الياس الديري
الياس الديري
كاتب ومحلل سياسي لبناني

عَسْكَرَة الحلّ أَم عودة العسكر؟

آراء

لم يعد السؤال هل يبقى الرئيس محمد مرسي في قصر الاتحاديّة طويلاً، ومن حوله جموع منوّعة من “الأخوان” والأصوليين والتنظيمات المتطرّفة، بل أصبح هل يعود العسكر الى السرايات والقصور، ويعسكرون الحكم والسلطة والنظام مرة أخرى، جديدة، مختلفة، موقّتة، أخفّ وطأة؟

لا انقلاب عسكرياً خلف تحرّك قيادة الجيش، كما صدرت التأكيدات أو هي سٌرِّبت من “عواصم القرار”. ولا نيّة لاسترجاع مشاهد تعيد الى الأذهان انقلابات الماضي، ودباباتها، واستيلاء ضباطها على مقاليد الحكم، بعد الانتهاء من إذاعة مسلسل البيانات وفرض الأحكام والقرارات، وما الى ذلك…

لا، لن يكون شيء من هذا. و”البيان” التمهيدي الذي أهدته قيادة الجيش الى المصريّين يشير الى أسلوب مختلف في عملية التغيير والتصحيح، واشتراك ممثلين للمتمردين والثائرين في العملية… التي لا بد من إبراز دور الجيش فيها، وبكل قوته وآلياته وأركانه وضباطه.

هكذا يصبح الانقلاب أقرب الى “الكوكتيل”. أو الثورة المختلطة، والتي تبعد صيغة الانقلاب بكل حدتها ومعناها ومضمونها…
في كل حال، هذا الكلام، وهذا التصوّر، وهذا الاحتمال، لا يشبه اختراع البارود. فهو حديث كل الأوساط، وعَبْر كل وسائل الاعلام والاتصالات. وليس في مصر وحدها، أو في بعض العواصم العربية، إنما هو “المادة” الأساسيّة في الحوارات والنقاشات التي عبرت المنطقة والبحار السبعة.

ولتحتل الصدارة، والمانشيت الأولى، والخبر الأول في المقروء والمرئي والمسموع…

ثمة سياسيّون وصحافيون ومحلّلون لم يترددوا في القول، وحتى التأكيد، إن ساعة “التغيير الكبير” والشامل، وربما المفاجئ، آتية لا ريب فيها. وفي حال حصوله اليوم، أو خلال فترة وجيزة، فإنه لن يقتصر حتماً على الرئيس مرسي وحكومته وحاشيته، بل سيشمل كل ما “زرعه” وبَذَره ونَشَره حكم “الاخوان المسلمين” وحلفائهم في المؤسسات، كما في النصوص والنفوس والأجواء وبين الناس.

وتالياً، وفي السياق ذاته، لن تتوقّف “حركة التغيير” هذه، وبكل مفاعيلها ومفاهيمها، عند حدود مصر، إنما ستنتقل سريعاً وباندفاع قوي، وتنقل عدواها الى العالم العربي بأسره.

وخصوصاً حيث مرّ “الربيع العربي” في بداية انطلاقته من تونس الخضراء، مروراً بليبيا واليمن. ومن يدري، فقد تتوغّل العدوى الى أبعد وأعمق.

ولن يكون مفاجئاً أبداً إذا ما شوهدت طلائع علامات “الثورة المصرية” وهي تقتحم أسوار الحرب الأهلية الطاحنة في سوريا، لتفرض نفسها ومفاهيمها وتداعياتها على الوضع السوري بكل فظاعاته ومآسيه ودماره.

من البديهي جداً وصول طراطيش مختلفة الى الربوع اللبنانية. وقد تكون لمصلحته… بلا علامة تعجّب.

المصدر: صحيفة النهار