حليمة مظفر
حليمة مظفر
كاتبة سعودية

يا الله.. غير علينا!

آراء

أكثر ما أسمعه حين تتم مناقشة الكثير من القضايا أيا كانت من الناس قولهم “الله لا يغير علينا”! حتى أصبحت عادة “كلامية” نسمعها كثيرا ونستسلم لها بقول “آمين”.. وكأن التغيير لا يكون إلا للأسوأ! فيتمنون بقاء حالهم “واقف”، على ألا يُغير عليهم أبدا، رغم أنهم غير راضين ولا مقتنعين ودائما متذمرون من سلبية واقعهم ومؤسساته معهم. وكم كنتُ وما أزال أتمنى أحيانا أن أسمع أحدهم يقول: “الله يغيّر علينا للأفضل والأحسن”، لكن فيما يبدو أنها “فوبيا التغيير” أو مخاوف من أوهام محاولة الخروج من “كهف أفلاطون”! لهذا تُرعبهم صغائر الأمور إذا ما حصل أي تغيير للأفضل؛ فيرضون بكساد حالهم خوفا وطمعا.. خشية سلبيات بسيطة قد لا تُقارن بتحقق مصالح كبرى.

السؤال هنا: هل هو حال مَرضي أم مُرض أن يتمنى هؤلاء بقاءهم “محلك سر” دون أي تغيير ولو بأمنية التغيير للأفضل؟ أم هو الكسل الذي احتل فيه السعوديون المرتبة الثالثة عالميا؛ لكنه هنا ليس كسلا بدنيا بل كسل معرفي وفكري آخر، يتعلق بنمو “الوعي”؛ نتيجة تعطيل العقل واستبداله بتبعية الآخرين وإن كانوا على خطأ، فقط ليكونوا غير مسؤولين ومتواكلين، ويجدون “شماعة” يرمون عليها أخطاءهم إذا حصلت نتيجة عكسية لهذه التبعية، متناسين أهمية “النفس اللوامة” في تطوير الذات والمضي قدما إلى الأمام.

هي عقدة من التغيير وتحمل نتائجه سلبا أو إيجابا بمسؤولية! ويبدو أنه الخوف بأن نكون أكثر مسؤولية تجاه ما نقوم به. فتطغى الرغبة بالدعاء على ألا يغير علينا الله تعالى حالنا لآخر أفضل! رغم أن المحاولة تعني الاتجاه إلى التغيير وهي أولى خطوات النجاح والتقدم؛ وكم يشبه المجتمع البشري حين يتبنى مشاريع جديدة تنموية ذلك الطفل الذي يبدأ بتعلم المشي؛ خطوة فيسقط.. خطوتين ويسقط.. وخطوة خطوة يتعلم المشي بقدميه ثم الركض ثم المنافسة! لكن تخيلوا لو أنه ظلّ خائفا من السقوط دائما ومترددا؛ هل سيتغير حاله من “القاعد” إلى “المتحرك”؟

وفي ظل تغيير مستمر للمحيط المعاش؛ “فلا شيء يستمر سوى التغيير” كما يقول الفيلسوف الإغريقي هرقليطس منذ أكثر من ألفي عام، والثابت هو التغيير بكل بساطة، لكن هناك من لا يريدون المحاولة، وتجدهم “يولولون” لعرقلة كل دعوة للتغير إلى الأحسن بمخاوف ليست إلا في رؤوسهم، وقضايا كثيرة نعيشها حتى الآن لم نحسمها رغم مرور عقود من “الجدل”! قيادة المرأة للسيارة، وتقنين بعض القوانين لصالح الطفل، وتدريس المعلمات للصفوف الدنيا وغير ذلك.. وإن كانت أغلب القضايا المعلقة تخص المرأة؛ فهم يتناسون أن المرأة والرجل قدمان للمجتمع، تخيلوا أن هذا المجتمع يمشي بقدم واحدة والأخرى معطلة! في ظل رغبة الدخول في منافسة مع المجتمعات الأخرى في فرض القوة الحضارية؛ برأيكم هل نستطيع الدخول إلى هكذا منافسة بقدم واحدة!

أخيرا.. الله يغيّر علينا للأفضل والأحسن دوما… ياااارب.

المصدر: الوطن أون لاين