علي الجحلي
علي الجحلي
كاتب سعودي

البِر جميل

آراء

ينعت الكبار جيل اليوم بنكران الجميل وقلة الاهتمام سواء بالعادات والتقاليد أو تعاليم الشرع التي هي أساس الحكم على الأشخاص وتقييمهم في المجتمع الإسلامي. لم يأت هذا الأمر من فراغ وإنما نتيجة ما نشاهده جميعا.

الواقع أن ما يظهر من السلوكيات، لا يظهر فجأة دون مقدمات. التحول الاجتماعي يتطلب وقتا، ما يعني أنه لا يمكن أن يتهرب الكبار من مسؤوليتهم عن إنشاء أو تغذية التحولات السلبية التي يشتكون منها.

يستدعي هذا أن نراجع نشأة السلوكيات غير الحميدة ونتعرف على البيئة التي سببت ظهورها بداية، حتى نتعامل معها بعقلانية ونخلص مجتمعنا منها، ليستعيد جماله وأُلفَته التي نتباكى عليها ونحن نسهم في فقدانها أو تقلصها.

قد يعزو البعض ذلك التغيير إلى الطفرة المالية، وانتشار السكان بحثا عن الحياة الرغيدة، هذا السبب يمكن أن يكون من أكبر العناصر التي أفقدت المجتمع تماسكه، لكنه ليس الوحيد. الاحتكاك ببيئات ودول تتبنى قيما مختلفة عما عندنا والافتتان بالمنتصر الذي ينتشر في مجتمعاتنا، أسباب أخرى لكنها لا تبرر عدم التشبث بالقيم.

يتحقق الحفاظ على القيم من خلال التواصل والزيارات وعيادة الكبار التي يتعلم منها الأبناء. كما يتحقق جزء كبير منه من خلال تمسك الآباء والأمهات بالسلوكيات التي غرسها فيهم الآباء والمجتمع الأصيل الذي نشأوا فيه.

هنا يمكن للمراقب أن يكتشف أسباب تحولات المجتمع التي تبدو عظيمة، مع أن نشأتها كانت بسيطة مثل تقليد سلوكيات لا تنتمي للمجتمع المسلم، أو التعرض لحضارات وثقافات مختلفة دون وجود ما يحمي من التقليد غير المحمود لعادات وأساليب حياة سلبية.

لعل بر الوالدين واحد من أهم القيم التي حث عليها الدين وترسخت في عادات ومفاهيم المجتمع على مدى قرون، وتتميز باجتماع العرف والشرع على تقديسها. هذه القيمة التي بدأت تفقد موقعها في المجتمع نتيجة التحولات التي تكلمت عنها هنا، وأمور اجتماعية أخرى، لا بد أن يعاد التركيز عليها والتأكيد على غرسها في المجتمعات، ومجتمعاتنا جاهزة لذلك فعلا.

تناقلت أغلب وسائل التواصل الاجتماعي مقطعا لابن يحمل أباه في المسجد النبوي، وتفاعل معها أغلب المتابعين. يسعد المتابع أن يرى ذلك الاهتمام والتشجيع لأنهما يسهمان في حماية الأسرة واستعادة جمالها.

المصدر: الإقتصادية