عبدالله الربيعان
عبدالله الربيعان
أكاديمي سعودي متخصص في الاقتصاد والمالية

لماذا تغيب الرياض؟

آراء

على رغم العيوب والصعوبات التي تكتنف بعض تعاملاتها، وعلى رغم عدم إيمان كثيرين بأهميتها، إلا أن الصيرفة الإسلامية حققت نمواً كبيراً خلال الأعوام القليلة الماضية، وأصبحت إحدى أهم الصناعات التي تتنافس على استقطابها الدول، بل إن نموها في دول الغرب يفوق المتوقع والمنتظر، إذ وجدت فيها هذه الدول صناعة مطلوبة توفر المال والعملة الصعبة.

وبالأرقام حققت الصيرفة الإسلامية نمواً سنوياً يتراوح بين 10 و15 في المئة بحسب المنطقة والدولة التي توجد فيها، ويشار إليها في بعض الكتابات بالصناعة الأسرع نمواً في العالم، كما حققت انتشاراً جغرافياً كبيراً خلال الأعوام الـ20 الماضية، فهناك نحو 400 مصرف تقدم خدمات الصيرفة الإسلامية، ويبلغ حجم تداولاتها تريليوني دولار تقريباً في 80 دولة حول العالم، وزاد حجم التمويل بالصكوك الشرعية في العام الماضي بأكثر من 50 في المئة، لتصل قيمتها إلى 130 بليون دولار، بحسب تقرير لـ«بي بي سي» البريطانية.

أما تمركز الصيرفة الإسلامية فتتنافس عليه ثلاث دول، هي بريطانيا ودبي وماليزيا، ففي الأولى قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون خلال افتتاحه فعاليات المنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي في لندن أواخر العام الماضي: «إن العاصمة البريطانية أكبر مركز للتمويلات الإسلامية خارج العالم الإسلامي، واليوم يمتد طموحنا إلى ما هو أبعد من ذلك، لا أريد أن تكون لندن أكبر عاصمة للتمويل الإسلامي في العالم الغربي، بل أود أن نقف إلى جانب دبي كواحدة من أكبر عواصم التمويل الإسلامي في العالم» (العربية نت).

أما الثانية، فأعلن حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد في أوائل العام الماضي، تشكيل لجنة عليا لجعل دبي عاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي، وكشف عن ست خطط منفصلة لتحقيق هذا الهدف، وأمر بضم قطاع الاقتصاد الإسلامي إلى القطاعات الاقتصادية في دبي، وكلف نجله ولي العهد الشيخ حمدان بالإشراف على هذه الخطط ومتابعة تنفيذها، وفي ما يخص ماليزيا التي احتفلت أواخر العام الماضي بمرور 30 عاماً على نجاح تجربة الصيرفة الإسلامية، فتقدم نفسها للعالم بصفتها رائدة للصيرفة الإسلامية خلال المؤتمرات العالمية، واللقاءات الدورية للباحثين، وتستقطب المميزين للعمل في جامعاتها، ومعاهدها التي أنشئت لدعم بحوث ودراسات الصيرفة الإسلامية، وهو ما جعلها قبلة المهتمين من الباحثين، وطلاب الدراسات العليا في الماجستير والدكتوراه من مختلف أنحاء العالم للالتحاق بجامعاتها.

وعلى رغم أن حجم سوق الصيرفة الإسلامية في ماليزيا لا يتجاوز 18 في المئة من الحجم الكلي لسوق المصارف الماليزية، إلا أن هناك خطة لرفع النسبة إلى ما يصل إلى 40 في المئة بحلول 2020.

بالطبع ليس غريباً أن تتنافس الدول المذكورة على كعكة الصيرفة الإسلامية، ولكن الغريب أن تغيب الرياض عن الحصول على حصتها من الكعكة، فالبلد الذي يضم الحرمين الشريفين، ورابطة العالم الإسلامي، والبنك الإسلامي، والهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل، وجامعات تدرس الاقتصاد والصيرفة الإسلاميين، ومجموعة من أقدم المصارف الإسلامية، هي الأكثر تأهيلاً وأحقية وجاهزية لتكون قائد العالم في هذه الصناعة، كما أن هذه الصناعة يجب أن ينظر لها كإحدى الصناعات التي يجب الاعتماد عليها في تنمية قطاع الخدمات، وتنويع مصادر الدخل، وجلب العملة الصعبة للبلد.

ختاماً، الموضوع لم يعد تفضيل الصيرفة الإسلامية من عدمه، فالصناعة تشهد نمواً غير مسبوق، ونحن الأولى والأجدر والأحق والأقدر على تبني هذه الصناعة التي توصف بالأوسع انتشاراً والأكثر نمواً، ونحن الذين نملك كل مقومات النجاح فيها والاستفادة منها، فكل الرجاء أن توضع خطة لتبني هذه الصناعة ودعمها، ويكفينا فقداً وتضييعاً لأشياء لنا، تركناها حتى تبناها الغير ونجح فيها، لنلوم أنفسنا بعدها، بـ«ياليتنا وياليتنا»!

المصدر: الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Abdullah-ibn-Rbeaan/3650998