذافي تبيّن أن أسرته من أصول يهودية والرئيس الإيراني المتشدد أحمدي نجاد ينحدر من يهود أصفهان والسيسي أمه يهودية. وقائمة طويلة تشمل، إلى جانب السياسيين، دعاة ومثقفين وفنانين وتجاراً ورجال أعمال طبعاً، وقد كان زعيم الحوثيين في اليمن هو أحدث من تم إدراجه في قائمة ذوي الأصول اليهودية. حديثي هنا ليس عن نفي أو إثبات الأصول اليهودية لقوائم «المشتبه بهم» أو المغضوب عليهم من مشاهير العالم العربي أو الإسلامي، بل هو عن تأويل فكرة التعلق بتهمة الأصل اليهودي لتفسير المواقف الرافضة أو الكارهة لشخصٍ ما، فالاستسهال في توظيف هذه التهمة سيحيل إلى استنباطين: الأول: أن كل ذي أصل يهودي لا بد أن يكون…

آراء

«السرواليون الجدد..!»

الأربعاء ٢٥ فبراير ٢٠١٥

لم يخلُ «الكاليندر» الخاص بي،طوال العامين الماضيين، من دعوة لأمسية ثقافية أو لحفل توقيع كتاب أو حضور ندوة لمفكر عالمي، لقد خدعتهم جميعاً بلبس قناع المثقف، صدقني لم يكن الأمر صعباً، نظرة مجنونة تضعها على وجهك، استخدام مصطلحات لا يفهمها غيرك مثل: «استحلاب السوائل الفكرية المجهضة ثورياً»، أو «الارتجاع الجيوسياسي للعقل الجمعي»، وجملتي المفضلة: «تناضح الاختلاف الجيلي مزدوج الفكر»، لعيب يا ولد! تخيل حين يأتي أحدهم ليسأل عن الحديث الدائر عن الوحدة الخليجية وأقول له: بالطبع هي خطوة على الطريق الصحيح ولكن علينا حل إشكالية تناضح الاختلاف الجيلي مزدوج الفكر، هل ستتوقع أنه سيستمر في الحوار؟ لقد كانت لكمتي قاضية، بالمناسبة هل تذكرون حين كنا صغاراً نحلم بالوحدة العربية، «العربييييي، العربية»، اليوم نحلم بالوحدة الخليجية، هل أتخيل أن «نطاق الألواح التكتونية القابلة للاتحاد» يصغر؟ أم أنني مخطئ؟ المهم بعيداً عن القصص التي تأخذك في رحلة لاكتشاف نجوم المجرة، في العام الأخير انقطعت الدعوات الموجهة لي، لماذا؟! لا أعرف يبدو أنهم اكتشفوا أمري! قمت بعمل «أبديت» جديد لما يجب على المثقف أن يكون عليه، فاكتشفت أنه في فيرجن 2015 عليك أن تكون ملماً بشكل كامل بالأعمال الفنية، حسناً في حياتي المليئة بالحل والترحال والتجارب والخرفنة لم ازر سوى «غاليريا» واحدة لعرض اللوحات، وبصدق فقد كانت نصف اللوحات المعروضة هناك «خرابيش جاج»،…