خديجة المرزوقي
خديجة المرزوقي
إعلاميّة إماراتيّة ، مديرة إذاعة دبي FM‎

ستعودُ لتُبهرُنا

آراء

* ستعود لتُبهرنا الشاشة الصغيرة من جديد، ستعود لتشغلنا وتسلبُ ألبابنا وأوقاتنا، وتسرق منّا أحاديثنا الصغيرة على موائد الإفطار الرمضانيّة، وفي جلسات السهر الليليّة المُعتادة عند الكثيرين في رمضان، رمضان الذي أصبحنا نعرِفُه قادماً من إعلانات القنوات الفضائيّة عن برامجها ومسلسلاتها .. قبل أن نعرفه قادماً من هلالِه الفضيل ..!

* الهلال الذي ننتظره بفارغ الصبر لنبدأ به شهر جميل وحميم من شهور السنة، شهر يمرّ علينا سريعاً كالبرق لا نكادُ نلحظه، ويكادُ أغلبنا للأسف يقضيه أمام شاشة التلفاز يقلّب بين القنوات الفضائيّة.

* القنوات الفضائيّة التي نصُبّ جام غضبنا عليها لأنّها – في نظر بعض المشاهدين – الشيطانُ الأكبر الذي يسعى إلى إلهائنا عن الصوم والتعبّد، وإلى إجبارنا على التفريط في التزوّد بالعبادات ، وإبعادنا عن العمل على أخذ الأجر في أهم شهور السنة، وكأنّنا مسيّرون .. لا مخيّرون، القنوات التي نتّهمُها بإفساد الشباب العربي وتغريبهم وإبعادهم عن دينهم.

* الدين .. الذي يُتاجر به من يُتاجر طوال العام دون إستحياء ! ..، ويُتاجر به من يٌتاجر علانيّة في الشهر الفضيل – بطريقة أخرى – وبدون إستحياء أيضاً ..! الدين الذي بإسمه يُدعى للجهاد، وبإسمه يُدعى للولاء، وبإسمه تُباعُ الأوطان وتُهدرُ الكرامات، وبإسمه تُقامُ الأحزاب فيُصبحُ الغُرباء .. إخوانْ ، والإخوانُ .. غُرباءْ !

* الغُربة التي سيحُس بها الكثيرون وهُم يُشاهدون أغلب المسلسلات المعروضة: العربية والخليجيّة منها بالذات، وسنسمعُ الموّال المُعتاد والجُمل ذاتها التي نسمعها كلّ عام، من تكرار الحوار ونمطيّة المَشاهد ومن الحُزن المصطنع والكوميديا المُبالغ بها، و من أنّ هذه المَشاهد لا تُمثّل الواقع الخليجي، ولا البيوت ولا الملابس ولا الديكورات الخليجيّة وفي أحيان كثيرة لا تُمثّل لهجة الدولة التي تدور أحداثّها فيها !، وسيجتهد جمهور تويتر في إيجاد الأخطاء السبعة التي غفل عنها مُخرج العمل!

* الجُمهور الذي يُريد، ولا أحد يعرف ماذا يُريد هذا الجمهور، ولا كيف يصل لما يُريده فإرضاؤه صعب، وفي كلّ مرة تخسر أغلب القنوات الرهان. الجمهور الذي يرى نفسه الضحيّة في المعادلة، فهو الذي يُستهزؤُ به! وهو الذي يضيع وقته! وهو الذي لا يجد من يفهمه أو ما يفهمه! كل الحوارات غريبة عليه وكل المشاهد بعيدة عن واقعه! وفي نهاية الشهر: يبقى مسلسلٌ واحد أو إثنان بالأكثر عالِقان في الذاكرة .. فقط لا غير!

* الذاكرة التي أتعبتنا بالمُقارنة، فكلّما رأينا عملاً جديداً يُعرضُ للمرة الأولى ووجدنا فيهِ شبهاً بسيطاً لشيءٍ قديم، قارنّاهُ بأعمال الزمن الجميل، والزمنُ لا يعودُ للوراء!

* الزمن .. الإمتحان الحقيقي للشاشة الصغيرة: تقريباً بعد الأيام العشرة الأولى من الشهر الفضيل أو حتّى أقل، تتّضحُ الصورة وتتساقطُ الأسماء .. ويبرزُ القلّة .

خاص لـ ( الهتلان بوست )