حليمة مظفر
حليمة مظفر
كاتبة سعودية

نعم.. للشريط الأبيض

آراء

رغم غياب الإحصاءات والدراسات الدقيقة نتيجة غياب مراكز البحث الجادة؛ فإنه لا يُمكن إنكار وجود عنف يُمارس ضد الإناث في مجتمعنا، بدءا من تزويج الصغيرات وانتهاء بعضلهن عن الزواج بسبب عادات جاهلية أو للمتاجرة بمهورهن، وطبعا ما بينهما عنف بدني ولفظي ونفسي يُمارس ضد الكثيرات، وهناك قصص كثيرة لا تصل للإعلام، لكن بعض الأخبار المفزعة التي تنشرها الصحف عن حوادث العنف الأسري ضد المرأة وهروب فتيات من أسرهن ومحاولات الانتحار الفاشلة وغير ذلك؛ تكفي لتخبرنا أن لدينا أزمة يجب حلها، ولن يكون إلا بسن قوانين صارمة لأجل حماية المرأة جسديا ونفسيا وماديا، لحفظ كرامتها ومنع استغلال ضعفها، فما لدينا من قوانين هي اجتهادية فردية للأسف، تُمكن من استغلال المرأة وتعرضها للتحرش عند ضعاف النفوس ممن لا يخافون الله تعالى، لكن الأذى ليس من الغرباء فقط بل حتى الأقرباء، وهو الأكثر وقوعا خاصة حين يُولى عليها ولي بلا ضمير، فيكون جائرا أو غير صالح كمدمن مخدرات مثلا! والكثير من النساء ضحايا هؤلاء، ولا قوانين واضحة تحميهن، بل معظم ما لدينا من أنظمة تتعامل مع المرأة كناقصة أهلية، تُمكن من ظلم ولي الأمر لها، إذ لا يعترف بها إلا كنصف مواطنة ولا تكتمل إلا بوجود المحرم سواء في سفرها أو تعليمها أو عملها، وكل هذا يزيد من مساحة استغلالها وإيذائها، ومن يرد لمس هذه الحقيقة فعليه زيارة دور الحماية الاجتماعية والسجون ليعرف جيدا ذلك.

وما أستغربه أن هناك من يقفون ضد سن قوانين تحمي المرأة، وضد أي مبادرات تزيد من الوعي تجاه حقوقها، بحجة عدم الحاجة لها، بظلّ وجود قيم وأخلاق سنتها لنا الشريعة الإسلامية، ويتناسى هؤلاء أن هذه القيم والأخلاق لا يُمكن أن تُقام دون قوانين ودون توعية بحقوق المرأة. نحن في القرن الـ21 ونعيش في مدن بها ملايين، وببساطة القيم تحتاج إلى قوانين لتتم حمايتها وترسيخها وإلا عمت الفوضى، فأصابع اليد ليست واحدة، وأفراد المجتمع كذلك، فيهم السوي وفيهم الطالح، وحين تُغيب القوانين على اعتبار أننا مجتمع مثالي فنحن نضحك على أنفسنا.

ولهذا فمنذ أيام قليلة أطلقت الإعلامية سمر فطاني والكاتب عبدالله العلمي مبادرة رائعة نحتاج لها؛ هي “الشريط الأبيض”، وهي كما كتب عنها العلمي فكرة “أطلقها ثلاثة رجال قبل 20 سنة في كندا.. وتنهض على مساندة الرجل لمبدأ إنهاء العنف ضد المرأة بكل أشكاله الجسدية والجنسية واللفظية والنفسية والتهديدية”.. هذه المبادرة أقول لها نعم، فالمرأة وحدها لن تواجه العنف دون مساعدة شريكها في الحياة الرجل، فنحن نحتاج إلى أهدافها، بداية من النهوض بالوعي عبر حملات التوعية تجاه حماية المرأة وما تحتاجه من قوانين تحمي إنسانيتها، وانتهاء بقيام جمعيات ومؤسسات تعتني بها وبتمكينها حين يهدرها عديمو الضمائر ممن يستغلون ضعفها لأنها امرأة.

المصدر: الوطن أون لاين