عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

ما لا يتحقق أبداً!

آراء

المعروف عن الفرنسيين أنهم الأكثر قدرة على تحويل الفلسفة إلى روايات ممتعة ومثيرة للجدل، لأن الفرنسيين هم الوحيدون الذين لا يزالون ينتجون الفلسفة والفلاسفة كما كانوا منذ قرون، لذلك فهذه الرواية الصغيرة جداً (لائحة رغباتي) والتي يمكنك أن تنهيها في جلسة قراءة، وتعيد قراءتها أكثر من مرة، ستحظى بإعجابك بلا شك، وستجد فيها فرصة جيدة لمراجعة الكثير من أفكارك الفلسفية، وقناعاتك!

يقول غريغوار دولاكور صاحب الرواية: «أتمنى لو أحظى بفرصة أن أقرر حياتي، أعتقد أن هذه هي أعظم هدية يمكن أن توهب لنا، أن يقرر المرء حياته»! بعيداً عن المعطيات والقناعات المعلبة، لا يوجد أحد لم يفكر في هذه الرغبة، أن يمنح فرصة إعادة تشكيل حياته، أن يقرر هو كيف يريدها أن تكون، ومع من، وفي أي مستوى! لكنها الرغبة التي نعلم جميعنا أن لا شيء يمكن أن يحققها، لا المال ولا الأمنيات، وهذا أول ما تقوله لنا الرواية، حيث يمكن لـ 17 مليون يورو التي ربحتها جوسلين بطلة الرواية، أن تحقق لها كل ما تتمناه، لكن هناك ما يعجز المال عن تحقيقه دائماً!

فعندما حصلت على شيك الجائزة كتمت الأمر، وجلست تكتب لائحة طويلة برغباتها، حتى وصلت إلى (وأرغب في أن أتحدث ساعة كاملة مع أبي دون أن يسألني من أنت!) لقد أيقنت أن المال لا يمكنه تحقيق كل شيء، فوالدها المصاب بالزهايمر ظل يسألها، بينما سرق زوجها المال وهرب بعيداً ليشتري كل ما كان يحلم به، وخانها مع امرأة أخرى، أما والدتها فماتت، وابنها هجر البيت محتجاً.

وكأنها كانت تعرف كل ما سيحدث منذ البداية عندما قالت: «كنت أعرف أن هذه النقود يمكن أن تفيدني، ولكنها يمكن أن تؤذيني أيضاً»، لقد اجتهدت في ألا تخبر أسرتها وأصدقاءها بأمر فوزها باليانصيب رغبة في الحفاظ عليهم لا في حرمانهم، لكن من الصعب على أحد أن يعرف كيف يدير نفوس الآخرين، وكيف يوجهها في علاقتها بالمال تحديداً!

المصدر: البيان