خالد السهيل
خالد السهيل
كاتب - مستشار إعلامي

فضيحة الوعي

آراء

كانت جلسة سلام في البداية. الحديث فيها بين مجموعة أصدقاء. على رصيف أحد مقاهي الرياض. كنا نتحدث عن الوعي. الكلمات تأتي مرتبة وثرية. وعي السائق في هذا البلد. تهذيب وابتسامة الرجل والمرأة في ذاك البلد.. وتصالح الناس مع لغة الاعتذار في بلد آخر. كلمات تتسابق، تستمد وهجها من تجارب ومشاهدات شخصية، لتتحول إلى جذوة فاخرة، تستمتع بجلد الذات.

نحن من الشعوب المثقفة جدا. حتى وإن رغب البعض في سماع كلام يخالف ذلك. شواهد هذا الأمر نشاهدها في نهمنا على ارتياد معارض الكتب، وارتفاع مبيعاتها، واستخدامنا الأعلى عربيا لمواقع التدوين الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي… إلخ. لكن هذه الثقافة لا يتم تحويلها إلى ممارسات أنيقة. الكثير منا لديه شجاعة الاعتراف بأنه يشارك في فضيحة الوعي المتناقض بين المعرفة والسلوك. لكن السبب أن محفزات سلوك الوعي، تقطعها خروقات ومخالفات الآخرين، التي تصادر حقك عندما تكون متسقا مع ما تعرفه من أنظمة وسلوكيات. بكلام واضح: المخالفات المرورية مثلا، تتم عن سابق إصرار، وليست نابعة عن جهل أو قلة وعي.

الأمر نفسه يتكرر في الطابور الذي تجد نفسك أمامه في المطار أو في أي مكان آخر. لكنك حتما ستجد من يتخطى هذا الطابور، غير عابئ بالآخرين الذين يتابعون الفضيحة وينتظرون يدا نظامية تنتصف لهم. وقد يحدث هذا أو لا يحدث.

على رصيف المقهى، تحدثنا طويلا عن أشياء جميلة، ثم بعد ذلك امتطينا سياراتنا وانطلقنا، لنمارس ما نبث الشكوى منه. في المكتب والشارع والمدرسة والجامعة تشهد فضيحة الوعي.

أليس محبطا أن تشهد في أقدم جامعة سعودية وعيا مسلوبا يظهر من خلال قطع إشارات وسرعة في أماكن يفترض أن السرعة فيها محددة؟! حتى المطبات الاصطناعية لم تتمكن من تعديل السلوك. هناك خطأ لا أحد يريد الإقرار به. نلوم غياب المرور ــــ وهذا صحيح ــــ ولكن: هل نلوم أنفسنا أيضا؟

المصدر: الاقتصادية