تخيل ( الموناليزا ) فيديو !

آراء

في عام ٢٠١٢ و ضمن فعاليات قمة أبوظبي للإعلام ، وفِي إحدى جلسات المؤتمر ذكر السيد مارك ثومسون الرئيس التنفيذي لنيويورك تايمز بأن خلال عقد من الزمن سيُصبِح بإمكاننا بث الفعاليات و الأحداث عبر الهاتف الذكي بدلاً من أطنان من التجهيزات الفنية المعقدة من كاميرات متخصصة و كيلومترات طويلة من الكوابل الملونة و المترامية الأطراف و إضاءة تكفي لإشعاع النور في قرية كاملة في أحد ضواحي افريقيا بالإضافة إلى غرفة نقل تحكم تشبه مركبة الفضاء و عشرات من الكوادر هنا و هناك ولا ننسى طبعاً التجهيزات الخاصة بالأقمار الصناعية وأجهزة الحقن الفضائي! 

كان بجانبي أحد الزملاء الإعلامين أصحاب الخبرة الطويلة يبتسم و يهز برأسه نكراناً وقال لي ما رأيك بفنجان قهوة إسبرسو بدلاً من هذه المبالغات، فأشرت إلى إذني بأني مستمتع بالجلسة والقهوة علي ولكن بعد الجلسة ! ، بالطبع لست من الأشخاص الذين يقولون ( لا ) للقهوة فنحن ندين لها الكثير و تكفي أنها عذر الحياة لنا ! و بالطبع كانت القهوة بعد الجلسة مباشرة مع صديقي الذي لم يعجبه الطرح! ويسألني : بصفتك خبير في المجال، أليس هذا إضاعة للوقت؟! وكان جوابي، أولاً لا أدعي الخبرة فأنا أؤومن بمشوار التعلم المستمر وأن في عصر المعلومات كل شيء ممكن، و أشرت أنني أرى حسب قراءة بسيطة المجريات حولنا والتطور التقني الهائل مع ثورة الانترنت أننا مقبلون على عصر بركان معلوماتي و سنتجاوز مرحلة المعلومة في أي زمان و أي مكان! إلى مرحلة المعرفة تجري إلينا كالشلال مستمتعون بأجوائها ولا نستطيع ايقافها، لذا أرى أن هذا اليوم قريب و قد يكون أقرب من عقد إذا ما حاولنا استشراف المستقبل و التطورات الهائلة! بالطبع ضحك صديقي وقال أنتم المهوسون بالتكنولوجيا دائماً ما تبالغون وتنظرون للأمور كلعبة جديدة في السوق بغض النظر عن نضوج الفكرة وقدرتها على التحول لواقع حقيقي و تجاري متداول!

طبعاً عودة للوراء، في عام ٢٠١٢ كانت هناك طفرة على مستوى منصة فيسبوك بانتشار تدريجي منذ انطلاقها في عام ٢٠٠٤، وكان تويتر ما زال في بداياته المتعثرة رغم الانطلاقة الخجولة في ٢٠٠٦ مع عدم تكون الهيئة الأخيرة له علماً بأن عام ٢٠٠٦ كان تويتر يضم ألف مستخدم فقط واليوم يتجاوز العدد إلى أكثر من ٣٧٠ مليون مستخدم نشيط، في حين كانت منصة انستغرام التي بدأت سنة ٢٠١٠ بمليون مستخدم لتصل الآن إلى حوالي ٧٠٠ مليون مستخدم في ٢٠١٧، وبالطبع لم تكن هناك المنصات المنتشرة حالياً كبيرسكوب و سناب شات ولَم تكن طفرة محتوى الفيديو قد بدأت لعدم وجود السعات السحابية و سرعات الانترنت المحدودة و طبعاً ضعف قدرات الأجهزة الذكية و كاميرات الهاتف آنذاك والتي كانت تنتظر الطفرة !

كان هذا في عام ٢٠١٢ واليوم نحن في ٢٠١٨ محظوظون بمعايشة و تجربة هذا الواقع في ذات الوقت ، الآن لم يعد هذا واقعاً فحسب، بل تعداه لحدود مخيفة من المعلومات فالجميع أصبح لا يكتفي بمشاهدة الفعالية عبر هاتفه الذكي ، بل أصبح بقدرة الجميع معرفة عدد المشاهدين في نفس اللحظة و وتعليقاتهم في اللحظة، بالإضافة إلى مدى إعجابهم !

هذا التحول المهول قد بدأ ولكن آفاقه السماء و سرعته تفوق الضوء ، ومحتوى الفيديو يتصدر و سيتصدر المشهد لفترة طويلة مقارنة بالصور و النصوص، يكفينا أن نعرف أن ‏الفيديو الذي يشاهده مستخدمي السناب شات فقط يومياً يتجاوز الـ ١٠ مليارات !! ‏ومن المهم معرفة أن‏‏ مقاطع الفيديو تزيد من نسبة شراء الخدمات والمنتجات على الانترنت

بنسبة ٧٠٪،و يكفينا أن نلاحظ أن الصحف تحولت من ورقية إلى رقمية والآن إلى محتوى فيديو! ‬

أخيراً: يقول مارك ميكنون أن التكنولوجيا الحديثة و منصات التواصل الاجتماعي أعادت القوة والهيبة للبشر !