إدريس الدريس
إدريس الدريس
كاتب سعودي

يا شيعة القطيف: وما ظلمناكم ولكن

آراء

مرة أخرى وحيثما يتجه بصرك ويتناهى سمعك فإن وسائل التواصل والوسائط الحديثة تعج بتحريض مذهبي نتن بين الشيعة والسنة في المملكة، وصولاً إلى إيقاع الفتنة وضرب الوحدة الوطنية في مقتل، والواقع أن كثيرا من المعرفات والأسماء الوهمية في تويتر قد سخرت ودفعت لمثل هذا الهدف وهي بدورها موجة مندفعة تجر خلفها قطيعا من المواطنين الذين لا يرون أبعد من شراك نعالهم.

وكنت في مقال الأمس أشرت إلى بعض الاستهداف والتحريض الجاهل من قبل بعض مشايخ ودعاة السنة السعوديين، واليوم سأتحدث عن بعض شيعتنا وخاصة في القطيف الذين لديهم إرث تاريخي قديم من الشعور بالمظلومية والاضطهاد وقد تكرس هذا الشعور حتى توطن في النفوس حتى صار إخواننا الشيعة يسعون للتطهير والتكفير عن تقصيرهم في مذبحة الحسين في كل عاشوراء وتبعاً لهذا الشعور المترسخ فقد جاءت الثورة الإيرانية، والسعي المتوالي لتصديرها لتشكل لدى بعض الشيعة العرب حالة من الحضور والانتصار في ظل الهيمنة السنية على العالم الإسلامي، وزاد على ذلك كثير من الشعارات “الشعبوية” التي ترفعها إيران في وجه “الشيطان الأكبر”، وكذلك الحال مع رفع قميص فلسطين، وقد تولت رفعها وتسويقها الميليشيات المتطرفة التي حرص الحرس الثوري الإيراني على إيجادها في لبنان (حزب الله)، والحوثي، وفيلق بدر، وجيش المهدي، وعصائب أهل الحق، وجيش المختار ولواء أبوالفضل العباس وتطول قائمة الميليشيات الشيعية المسلحة التي صارت تفتك قتلاً وتخريباً في سورية والعراق واليمن إضافة إلى أن هذه الميليشيات العسكرية زادت حالة الاحتقان والحذر ثم التحفز لدى بعض السنة مما زاد من انتشار الوباء الطائفي.

ويعلم كل المخضرمين الراشدين من شيعة المملكة في الأحساء والقطيف أنه لم تكن ثمة مشاعر طائفية إلى ما قبل ثورة الخميني والجميع يعلم درجة التسامح التي وصلت حد التصاهر والتزاوج بين شيعة الأحساء وسنتهم.

لكن نار الطائفية تعمي وتصم، ومن هنا فإنني أتحفظ على ترسيخ حالة الشعور بالاضطهاد والظلم التي تتكرس لدى بعض إخواننا الشيعة أنهم يشتكون من قلة الخدمات وضعفها وبعض أوجه القصور التنموية، وهم لا يرون سبباً آخر لهذا القصور إلا في كونهم شيعة، وهم بذلك يتناسون أن التنمية عندنا غفلت – حيناً من الدهر- عن الأطراف وركزت جهدها على المدن الكبرى والرئيسة وليتهم يتذكرون أن حالهم التنموي أفضل بكثير من بعض مدن شمالنا العزيز وبعض جنوبنا الصامد، لكن أهل تلك الجهات لم ينظروا هكذا لهذا القصور بعين شكاكة وشكاية.

وما يؤكد كلامي في توطن الشعور بالريبة في نفوس إخواننا الشيعة هو وقوف معظم مفكريهم ومثقفيهم والمتنورين منهم على نفس الدرجة، بدليل أنك لا ترى موقفاً واضحاً وصريحاً منهم في حال تعرض رجال الأمن أو غيرهم من إخوانهم السنة لأي قتل أو تفجير، وبالمقابل فكما ندد كثير من مثقفي ومفكري السنة،