ناصر الصرامي
ناصر الصرامي
إعلامي سعودي وكاتب صحفي

دراسات إسرائيلية 1: وراء منطقة سايكس بيكو..!

آراء

في هذا المقال أستعرض وجهات نظر إسرائيلية عن المنطقة بتصرف، وهي حصيلة قراءات لعدد من الدراسات والمقالات، والغرض من ذلك التعرف على رؤية العدو الإسرائيلي ونظرته إلى التحولات والتطورات في المنطقة، فإلى بعض ما قرأت:

“يتبدل المحيط الإستراتيجي الذي تعمل فيه إسرائيل، إلى درجة التهديد بانهيار أجزاء كبيرة من المنظومة التي اعتمدت سياستها عليها، مثل غياب أو خفوت أكثر اللاعبين ثقلا في العالم العربي، وحدها السعودية بقيت تعمل بإصرار على صد إيران، وهي قادرة على أن تكون معادلا لتركيا”.

إن الضعف العربي الراهن أصبح على نحو غير متوقع مشكلة لإسرائيل! ويزيد احتكاكها بالقوى الإقليمية التي تحاول أن تُعمق تأثيرها في المنطقة. وعلى هذه الخلفية تصبح السعودية دولة قريبة جدا من قراءة الخريطة الإقليمية ووضع أدلة العمل الإستراتيجي.

في الجانب الآخر تقرأ إيران الخريطة من جانبها، على أن الجهد السعودي لصدها يمتد من اليمن مرورا بالعراق ومصر، ثم إلى لبنان. وكانت اللحظة التي غيرت طبيعة الاحتكاك هي تدخل الرياض غير العادي والمباشر لحماية البحرين.

كلما تدخلت إيران في حلبات أخرى أو عمقت تدخلها في حلبات قائمة اقتربت من “شد زائد”. إنتاج إيران الخام أقل من إنتاج الأرجنتين أو جنوب أفريقيا، وأي تدخل إقليمي بقدر واسع يُضر باقتصادها. إلا أن طريقة عمل إيران تعتمد على توابع من غير الدول، وعلى أنصار محليين، ولهذا فإنها مقتصدة في الموارد، لكن مواجهتها بإستراتيجيات ذكية وحكيمة قد يجرها إلى ضغط وربط كل الأحزمة والاستنزاف.

فقد تسبب حل النظام السني – البعثي في العراق وانسحاب الولايات المتحدة من هذه الدولة في كسر كل توازن ممكن للقوى، وجعل إيران هي العامل المهيمن. حيث سعت للوصول إلى بناء “امتداد شيعي” من العراق وسوريا إلى جنوب لبنان. وتطور إيران “قدرة وصول إستراتيجية” تبلغ حتى البحر المتوسط.

ثم من المبكر أن نُقدر إلى أين تستقر مصر، وماذا ستكون مكانة الحركات الإسلامية؟ وهل ستكمل “السعودية” وهي الدولة المهمة لمنع أي احتمال لانجرار مصر خارج دوائرها.

* تركيا تتغير: كانت تركيا شريكة في إحداث توازن قوى مع سوريا، وبقدر ما أيضا مع إيران والعراق، لكنها غيرت سياستها. وليس لتركيا عداوة إستراتيجية حقيقية مع إسرائيل! لكن عند قادتها الرغبة باستغلال العداوة مع إسرائيل لتدفع إلى الأمام بمصالحها مع أطراف ثالث. لكن موقف تركيا الجغرافي السياسي أكثر تعقيدا من أن تُصنف على أنها عدو ببساطة..!

إلا أن سياسة تركيا غير ناضجة؛ والدليل، التقلب إزاء سوريا، وعدم البت في الرغبة بالتعاون مع إيران (في مواجهة الأكراد)، أو التهديد بقطع العلاقات مع الاتحاد الأوروبي إذا أصبحت قبرص رئيسة دورية، مع الموافقة على نصب أجهزة رادار لحلف شمال الأطلسي للتحذير من صواريخ تُطلق من طهران..!

إن ضعف النظام العلوي ابتدأ من إخراج سوريا من لبنان، جر لبنان بقدر كبير من كونه تابعا لسوريا إلى كونه تابعا لإيران.

لكن النظام العلوي يتناثر ويضعف، ولإسرائيل تعامل عسكري جيد معه. لكن إذا سقط النظام فستكون النتيجة المباشرة عدم يقين وضعضعة طائفة. ويبدو أنه أفضل لإسرائيل كعدو دولة متسقة نقاط الضغط عليها معروفة جيدا من خطر تحويل سوريا إلى شبه عراق. إن إدارة سورية جديدة تكون تابعة لتركيا أيضا غير نافعة لإسرائيل بالضرورة. لهذا قد يكون العلويون حالة خاصة تختلف معها مصلحة إسرائيل عن المصلحة السنية في ضعضعة قوة شركاء إيران..!

وفي النهاية يزداد الخوف من ألا يضمن الانطواء تحت جناح الولايات المتحدة قدرا كافيا من الدفاع عن الأمن القومي الإسرائيلي. ولهذا تشتد الحاجة إلى الاعتماد على الذات ويشمل هذا الشأن الذري الإيراني. قد توجد آراء مختلفة في السؤال، هل يجب على إسرائيل أن تهاجم إيران، لكن من الصعب جدا الاستمرار في التمسك برأي أنه لا يجب على إسرائيل أن تهاجم، بحجة أن أمريكا سترد بطريقتها. هناك افتراضية أقوى وهو أن إدارة الولايات المتحدة لن تنجح في منع تقدم إيران في برنامجها النووي..!

ثم إن ذلك كله يراكم صعوبات جديدة أمام محاولة التوصل إلى تسوية إسرائيلية- فلسطينية. فالدول التي شاركت في الماضي في منح غطاء إستراتيجي يؤيد التسوية، قد اختفت أو ضعفت أو بردت علاقاتها مع الولايات المتحدة.

فهل الولايات المتحدة تفقد فاعليتها..؟!

المصدر: الجزيرة السعودية