التربية بالحب

آراء

خاص لـ هات بوست: 

الأبناء هم مرآة الوالدين، فكما يكون الوالدين في علاقتهم بأبنائهم يكون الأبناء، فالعلاقة الحميمة الهادئة البسيطة المتواضعة الراقية حساً وشجوناً بين الوالدين تنعكس على ود وعاطفة الأبناء وهدوئهم واستقرارهم النفسي.

وكلما تطور الآباء إنسانياً وسلوكياً تطور الأبناء، فقوة الطفل تكتسب من قوة الحُلم والصبر من الآباء على الأبناء، ولا أعني بذلك الغض عن توجيه الطفل عند ارتكابه لخطأ ما، خاصةً في التعامل مع المربيات، أو رفع أصواتهم بالصراخ، أو الجري واللعب في أماكن غير مخصصة للعب.. إلخ، بل أقصد التعامل بهدوء مع المواقف التي تتعرض لها مع طفلك، فإن واجهت صراخ طفلك بصراخ، فسيتعالى صراخكم معاً.

عندما يرزقك الله سبحانه وتعالى بهذه النعمة العظيمة وترزق بطفل، استمتع في تربيته، ولا تفكر في التربية كمسؤولية مخيفة وضغط، بل فكر به كمصدر فرحة لك وللأسرة.. ولادة طفل، هي إضافة جديدة للحياة وليست انقلاباً في حياتك، والتغيير لا مفر منه ولكن عليك أن تتكيف وتجعله تغييراً إيجابياً، فعندما لا تتكيف وتتغير حياتك بحيث تصبح غير منظمة، تكون أنت السبب في التغيير السلبي وليس الطفل.

وعندما نقول تربية، لا نعني بذلك توفير الطعام والكساء والمنزل لهذا الطفل، بل نقصد أن تربيهم على الأخلاق والمبادئ والقيم، وأن تعلمهم كيفية التعامل مع من حولهم برقي، فكما تكون أنت سيكون أبناؤك، غير أنه ومع الأسف فإننا نجد أناساً اليوم يفاخرون بتسلط لسان أبنائهم بحجة أنها قوة وبأن الحياة تحتاج لسلاطة اللسان وعلو الأصوات!

عوّد أبناءك على الحب، واجعله أسلوب حياة، ووقتئذ ستلاحظ قوة علاقة الأخوة ببعضهم، ومدى خوفهم على بعضهم، كما ستلاحظ أن خوف الأبناء من الوالدين سيكون نابعاً من خوفهم على امتعاض أو عدم رضا الآباء، وكونهم ليسوا على مقدار الثقة التي مُنحت لهم، وليس خوفاً من عقاب ما.

وعلم أبناءك بأن هناك أماكن مخصصة للعب والقفز والجري، وأن ذلك الأمر غير مقبول في غرفة المعيشة أو محلات التسوق، وعلمهم على طلب ما يرغبون به بهدوء عوضاً عن البكاء والصراخ، علمهم على الهدوء، لأنه إذا علا صوتك على طفلك فيسعلو صوته، إذاً إزعاجه لك أنت السبب فيه، وتأكد إذا واجهت بكاء الطفل بالهدوء سينشأ هادئاً.

واعلم أنه كلما كنت أقرب لأطفالك كانوا هم سنداً لك.. ولكن من دون أن تنتظر من أبنائك أي مقابل، لأنهم هبة من الله لك ويجب عليك أن تحافظ عليها وتعطها الحب والأمان.. ولتكن أنت سباقاً بالعطاء لا منتظراً له، كما يجب عليك ألا تتأثر أبداً إذا ما شغلتهم الحياة، فالحياة دائماً تشغل الجميع.. وإذا ما أصبحوا قريبين منك، فاحمد الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة، لكن إذا شغلتهم الحياة فادعو لهم بالتوفيق، من دون أن تشعر بأي شعور سلبي أو غضب تجاههم.

أحبهم فسيحبونك.. ابتعد عن التحكم.. عاملهم بحب.. ثق فيهم.. علمهم الثقة والاعتماد على النفس.. وعلى الصدق.

التربية لا تعني المسئولية المقيتة، وإنما تعني المسؤولية المريحة، فهي أسلوب حياة، ومنتج تراه يكبر أمامك بحب يوماً بعد يوم.