حليمة مظفر
حليمة مظفر
كاتبة سعودية

منتدى الإعلام العربي.. صناعة الوعي

آراء

كثير من صُناع الإعلام العربي والعاملين فيه يجهلون أو يتجاهلون أهم رسالة للإعلام، وهي صناعة الوعي بعدم إهمال اللاوعي عند المشاهد، وإن كانت قنوات الإعلام اليوم تسعى إلى “الحرية” بعد “ثورات العرب” إلا أنها لا تتحقق دون “الوعي” بها فكرا وسلوكا لدى الإعلامي والمتلقي وقنوات الإعلام، ومع الأسف ما تزال معظم قنوات الإعلام المرئي والمقروء والمسموع تهتم بإنتاج المادة “المربحة” أيا كان تخصصها، فيما الوثائقية والتثقيفية ما تزال في قالبها التقليدي البائس الذي يضغط المشاهد معها زر “الريموت كنترول” لتغييرها، ناهيك عن عدم وجود عناية مهنية بما يترسخ في اللاوعي “العقل الباطن” عند المشاهد! وطبعا إن كان “الوعي” مهملا في معظم ما يصنعه ويبثه الإعلام العربي فإن “اللاوعي” متوفى دماغيا عند معظمهم وهو الذي يتحكم في الإنسان بالدرجة الأولى بما يخزنه عقله الباطن من إشارات وعلامات عبر البرامج والأغاني والمسلسلات الدرامية والسينما التي يصنعها الإعلام العربي ويبثها، لتكون سببا في معظم تصرفات ومشاعر وتفكير الأفراد في المجتمعات العربية بطريقة سلبية أو إيجابية مؤثرة على الشارع العربي. ولعلّ مثل هذا الكلام غير مطروق كثيرا، لكني لا أقوله من قبيل خبرتي العملية في الصحافة والتلفزيون فحسب؛ بل عليكم أن تسألوا أطباء علم النفس جيدا عن هذا الأمر، فالإعلام الأميركي والغربي بات يهتم بصناعة “اللاوعي” لإتمام “عملية الوعي” عند المشاهد، فهو لبنة البناء للمجتمع المتحضر الذي تريده تلك الدول لشعوبها مستقبلا.

كنتُ أفكر في هذا كثيرا وأنا أعيش يومين من عمر اللحظة الأسبوع الماضي أتأمل نجوم الإعلام العربي وصناعه والمهتمين به ممن حضروا منتدى الإعلام العربي بدبي، والذي تشرفتُ بحضوره ضيفة مشاركة لعامين متتاليين، فقد كان بمثابة تظاهرة إعلامية قدمت للإعلاميين وجبة دسمة رُصت بعناية على شارع الصحافة المكتنز بالمعلومات والمهارة، سواء خلال من تحدثوا عن آرائهم وتجاربهم عبر منصات المنتدى أو التواصل المباشر معهم، وقد كانت عناوين الجلسات والأسماء المختارة كفيلة بأن تجعلك لا تشعر بالتعب وأنت تنتقل من جلسة لأخرى على مدى ما يقارب 12 ساعة تبدأ صباحا وتنتهي مساء، وللأمانة حضرت عددا من المنتديات والمؤتمرات المحلية والدولية عبر مسيرتي، لكني لم أجد مثل منتدى الإعلام العربي بدبي عناية بتنظيم تفاصيل التفاصيل من الألف إلى الياء، ولن أندهش من تحقق ذلك، فرئيسة اللجنة التنظيمية “منى المري” امرأة إماراتية شابة لديها الحلم الوطني والطموح الإعلامي وحس المسؤولية العالي، ومعها عدد من الشابات والشباب الإماراتيين الذين شاركوها همها ومسؤوليتها، وهذا كله كفيل بتحقيق الإبداع وليس النجاح فقط لهذا المنتدى سنة تلو أخرى.

أعود لضرورة صناعة الوعي بعدم إهمال اللاوعي، وهذه الإستراتيجية تحققت لدبي مجتمعا وإعلاما، وليس بغريب ذلك حين نتذكر مقولة للشيخ محمد بن راشد آل المكتوم، حاكم دبي؛ وهي: “إن تحقيق الازدهار يتطلب تحرير الإعلام من القيود والقوانين والممارسات لينطلق بمزيد من الحرية والاستقلالية والإبداع”.

المصدر: الوطن أون لاين