ريان الجدعاني
ريان الجدعاني
بكالوريوس علوم سياسية - محرر صحافي

ضريبة زمن «طاش ما طاش»

آراء

«عاجل، اكتشاف موقع الطائرة الماليزية المختفية، الركاب تحولوا إلى مندي!»، هذه هي الرسالة غير الإنسانية التي كتبها الفريق الكوميدي (صاحي) الذي ينتج ويعرض المسلسلات الكوميدية عبر الموقع الشهير يوتيوب، حيث حملت هذه الحلقة – كما يقول الكاتب في مقاله على مدونة «المنبر الإماراتي» – الكثير من السخرية تجاه ضحايا الطائرة التي اختفت في 8 مارس 2014 وسط ظروف غامضة لم تتمكن فرق البحث الدولية من العثور عليها وعلى ركابها حتى هذه الساعة.

وفي الوقت الذي تعاطفت فيه جميع شعوب العالم بمختلف دياناتها وثقافاتها مع أهالي ضحايا الطائرة المختفية، نجد البعض وقد حول هذا الموضوع إلى وجبة دسمة للسخرية على ضحايا الطائرة، عندما قام أبطال الحلقة من برنامج (صاحي – نصف الجبهة) بإنتاج سيناريو سقوط بعض ضحايا الطائرة داخل قارة أفريقيا ليواجهوا رجال القبائل الأفريقية الذين قاموا برميهم داخل صحن الطبخ الضخم من أجل تحويل أجساد ضحايا الطائرة إلى وجبة «المندي»، وهي الوجبة الشهيرة في المملكة العربية السعودية!.

لا يعتبر فريق برنامج (صاحي) أول من يتبع سياسية السخرية من الكوارث الطبيعية ومن مآسي البشر، بل إنه يعتبر مجرد امتداد لسياسية المسلسل السعودي الشهير (طاش ما طاش) الذي بث لأول مرة في أوائل التسعينيات قبل أن يتوقف في عام 2012، حيث كان هذا المسلسل الكوميدي الذي عرض في القناة الأولى الحكومية يعتمد على السخرية في أي شيء حتى لو كانت في مآسي البشر بالعالم، مثل السخرية على ضحايا المجاعة في أفريقيا، وأيضاً السخرية على أصول وثقافة الشعوب العربية، ليتمكن هذا المسلسل على مدار 18 عاماً من خلق وعي مزيف للجيل الجديد الذين تعلموا من المسلسل عدم احترام القيم والأخلاق، وعدم احترام مشاعر الشعوب والأوطان، ليواصل الجيل الجديد في السير في سياسة مسلسل «طاش ما طاش» نفسها، ولكن في عالم الإنترنت عبر البرامج القصيرة في «اليوتيوب» كما حدث مع أبطال برنامج (صاحي).

أما عن القنوات الفضائية، وتحديداً القناة الأولى الحكومية، فإنها لم تتوقف عند حد (طاش ما طاش)، بل استمرت في إنتاج المزيد من المسلسلات التي تهدم مفهوم الإنسانية، مثل مسلسل (سكتم بكتم) الذي يستمر في توجيه إشارات غير أخلاقية تجاه بعض الدول الشقيقة في الخليج، كالبحرين مثلاً، عندما ظهر مقطع لاثنين من الشبان يحتفلان بنجاحهما في استخراج جوازي سفر، إلا أن والدهم أفسد احتفالهما بالاعتداء عليهما، وهو يصرخ بقوله «ستذهبان إلى البحرين يا قذرين؟!»، ليوجه إشارة سلبية وغير أخلاقية تجاه مملكة البحرين الشقيقة.
هل سننجح في إيقاف ترسبات طاش ما طاش؟، بكل تأكيد ستكون الإجابة صعبة للغاية لأن أساس المشكلة موجود حتى الآن، وهي أن قنواتنا التلفزيونية الرسمية لا تزال تسمح بظهور مثل هذه المسلسلات غير الواعية على شاشتها الرسمية دون توقف، لتستمر في تعويد أمثال هؤلاء على مواصلة سخريتهم تجاه القيم والأخلاق والإنسانية عبر «يوتيوب»، مثل «مندي الطائرة الماليزية»!.

المصدر: الإتحاد