جمال خاشقجي
جمال خاشقجي
كاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية

3 تحديات تواجه صناعة الكتاب.. بل 4

آراء

ثمة ثلاثة تحديات تواجه صناعة الكتاب العربي، ورابع تجده في نهاية المقال.

أولها الرقابة، فالرقيب العربي لا يزال يعمل ببيروقراطية مملّة، أكوام من الكتب أمامه، لا تستحق انتظاراً طويلاً وتدقيقاً، ولكنه يتعامل معها مثلما يتعامل موظف البلدية مع رخص البناء، يعمل مسترخياً بمنطق «هي الدنيا طايرة»؟ بينما الكتاب كالمجلة والصحيفة، لا بد أن يصل ساخناً للقارئ، متواكباً مع الاهتمام الذي يريده المؤلف والناشر، يصل الكتاب إلى الصحافي فيكتب عنه ناقداً، ولكنه لا يصل إلى القارئ لأن الرقيب يشكو من كثرة الكتب وقلة المراقبين، بل يشكو أحياناً هو ووزارته من المتطوعين الذين يطالبونه بحظر هذا الكتاب أو ذاك، لأنه لم يوافق هواهم، لأنهم يرونه ضاراً على الناشئة، ولا يثقون بحصافة القارئ وقدرته على تمييز الطيب من الرديء، يريدون أن يكونوا أوصياء ليس على العقل فقط بل حتى على ما يتلقاه العقل، النتيجة أن الرقيب يشتري وجع دماغه فيشبع الكتاب بحثاً وتمحيصاً حتى يموت بين يديه، كل هذا يحصل في زمن الإنترنت الذي جعل الفكر عابراً كل المساحات وكل أشكال الرقابة.

التحدي الثاني هو الإنترنت، ابحث عن كتاب لم تجده في أقرب مكتبة إليك، وقد تجده مصوراً بصيغة «بي دي إف» فتحمله إلى جهازك اللوحي وتوزعه على أصدقائك ومحبيك دون أن تدفع قرشاً واحداً للمؤلف ولا للناشر، والنتيجة إفقارهما معاً، وقتل الصناعة ومعها حافز التأليف والإبداع.

التحدي الثالث هو عجز الناشرين عن الاتفاق على صيغة متفق عليها للنشر الإلكتروني الذي قد يكون به إحياء جديد لصناعة الكتاب، فتصبح تلك «الصيغة» في شكل متجر إلكتروني هائل هي معرض القاهرة والرياض وأبوظبي وكل معارض الكتب العربية مجتمعة في مكان واحد، مئات، آلاف من العناوين في متناول القارئ العربي، بدون تأخير ولا رقيب، بجولة سريعة في سوق التطبيقات، تجد نحو 20 متجراً إلكترونياً مشتتة الجهود، ولكن قليلاً منها يحمل آخر الكتب، ثمة فرصة هائلة لهذه الصناعة، ولكنها تنتظر مبادرة مشتركة من دور النشر العربية الكبرى، المشكلة أن كل ناشر يريد أن يكون له متجره الخاص بينما في أمريكا مثلاً ثلاثة متاجر رئيسية توفر ملايين العناوين، فمن يقرع الجرس ويأخذ زمام المبادرة؟ أزعم أنه لو اجتمعت «العبيكان» و«جرير» و«دار الشروق» و«مدارك» وأسسوا موقعاً مشتركاً لتبعهم البقية وأحدثوا ثورة غير مسبوقة في صناعة النشر.

التحدي الرابع والأخير مرتبط بالثلاثة الأُول، وهو العزوف عن القراءة، وعلاجه هو أن تضخ دور النشر العربية بعد تذليل العقبات الثلاث سابقة الذكر، المزيد والمزيد من الكتب، ما يستحق النشر وما لا يستحق، لنغرق القارئ العربي بالكتب فهو قادر على تمييز ما يستحق القراءة وما لا يستحق، دور النشر الغربية تضخ كل أسبوع مئات الكتب، والذي يصل إلى قائمة أفضل الكتب مبيعاً في صحفها الرئيسية عشرة فقط، لنفعل مثلهم.

المصدر: مجلة روتانا