عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

«أن تعيش في البعد الآخر!»

آراء

لطالما كنت مغرماً بروايات العوالم الأخرى، ولطالما جذبتني عناوين قصص البعد الآخر، تلك العوالم التي تعيش معنا ولكن ذبذباتها مختلفة فلا نحس بها ولا تحس بنا، عوالم خلدها الكثير من كتاب ما يعرف بأدب الخيال العلمي، من أمثال جون فيرن وهيربرت ويلز ومصطفى محمود ونبيل فاروق وغيرهم، تلك العوالم التي تحولت بنجاح كبير إلى أعمال سينمائية شهيرة، مثل «ماتريكس» و«أفاتار» وغيرهما، ترى في بعضها شكل العالم إذا كان النازيون قد انتصروا، وتحول بعضها العوالم الموازية إلى مجتمعات مثالية.

كنت دائماً أحلم بأن أعثر على ثغرة بين عالمنا وعالم موازٍ آخر، وأرى «أنا» هناك كما أحب أن أراه ، أرى «أنا» الآخر الذي لا يدمن شطة تاباسكو ولا يجري عملية بواسير كل شهرين، أرى «أنا» المثالي الذي لا يرتبك أمام المرمى، ولا يضيع الأهداف من فرص محققة ولا يطرده المدرب كل يوم، أرى «أنا» الذي يعرف ما يريده «أنا»، ويعرف كيف يصل إليه، أرى «أنا» الذي لا يكون في عواطفه مجرد خروف كبير، وبلا قرون بالطبع!

لم يطل انتظاري كثيراً لكي أصل إلى ثغرة تصلنا بالعوالم الموازية، فهناك على بعد شارعين من منزلي يوجد ذلك الصديق الذي كنا نعتقد أنه قد توفي منذ زمن، رأيته مصادفة أمام المخبز بدا كأنه قد خرج للتو من «الرقيم»، سألته إن كان يمارس أي نوع من أنواع الرياضة أخيراً، فأكد لي بفخر أنه حاز كأس العالم في «فيفا 2013» ثلاث مرات، يومياً بالطبع، وأنه يتغلب على كل الفرق المنافسة في (ويننج إليفين winning eleven)، وكثيراً ما يمارس المصارعة في لعبة WWE الشهيرة، ويفكر في ممارسة رياضات عدة أخرى في (GTA 5) بمجرد وصولها إلى أسواق الدولة!

سألته عما إذا كان قد تزوج، فأخرج لي من محفظته صورة «يونا» بطلة لعبة «فاينال فانتسي»، وأكد لي أنه أنقذها من الموت، وأن علاقة «خاصة» تربطهما، كما أكد لي امتلاكه العشرات من «الخطيبات» في عالم (imvu)! نظرته الساخرة حطمتني، حين سألته عما قدمه للوطن، فقد أكد لي أنه جعل جيوشنا في المركز الأول في كل من لعبتي (Generals) و(عودة يوري)! لا أعلم إذا كان قد حج عبر «فيس بوك» أو الـ«MSN»، ربما من يدري! طلبت منه أن (يقرب) لأني أقيم مأدبة طهور متأخر لأحدهم في منزلي، فأكد لي أنه مرتبط بـ(لمه) في «الواتس أب» ودعاني للمشاركة!

لدينا مركز (عونك) لتأهيل المدمنين في الخوانيج بدبي، وأكبر مركز لإعادة تأهيل المجرمين في الوثبة، ومراكز الطفولة والأسرة لتأهيل الذين تعرضوا لظروف خاصة، لذا فنحن بحاجة حقيقية وسريعة إلى استنساخ التجربة، وإنشاء مراكز لإعادة تأهيل الذين يعيشون في عوالم أخرى قبل أن تتفاقم الحالة، خصوصاً أنهم يعيشون في عوالم موازية مشكلتها الوحيدة أنها تتقاطع معنا!

.. والله يرحم أيامك يا (صخر)!

المصدر: الإمارات اليوم