الرياضة.. استثمار ومحبة

الأحد ١٥ أغسطس ٢٠٢١

قيل إن للموسيقى أثراً يتجاوز الحِكم والفلسفات، ولعل الرياضة لا تختلف عن الموسيقى في هذا المجال، لما لها من قوة تأثير إيجابية هائلة تتجاوز اللغات والثقافات. سواء كانت الرياضات فردية أم جماعية، أولمبية أم غير أولمبية، وسواء أكان ممارسها هاوياً أم محترفاً، فجميع الرياضات والرياضيين يتكلمون لغة واحدة، تتكون حروفها من مبادئ وقيم سامية، كالنزاهة والعدالة، والتعاون والانضباط، والإصرار وروح التحدي. ولا يقتصر أثر الرياضة على تعزيز اللياقة البدنية لممارسها فحسب، بل إنها تقوي المناعة، وتنشط الصحة العقلية، وتقوي ثقة الإنسان بنفسه وتقديره لذاته، ويعتبرها البعض «إكسير السعادة» وأفضل علاج للاكتئاب والقلق. كما أن الرياضة من أفضل وسائل الترفيه والتربية، ورافد مهم للنمو الاقتصادي من خلال ما يعرف بالسياحة الرياضية، إذ تتنافس الدول على استضافة بطولات دولية تحقق للدولة المستضيفة الكثير من العوائد على المدى القصير والبعيد. ويمتد أثر الرياضة الإيجابي أيضاً إلى متابعيها، لما تضفيه من أجواء حماسية وممتعة أثناء متابعة المنافسات. وتعرف الرياضة كأداة لنشر قيم السلام والتقارب بين الشعوب لقدرتها على تخطي حدود الثقافات، وأكبر مثال على ذلك مشاركة أكثر من 200 دولة في الألعاب الأولمبية، أكبر مسابقة رياضية على مستوى العالم، يلتقي فيها الرياضيون ويتنافسون بغض النظر عن العلاقة السياسية بين دولهم وبين المتسابق المنافس أو الدولة المستضيفة. ولأن الرياضة يمكن أن تكون أداة للتغيير في…

الملهمة (2)

الأحد ٠١ أغسطس ٢٠٢١

كما أن للإبداع الفني والأدبي ملهِمين يحفزون المخيلة، فإن للحكومات أيضاً ملهميها، فهل سمحت لك الفرصة أن تعمل مع أحد ملهمي الحكومات؟ أم أنك أحدهم؟ أو أحد المنضمين لمدرسة الإلهام الحكومي في دولة الإمارات؟ في عالم استحوذ عنصر الإبهار فيه على القطاع الخاص لعقود، جاءت حكومة دولة الإمارات لتقلب الموازين والأعراف حتى ترسخت في العقول والقلوب كعنصر إبهار عالمي على جميع الصعد. وباتت حلماً تحقق لقادته وحلماً يتمناه الكثيرون، وتجربة استثنائية رائدة مسطرة في التاريخ. وإذا كان للعمل في القطاع الخاص بريقه، فالقطاع الحكومي في دولة الإمارات بات له بريق أخاذ يشد الأنظار، بل يخطف الأبصار؛ ذلك أن مختلف الجهات الحكومية أو مؤسسات الدولة قد شهدت تحولاً كبيراً في بنيتها سواء أكان ذلك على مستوى منشآتها الفخمة الراقية، المهيأة للعمل وتقديم الخدمات بمستوى 7 نجوم، أو على مستوى المهنية العالية التي يتمتع بها موظفوها. ومع أن مؤسسات وشركات القطاع الخاص لم تفقد بريقها، وهي التي عرف عنها دائماً أنها جهات رائدة في المهنية وصقل المواهب، إلا أن طبيعة العمل الحكومي في دولة الإمارات أصبحت تنافس كبريات الشركات العالمية، لا بل أصبحت تضاهيها في بناء القدرات وتخريج كفاءات مواطنة على مستوى عالمي. وتتمتع بعض هذه الجهات بقوة كبيرة وقبول من المجتمع، وهو شيء لم يكن ممكناً تحقيقه في الماضي. نموذج العمل…

الملهمة (1)

الإثنين ٢٦ يوليو ٢٠٢١

لم تكن مسيرة الإبداع الإنساني وليدة صدفة أو حدثٍ طارئ، أو تطوراً طبيعياً في سياق تاريخي، بقدر ما كانت تراكماً للخبرات التي شكلتها تجارب ومواقف ألهمت البشر ليواصلوا مسيرة التقدم والبناء، وليحققوا في فترة بسيطة من عمر الكون الواسع قفزات واسعة نقلت الإنسان إلى المستقبل. الإلهام.. كلمة سر التطور الإنساني والمحفز للكثير من التجارب المذهلة في مختلف الميادين، والتجربة أو الشخصية أو القصة الملهمة هي مفهوم يتلخص في العنصر المحفز للعقل البشري على الإبداع، والابتكار والإنجاز في مختلف المجالات، الأدبية والفنية والاجتماعية والاقتصادية، وحتى في عمل الإنسان اليومي، في العمل المؤسسي، في الحكومة وفي القطاع الخاص وفي مختلف مجالات النشاط البشري. وللإلهام مصادر كثيرة، قد تتمثل في خلوة مع النفس، في العودة إلى الطبيعة، في الاستماع إلى الموسيقى، في القراءة، في لقاء أشخاص جدد، في معايشة تجارب مختلفة، في كثير من الأشياء البسيطة التي قد لا يلقي المرء لها بالاً، لكنها تكون مُحفزاً للإنجازات العظيمة. ونلاحظ عادة أن الفنانين والكتاب يتقصدون الخلوة الذاتية في أماكن مختلفة، تتميز بخصوصيات جمالية معينة، وربما تكون صاخبة أحياناً، ومجللة بالصمت والسكينة أحياناً أخرى؛ لكي يتمكنوا من الكتابة. كما نجد بعضهم يحرصون على الالتقاء مع شخصيات مختلفة في المجتمع للحوار في العديد من القضايا، وهكذا تتسع دائرة خبراتهم ومدركاتهم، ويستلهمون أعمالهم، ويخرجون بمؤلفات شائقة، تشق…

.. كن أنت من يأخذ بيدهم ..

الإثنين ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٠

خاص لـ هات بوست: يتحدث الكثيرون عن أنواع المديرين وأساليب الإدارة، إلا أنني لم أقرأ كثيراً عن القادة الذين يلتفتون إلى أحد الموظفين الإداريين ويسعون لتشجيعهم من خلال منحهم الثقة وإعطائهم مهام إضافية بهدف تشجيعهم على التعلم وتطوير الذات وليس بهدف إنجاز المهام المتراكمة والمتأخرة. وهنا لي وقفة مع قصة إحدى الزميلات عندما بدأت حياتها المهنية الـ20 من عمرها، كموظفة استقبال في إحدى الشركات، وبرغم مسؤوليات العمل في هذا العمر الصغير، إلا أنها كانت تتحمل مسؤولية والدتها وإخوتها الصغار أيضاً، وفي وقت لاحق استكملت دراستها الجامعية حتى أنهتها بالرغم من ساعات العمل الطويلة في الشركة التي تمتد من 8:00 صباحاً إلى 5:00 عصراً، وبعد أن تنهي ساعات العمل الرسمية، تتوجه إلى الجامعة، وهكذا، حتى نالت شهادة البكالوريوس من جامعة مرموقة. كانت الموظفة تبذل جهداً إضافياً ملحوظاً، وبتفانيها في العمل كسبت ثقة قائد الشركة الذي رأى فيها الالتزام والصدق والإخلاص فقدم لها الدعم.. كترشيحها للدورات التدريبية، وحضور مؤتمرات محلية ودولية، إضافة إلى تجربة العمل في أقسام مختلفة في الشركة، وتدرجت الموظفة في المناصب، واليوم وبعد مرور 10 أعوام في الشركة نفسها أصبحت مدير قسم الشركاء الاستراتيجيين. لم تكن هذه الموظفة لتحصل على أية ترقية ما لم يكن قائد الشركة ذو رؤية ثاقبة، فقد منحها فرصاً عدة، ومنها تغطية الشركة لتكلفة الدراسة…

التربية بالحب

الأربعاء ١٨ نوفمبر ٢٠٢٠

خاص لـ هات بوست:  الأبناء هم مرآة الوالدين، فكما يكون الوالدين في علاقتهم بأبنائهم يكون الأبناء، فالعلاقة الحميمة الهادئة البسيطة المتواضعة الراقية حساً وشجوناً بين الوالدين تنعكس على ود وعاطفة الأبناء وهدوئهم واستقرارهم النفسي. وكلما تطور الآباء إنسانياً وسلوكياً تطور الأبناء، فقوة الطفل تكتسب من قوة الحُلم والصبر من الآباء على الأبناء، ولا أعني بذلك الغض عن توجيه الطفل عند ارتكابه لخطأ ما، خاصةً في التعامل مع المربيات، أو رفع أصواتهم بالصراخ، أو الجري واللعب في أماكن غير مخصصة للعب.. إلخ، بل أقصد التعامل بهدوء مع المواقف التي تتعرض لها مع طفلك، فإن واجهت صراخ طفلك بصراخ، فسيتعالى صراخكم معاً. عندما يرزقك الله سبحانه وتعالى بهذه النعمة العظيمة وترزق بطفل، استمتع في تربيته، ولا تفكر في التربية كمسؤولية مخيفة وضغط، بل فكر به كمصدر فرحة لك وللأسرة.. ولادة طفل، هي إضافة جديدة للحياة وليست انقلاباً في حياتك، والتغيير لا مفر منه ولكن عليك أن تتكيف وتجعله تغييراً إيجابياً، فعندما لا تتكيف وتتغير حياتك بحيث تصبح غير منظمة، تكون أنت السبب في التغيير السلبي وليس الطفل. وعندما نقول تربية، لا نعني بذلك توفير الطعام والكساء والمنزل لهذا الطفل، بل نقصد أن تربيهم على الأخلاق والمبادئ والقيم، وأن تعلمهم كيفية التعامل مع من حولهم برقي، فكما تكون أنت سيكون أبناؤك، غير أنه…

أثر برامج التميز الحكومي على جودة الحياة

الثلاثاء ١٠ نوفمبر ٢٠٢٠

 خاص لـ هات بوست: أصبحت دولة الإمارات نموذجاً ملهماً للحكومات، ووجهة للاستقرار والنمو يحلم بها الكثيرون من مختلف دول العالم. وقد يتساءل البعض عن أسباب وصول دولة الإمارات العربية المتحدة إلى هذا المستوى المتقدم من النماء والرقي في زمن قياسي، سواء في خدماتها أو في أسلوب حياة القاطنين على أرضها، فكل من يعيش على أرض الإمارات ومن يتابع أخبارها، يعلم يقيناً بسرعة التطور والنمو الذي تشهده الدولة في مختلف قطاعاتها، والتي أثمرت عن تحقيق التنمية الشاملة وتبوؤ مراكز عالمية متقدمة في أهم مؤشرات التنافسية والكفاءة الحكومية. ولعل من أهم النتائج التي يستشعرها الجميع، رؤية قوة اقتصادنا وتنوعه، إضافة إلى البنية التحتية التي تتمتع بها الإمارات، والخدمات التي يحصل عليها المواطنين والمقيمين على أرض الدولة، والذين يتسمون جميعاً بالإيجابية ويتنافسون لتحقيق إنجازات رائدة. وبالطبع يوجد العديد من الأسباب لتحقيق هذا النمو العظيم، ويأتي في مقدمتها برامج التميز الحكومي التي تتميز بها دولة الإمارات العربية المتحدة، وأحدثها منظومة التميز الحكومي الإماراتية التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، والهادفة إلى تطوير أداء الجهات الحكومية وأفرادها، علماً أنها تعد المنظومة الأولى من نوعها في العالم التي صممت من الحكومة إلى الحكومات، وهي منظومة تراعي الاختلاف والخصوصية في طبيعة عمل الجهات…

بين الكمال والرشاقة

الثلاثاء ٠٣ نوفمبر ٢٠٢٠

خاص لـ هات بوست:  في الستينات من القرن الماضي، برز بقوة مصطلح "الإنتاجية"، ووقتذاك كان هذا المصطلح مرتبط بالأعمال الزراعية؛ حيث كان التجار يتنافسون في توظيف الأيدي العاملة لتسريع عملية الحصاد. وفي وقتنا الراهن أصبحنا مولعين بالإنتاجية بشكل أوسع من ذي قبل، لأنها تعدت عالم الزراعة والصناعة والاقتصاد إلى الإنتاجية المهنية والشخصية، فالإنتاجية التي كانت مبنية على نسبة المخرجات مقارنة بنسبة المدخلات أصبحت تُقاس بالمخرجات ذات القيمة والأثر مقارنة بالوقت والموارد. وفي اليوم الذي نتحدث فيه عن مهارات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، لم تعد ساعات العمل الطويلة سبباً في تحقيق الكمال والإتقان، بل إن مصطلح التنافسية قد حل بديلاً لمصطلح الإنتاجية، ولم تعد المنظمات المتخصصة في تقييم الأعمال المؤسسية تقيس الإنتاجية كعامل رئيسي، وإنما أصبحت تركز على الرشاقة المؤسسية والتنافسية. وبالرغم من أن التركيز على الإنتاجية بمفهومها القديم قد قلّ، وأصبح التركيز أكثر على القيمة الحقيقية للمخرجات وأثرها، إلا أن البعض مازال يعتقد أن قضاء ساعات طويلة من أجل إنجاز كم كبير من الأعمال أو حجم كبير من المهام هو السبيل نحو الوصول إلى الكمال والصورة المُثلى للموظف المتفاني في عمله، ولو سلمنا بهذا الأمر فلن نعتبره خللاً كبيراً، ولكن أن يتحول الكمال إلى نوع من الوسواس القهري، فهنا تكمن المشكلة. لا أحد يستطيع أن يصل إلى الكمال أبداً لأن…

الإمارات أنموذج القوة الناعمة

الأربعاء ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٠

خاص لـ هات بوست: يُعد مصطلح "القوة الناعمة" أحد أبرز المفاهيم التي انتشرت بقوة في العالم خلال السنوات الأخيرة، ولعله مصطلح يستخدم للحديث عن أقوى النماذج في المجتمع، خاصة عندما تتحدث هذه النماذج بلغة عالمية أو بلغة العولمة، ويمكنها أن تروّج للبلد بطريقة سلسلة وجذابة لأغلب الناس، بحيث يتعرف العالم على هذه الدولة ليس فقط من خلال العلم، بل من خلال الأشخاص والنماذج المتميزة، التي تشملها، مثل: نجوم كرة القدم، والمفكرين، والعلماء، والفنانين، والكتاب والأدباء، ورواد الأعمال، والصحفيين غير المتطرفين. "القوة الناعمة" هي تلك الشخصيات المحبة للسلام والاطمئنان ونشر الثقافة العالمية، وغالباً ما تتحدث بأكثر من لغة، وتتصف بالإيجابية. فضلاً عن أنها شخصيات مثقفة منفتحة على ثقافات الدول الأخرى، والأهم أنها قريبة ومقبولة من مختلف الثقافات، ولا بد أن نذكر هنا الفنان الإماراتي الكبير حسين الجسمي الذي أصبح نموذجاً للتسامح واشتهر بذلك في العديد من الدول، فأضحى واحداً ممن يمثلون القوة الناعمة لبلدته. عليه، من المهم جداً الاستثمار في الأشخاص ذوي الشغف المتعدد والمهارات المختلفة، كالطبيب الناجح في مهنته، ومتمرس في عزف إحدى الآلات الموسيقية، ومشهور على قنوات التواصل الاجتماعي، أو مهندس متخصص في مجال نادر وفي الوقت نفسه كاتب روايات ومقالات متميزة، وخطاط محترف، أيضاً قد يكون رساماً ونحاتاً ذو لمسة خاصة جداً لا يختلف اثنين في العالم على…