حليمة مظفر
حليمة مظفر
كاتبة سعودية

إلى “الأوسكار” مع “غمزة عين”!

آراء

كيف يتم وصول فيلم سينمائي سعودي لمخرجته الملهمة بالنضال هيفاء المنصور إلى “الأوسكار” ضمن الترشيحات الأولية، بينما لا توجد لدينا حتى اليوم سينما؟

هذا السؤال الذي يسأله الآخر كثيرا خارج حدودنا الجغرافية باستغراب، ولا يحتاج لإجابة منّا! ربما إيماءة بالرأس تكفي مع “غمزة عين” كتعليق ساخر، فنحن أعرف بالحال، فهو نفسه مع المسرح السعودي حين تعرف أن عددا من المسرحيات التي يقدمها سعوديون في المهرجانات الدولية والعربية تفوز بالجوائز الكبرى، بينما لا يوجد لدينا حتى اليوم دور مسرحية مخصصة.

إنه الحال نفسه للسعوديين الذين يدفعون آلاف الريالات قيمة تذاكر سفرهم وتكاليفها إلى بلدان مجاورة من أجل مشاهدة فيلم بقيمة ستة وثلاثين ريالا تقريبا! إنه الحال الذي يجعل كثيرا من القادرين ماديا يخصصون غرفة في منازلهم لأجواء السينما!

والحقيقة، أن”كل ممنوع مرغوب”، لكن ما ندركه هنا هو أنه لا رغبة لنا في الإجابة عن السؤال ببداية المقال والاكتفاء بغمزة عين، لأننا وصلنا إلى يقين بأنه لا يمكن إيقاف الحاجات الإنسانية ومنعها من التعبير، والسينما حاجة إنسانية في عصرنا الحاضر وتجاهلها أو منعها لا يعني إلا مزيدا من السكون والتجمد الزمني، في ظل منافسة المجتمعات المحيطة بنا في التقدم لتعزيز ثقافاتها القومية، والسينما ليست حاجة إنسانية فقط، بل ثقافية ووطنية وإعلامية واقتصادية.

يمكنكم معرفة ذلك حين نرى تأثير السينما الأميركية في أبنائنا ومن قبلها تأثير السينما المصرية. إننا ـ ببساطة ـ نعرف عن القاهرة ونيويورك ونيودلهي أكثر مما نعرفه عن نجران وحائل وعسير وجازان! هذا بفضل السينما وتأثيرها. إنها الدراما التي جعلت العالم يحب أميركا ويرى أنها أرض الأحلام رغم ما فعلته في الفيتنام ورغم حروبها الشرق أوسطية، وهي ذاتها التي جعلت ماركات أميركية تجارية تفرض نفسها في أنحاء العالم اقتصاديا وثقافيا، فالسينما اليوم أهم وأقوى وأسرع وسيلة إعلام تأثيرا وانتشارا، وقد كتبت عن ذلك مرارا وتكرارا.

أخيرا، الحاجة الإنسانية لا يمكن حجبها لأنها كما الشمس، تشرق كل يوم وتغرب، لكنها تولد من جديد، وكما هو معروف، فإن الإبداع يُولد من رحم المعاناة، وهكذا وُلد “وجدة” الفيلم السعودي الرشيق في فكرته، مصورا طفلة سعودية تحلم بشراء وركوب “الدراجة” في مجتمع يرى في لعبها بها حقا للذكور فقط.
لقد أبدعت هيفاء المنصور في نضالها السينمائي بعد أن آمنت بأحلامها، فأوصلت بمجهودها الفردي ـ رغم العوائق ـ حلمها إلى العالمية، فيما ما تزال أحلامنا بمشاهدة الفيلم الذي قد يفوز بالأوسكار معلقة، لأن من يرغب بذلك عليه دفع آلاف الريالات لأجل السفر.

المصدر: الوطن أون لاين