علي الجحلي
علي الجحلي
كاتب سعودي

خطوات تركية

آراء

تستمر تركيا في اجتذاب مزيد من الإعجاب والانبهار بما تمثله من عودة متوازنة ومنطقية لمبادئ وأخلاقيات الإسلام بعد فراق طويل بينهما. يشاهد الزائر الكم الكبير من الاهتمام والعناية بالمفاهيم والموروث الإسلامي للدولة العثمانية.

هناك كثير من التحفظ في العالم العربي على نهايات عصر الخلافة العثمانية، لكن هذا لا يلغي الدور الأساس الذي كان لهذه الدولة في نشر الإسلام والمحافظة على وحدة العالم الإسلامي ومحاربة الفئات الضالة خلال القرون التي حكمتها، خصوصا المبكرة منها.

تعود تركيا اليوم في حلة مختلفة عن السابق بعيدا عن محاولة السيطرة على العالم الإسلامي، وإنما في مسار محاولة إعادة المجد لهذه الأمة شكلا ومضمونا. تظهر كل فترة مجموعة من المبادرات الرائعة التي تستحق أن تتبناها الدول الإسلامية الأخرى التي عانت ــ هي الأخرى ــ حالة فصام وابتعاد عن دينها بأخلاقياته ومثالياته.

الخروج من تأثير الشهوات إلى دعم السلوك المحافظ واحدة من تلك المبادرات المهمة. ينتشر الحجاب ويرتفع الأذان وتحارب مواقع البغاء والقمار والتعري تدريجيا وبعقلانية. تنتشر في الجامعات الدراسات الإسلامية، والبحوث الشرعية ويحتفل الناس بانتصارات الإسلام. يجتمعون في رمضان، ويأكلون مع الفقراء وعمال النظافة. يمارس كل المسؤولين الشعائر الدينية ويحثون على ذلك بعد أن كانت منتقصة في عهد مضى.

في هذا الجو الإسلامي تظهر مبادرات شخصية من المواطنين أنفسهم. مبادرات تترجم مفاهيم إسلامية أصيلة وتدفع باتجاه تحسين صورة المسلم التي أساء إليها كثيرون من الداخل والخارج.

أعجبتني مبادرة شاب وشابة احتفلا بزفافهما مع اللاجئين السوريين. قدم الشابان الطعام للأسر المحتاجة، كجزء من مسؤوليتهما الاجتماعية. فما أجمل أن يكون المرء سفيرا لأخلاقيات دينه، وممثلا لتلك الوسطية والمحبة والتكاتف التي تميز الإسلام.

مبادرة لم يسأل أصحابها عن مذهب أو انتماء اللاجئين، فأصَّلت لدى المتلقي أن الإسلام دين يتسع للجميع، ويهتم بالجميع. الرب واحد ومحمد ــ صلى لله عليه وسلم ــ بعث رحمة لكل الناس.

إن نشر مثل هذه المبادرة وتشجيع الابتعاد عن البذخ والتقليد الأعمى والمفاخرة بسلوكيات لا تنتمي للدين أمر مهم. يعيدنا هذا لتذكر ما بدأت به مقالي، وهو اهتمام المسؤولين بالفخر بسلوك ما يشجع عليه الدين الإسلامي، والمجاهرة بذلك. وهو أمر لا بد أن ينشره عندنا من يعتبرون قدوات للمجتمع.

المصدر: الاقتصادية