عبده خال
عبده خال
كاتب و روائي سعودي

تخصص في قتل الأبناء

آراء

في أقل من شهر قتلت طفلتان في منطقة واحدة وعلى يد الخادمة.

وبهاتين الجريمتين تنضم إسراء ولميس لقافلة الأطفال المغدور بهم.

والسؤال المتأخر الذي يجب علينا أن نقف عليه: لماذا توحشت الخادمات ولم يعد أمامهن من تعبير عن حالتهن النفسية إلا القتل؟ وقتل من؟ قتل أطفال أبرياء؟

ولنترك إجابة السؤال لكل فرد منا ليعطي إجابة لأسباب هذا العنف المفرط.

وحين أقول مفرط، كون هذه الوحشية تكررت في مقتل أطفال سابقين، فمثلا الطفلة (تالا) التي قتلت على يد الخادمة الإندونيسية، وكانت حادثة القتل من البشاعة ما لا يحتمله إنسان، إذ وصفت الأخبار ــ حينذاك ــ تلك الجريمة بإقدام القاتلة على فصل رأس الطفلة عن جسدها بالساطور. وبالأمس وأنا أقرأ تفاصيل مقتل (إسراء) على يد خادمة أسرتها استشعرت بوحشية ووعورة نفسية القاتلة، إذ كيف يمكن لامرأة أن تقدم على كل هذه الوحشية مهما حدث ومهما واجهت من تعنيف من قبل مستخدميها.

وهذا العنف لا يتسق مع النفس السوية مهما جابهت من ضغوط نفسية أو معاملة سيئة.

ومآسينا مع الخادمات غدت من الطرق المغلقة بسبب استعصاء المجتمع ورفضه البات التخلي عن الخادمات، ولأن وجود الخادمة ارتبط بظرفية ما، كان لزاما استقدام العاملات وانساق الجميع لهذا الاستقدام من غير شروط في البدء ثم تنبهنا إلى الضرر الذي يمكن أن يلحق بنا من الجانب الصحي، فتم الاشتراط أن تكون العاملة خالية من الأمراض المعدية، بعد أن حدثت كوارث مرضية تم نقلها من تلك العمالة.. ومع ظهور الجرائم هنا وهناك لم تتنبه الجهات المعنية بالجانب السلوكي والنفسي لتلك العمالة، وكان يجب أن تخضع العمالة إلى فحص نفسي قبل وصول العمالة إلى البلاد..

وهو المقترح الذي ذكرته بعد اقتراف الخادمات للعديد من حوادث العنف على الأسرة أو على أنفسهن بالانتحار أو رمي أنفسهن من الأدوار العليا.

إذا نحن بحاجة ماسة إلى إدخال شرط السلامة النفسية لاستقدام الخادمة (أو العاملة بصفة عامة) كاحتراز أولي، ثم علينا التفكير الجدي بإنشاء شركات تقدم الخدمة المنزلية بالساعة؛ لكي لا يحدث للخادمة تفرد داخل البيت مع الأطفال، وفي هذا حماية نفسية للخادمة، إذ أن كثيرا من الخادمات تصاب بالأمراض النفسية والهواجس بسبب عزلتها ووحدتها، ما يجعل أي تعنيف يتضخم في داخلها ويتحول إلى عدوان على الأسرة باختيار الأضعف من أفراد الأسرة من أجل الانتقام.

وبما أن وجود الخادمة غدا ضروريا وفكرة الاستغناء عنها غير واردة بتاتا، فإن الحوادث التي تتكرر بصورة دائمة تستوجب إيجاد حلول تضمن سلامة الأسرة، وتضمن سلامة الخادمة أيضا.

المصدر: صحيفة عكاظ