إدريس الدريس
إدريس الدريس
كاتب سعودي

داعش.. المنتج الذي يثير الشك

آراء

في كل حدث جسيم تهطل عليك من الوسائط الحديثة مئات التعليقات والانطباعات وما عليك إلا أن تتفق أو تختلف مع مضامينها، وكنت في الغالب لا أنسجم مع التعليقات الافتراضية من تلك التي لا تنطلق من معلومة راسخة أو موثوقة، بل إنها في الغالب تصدر من تخرصات وهواجس وإحساس بالمؤامرة، وتعبر عن حالة من الإحباط التي ترسمها نفسية هذا المعلق أو ميولاته الأيدلوجية.

وظاهرة “داعش” بحضورها الساطع وتطورها المتنامي وانتشارها العريض اجتذبت المريدين بشكل متزايد، وعلى نحو أخص من تلك الجنسيات الغربية الشقراء التي ما تعودنا منها هذا الانحياز إلى ما يدعونه من تمثيل للإسلام، يعزز من ذلك افتراضنا أن الإنسان الغربي قد وصل به الوعي والتحضر إلى الحد الذي يمكن له أن يساند بتجرد القضايا الإنسانية من منظور علماني لا يضع بالاً للديانة، لكن الأمر مع داعش تجاوز حد التعاطف والتأييد إلى حد المناصرة والمشاركة مع هذا التنظيم الدموي الذي يمتهن حقوق البشر إلى حد جرهم كالخراف لمقاصل النحر في مشاهد يتقزز منها الإنسان السوي مهما اختلف دينه وعرقه، يضاف إلى ذلك التقنية العالية التي تظهرها أفلامهم التي تبث على نطاق واسع والتي يتم تشبيه إتقانها بما يحدث في هوليوود.

إن كل ما مضى يقودني إلى ضرورة أن أنقل لكم بعض التعليقات والاستنتاجات التي تم طرحها من قبل البعض خاصة بعد مذبحة الأقباط المصريين في ليبيا بدم بارد، والذي شهده العالم حيًّا على الهواء.

وهكذا فقد وردني رابط على أكثر من موقع، ولا أعلم مصدره، لكنه يطرح الكثير من الأسئلة حول داعش، وهذه الاستفهامات الاستنكارية تثير – حقيقة – الكثير من الشبهات حول داعش وبروزها المفاجئ وتمددها السريع والاستقطابات التي تؤيدها، خاصة من بعض الأوروبيين ذوي الأصول العربية المسلمة أو بعض مسلمي أوروبا الأصليين.

إليك بعض الأسئلة المستنكرة بين الأقواس وتعليقي عليها.

– “لديها أسرى من اليابان وأميركا وأوروبا”.. وقد جرت العادة أن تضج هذه الدول الغربية عندما يسجن أحد رعاياها فكيف به وهو ينحر كالشاة وتكون ردود الفعل بهذا البرود؟!

– “السؤال لماذا لا نجد لدى “داعش” أسيرا واحدا من أفراد الجيش النظامي السوري”؟ مع أن الجيش السوري أقرب إليهم من حبل الوريد ومع ذلك فإن أسراهم من أقصى الغرب والشرق.

– “حتى الآن لا يوجد لديهم أسير واحد يحمل الجنسية الإيرانية؟” لا تعليق.

– “داعش استولت على الأراضي التي حررها الثوار في سورية، لكنهم – مع ذلك – لم يتقدموا خطوة واحدة نحو دمشق” لا تعليق.

– “داعش” – التي تتلبس لبوس السنة – استولت على مدن الثوار في العراق، “لكنها لم تتقدم خطوة نحو كربلاء والنجف والبصرة”.

-إن استهداف أقباط مصر يرمي إلى أحداث قلاقل داخل مصر بين المسلمين والأقباط وصولاً إلى تقسيم مصر إلى دولتين قبطية وأخرى مسلمة.

.. هذه النقاط الواردة أعلاه تثير عندي بعض اللغط ولست – وأنا أذكرها – مؤيدا لكل ما ورد فيها، كما أنني لا أنقلها من منظور طائفي، ولكنني أريد أن تثير هذه النقاط بعض العصف الذهني الذي قد يقودنا إلى خارطة طريق نعرف من خلالها توجه القوى الكبرى، وما يشاع من تغيير مزمع لخريطة الشرق الأوسط وتموضعات بعض الدول، وكذلك تبدل اتجاهات التحالف، وإيكالها إلى إيران وحلفائها المفترضين في المنطقة، وذلك في استبدال استراتيجي للتحالف القديم مع السنة الذين أظهروا ميلا متطرفا ضد الغرب وأميركا على رأس المستهدفين، وقد تأكد عندهم ذلك ابتداء من أحداث 11 سبتمبر وما تلاها من تنامي القاعدة وتوسع قاعدة مؤيديها.

ولهذا أسأل: هل “داعش” صناعة استخباراتية غربية؟

وإن كان ذلك كذلك فأين أجهزة الاستخبارات العربية عن هذا الاستنتاج؟.

وإن لم تكن “داعش” صناعة استخباراتية، فما معنى ما يحدث مما طرحته الأسئلة الاستنكارية السابقة وهو ما ينسجم مع المنطق؟.

لا أملك الإجابة ولكنني أملك الحق في تعليق الجرس!

تنــويه:
في مقالي السابق (فقط لمن يعشق أو يطرب أيام الصحوة) حدث خطأ مطبعي، حيث وردت كلمة “يكفروا” والصحيح “يكفهروا”، ما أحدث تغييراً في المعنى، لذا لزم التنبيه.

المصدر: الوطن أون لاين
http://alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=25157