د. عبد الحميد الأنصاري
د. عبد الحميد الأنصاري
كاتب قطري متخصص في حقوق الإنسان والحوار الحضاري والفكر السياسي

الإعلام الخليجي بين الحرية والمسؤولية

الخميس ٢٣ أكتوبر ٢٠١٤

كان «الملتقى الإعلامي الخليجي» الثاني، الذي احتضنته الكويت 14 - 15 أكتوبر 2014، ملتقى مثمراً، لتفاعل الإعلام الرسمي مع الإعلام الخاص، إذ أتاح حضور وزراء الإعلام الخليجيين وحرصهم على المشاركة في التعليق والتعقيب وردودهم على التساؤلات الموجهة إليهم من قبل المتحدثين وممثلي وسائل الإعلام الخليجي (الخاص)، وكان مجالاً حراً لتفاهم أفضل لقضايا الإعلام الخليجي. الكُتاب والأكاديميون والمحللون وممثلو الإعلام الخاص، شكواهم الدائمة من القيود الإعلامية، وهمهم المطالبة بتوسيع إطار الحريات الإعلامية، في الوقت الذي يركز فيه ممثلو الإعلام الرسمي على المسؤولية الإعلامية، ولعل خير من عبر عن هذه القضية وزير الإعلام الكويتي الشيخ سلمان الصباح في تعقيبه المتزن في الجلسة الأولى، حين أكد أنه مع توسيع الحريات الإعلامية ومع ضمانات حريات التعبير، وأنه لن يضيق صدراً بوجهات النظر كافة، ولكنه يريد حريات إعلامية مسؤولة لا «تفبرك» الخبر ولا تروّج للإشاعات ولا تحرض على العنف والكراهية، ولا تجرح الآخرين وتطعن في ذممهم وتشكك في معتقداتهم ووطنيتهم، فالحرية تقابلها المسؤولية، وإلا عمّت الفوضى ولم يسلم أحد على عرضه وسمعته وحياته ومعتقده. المتحدثون من مختلف دول مجلس التعاون وجهوا انتقادات وملاحظات محقة للإعلام الخليجي، وقدموا مقترحات جيدة تهدف للارتقاء به، وأجمعوا على ضرورة السعي إلى تعزيز «الوحدة الإعلامية» بين دول المجلس، بحيث يجسدها «خطاب إعلامي خليجي واحد»؛ لأن ما هو حاصل اليوم أن…

11 سبتمبر ونظرية المؤامرة

الأربعاء ٢٤ سبتمبر ٢٠١٤

بين اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001 وقيام أميركا بقيادة تحالف دولي لملاحقة «القاعدة» تحت شعار «الحرب على الإرهاب» وسعي أميركا اليوم لتشكيل تحالف دولي لمواجهة «داعش»، مرت 13 سنة، جرت خلالها مياه كثيرة، وحصلت تغييرات واسعة طالت المنطقة العربية في مختلف أوضاعها: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والتعليمية والدينية، لكن شيئاً واحداً استعصى على التغيير، هو إيمان قطاع واسع من العرب، بأن المخابرات الأميركية هي من دبر تلك المؤامرة الإرهابية، أي أن أميركا «ضربت نفسها بنفسها، وأدمت أنفها»، فإن لم تكن المخابرات الأميركية وراءها، فهي حتماً «الموساد» الإسرائيلي، وأهداف أميركا من هذه المؤامرة وإلصاقها بالعرب والمسلمين هي: 1- تبرير تدخلها في أفغانستان والعراق لإسقاط نظاميهما المعاديين لها. 2- إيجاد ذريعة لإحكام سيطرتها على المنطقة والتحكم في مقدراتها ومواردها. 3- إعطاء «شرعية» لممارستها الضغوط السياسية لإجبار الدول العربية على تغيير المناهج التعليمية والدينية باعتبارها منتجاً لفكر الكراهية والتطرف المنتج للإرهاب العابر للحدود. 4- إيجاد فزاعة تخيف بها العرب من الخطر الإرهابي، ضماناً لانقيادهم في التحالف الدولي ضد الإرهاب. ولا أدل على رسوخ الإيمان بهذه النظرية (نظرية المؤامرة) في الساحة العربية إلى يومنا هذا من أن الكاتب المسرحي الساخر علي سالم كتب مؤخراً يقول: إنه كان يستمع إلى إحدى المحطات المصرية، الخميس 11 سبتمبر، ذكرى انهيار البرجين في أميركا (11 /…

«التحصين» ضد التطرف ومسؤولية الأسرة

الأربعاء ١٠ سبتمبر ٢٠١٤

إذا استثنينا الخليج، فإن المنطقة العربية أصبحت محاطة بحزام من العنف الإرهابي، الذي يقتل ويدمر ويهجر آلاف البشر. منذ هجمات «القاعدة» على أميركا في الحادي عشر من سبتمبر 2001 وإلى اليوم، تمر 13 عاماً والإرهاب يزداد ضراوة ووحشية، ويسقط الضحايا من المدنيين، نساءً وأطفالا وأناساً بسطاء على امتداد الساحة العربية والإسلامية من غير ذنب. شباب مسلم متحمس دينياً، يقومون بتفجير أنفسهم في مسجد أو ضريح أو فندق أو سوق شعبي أو مجمع تجاري، وتُزهق أرواح آلاف في سبيل عقيدة «الجهاد» المشوّهة، يحسبون أنفسهم «شهداء» ويعدون إجرامهم «جهاداً». هم من قال الله تعالى فيهم في محكم كتابه: «الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً». الحياة نعمة عظيمة من المولى تعالى، والذين يسعون إلى قتلها هم الجاحدون لنعمته، مُلئت نفوسهم كراهية وبغضاً، إذ لا يقدم على قتل نفس معصومة إلا صاحب نفسية غير سوية، تعادي الحياة والأحياء والمجتمع والحضارة. هؤلاء الشباب الذين تحولوا إلى أحزمة ناسفة وقنابل بشرية متفجرة هم أبناء «ثقافة الكراهية»، هم نتاج ثقافة متعصبة وأيديولوجيا عدوانية لا تقيم وزناً للحياة ونِعم الله تعالى. ومهما تحدث المنظرون عن العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية التي تدفع هؤلاء الشباب إلى تفجير أنفسهم في الأبرياء، إلا أنها في النهاية ترجع إلى عامل رئيسي واحد هو «ثقافة الكراهية». هل تساءلنا:…

الحواضن الاجتماعية للإرهاب

الإثنين ٠١ سبتمبر ٢٠١٤

تسعى الولايات المتحدة إلى حشد تحالف دولي لمواجهة "داعش"– النسخة الأخطر والأبشع للقاعدة– وهو ما يذكرنا بالتحالف الدولي الذي قاده بوش عقب هجمات "القاعدة" على أميركا فيما سمي بـ "الحرب على الإرهاب"، كانت حرباً شاملة على "القاعدة": عسكرياً ومالياً وثقافياً، اليوم بعد 13 عاماً من الحرب على الإرهاب، علينا أن نتساءل: لماذا استمر الإرهاب وأصبح أكثر ضراوة ووحشية في ارتكاب جرائم إبادة جماعية للأقليات والطوائف والمكونات التاريخية في العراق؟! وكيف نجح في اجتذاب أكثر من 12 ألف مقاتل أجنبي في صفوفه، منهم بريطانيون وفرنسون وألمان وأميركيون؟! الحرب على الإرهاب لم تتمكن من الوصول إلى عقلية الإرهابي ونفسيته للتعرف على دوافعه وأهدافه، ولم تقدم إجابة شافية عن: ما الذي يدفع شاباً في عمر الزهور لتفجير نفسه؟! الإنسان لا يترك الحياة ومباهجها إلا من أجل حياة أفضل، ولا يزهد في نساء الدنيا إلا من أجل نساء أجمل في الجنة، ولكن كل ذلك يتم في ظل "عقيدة" متسلطة تزين لصاحبها أن عمله الإجرامي "جهاد" و"استشهاد" العمل الإرهابي أساسه فكر متطرف، يقوم على ادعاء تملك الحقيقة الكاملة ورفض نسبية الحقائق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، كما يهدف إلى التسلط على الآخرين وإرغامهم بقوة السلاح.  الإرهاب فكر لكنه عدواني، وهو مرض لكنه يصيب النفس ويميت القلب، ثم وهو الأخطر "بيئة اجتماعية حاضنة" بائسة ومحبطة، ولا يثمر العمل…

«داعش» كأخطر إفرازات «ربيع العرب»!

الأربعاء ٢٧ أغسطس ٢٠١٤

كان من أسوأ وأخطر إفرازات وتداعيات ما سُمي بثورات «الربيع العربي»، سقوط «هيبة الدولة» في كثير من البلاد العربية، وانهيار كافة مؤسساتها القانونية والقضائية والأمنية، وذلك وسط بحر من الفوضى والاضطرابات، الأمر الذي مهد وهيأ المناخ الملائم لانطلاق «قوى الدمار والشر» من عقالها، لتعيث على امتداد الأرض العربية فساداً وقتلاً وتدميراً وترويعاً للناس وتهجيراً للملايين من أوطانها. دماء عربية غزيرة تسفك وطوائف دينية وأقليات تاريخية يقتل رجالها وتسبى نساؤها ويخطف أطفالها وتُهجَّر من مدنها التي استوطنتها منذ فجر التاريخ.. وكل ذلك يتم تحت سمع وبصر العرب والمسلمين الذين يقفون عاجزين عن تقديم يد العون ووقف المجازر وحرب الإبادة الممارسة ضد هؤلاء البائسين الذين يستغيثون بالمجتمع الدولي لإنقاذهم ويطالبون بسرعة التحرك لنجدتهم مما هم فيه. ما يعانيه العرب في العراق، وسوريا، وليبيا، واليمن، من مآس وأوضاع مضطربة ومجازر إرهابية أودت بحياة الآلاف من البشر منذ انطلاقة الشرارة الأولى لما سمي بثورات «ربيع العرب»، في تونس قبل 4 سنوات، وما عانته تونس ومصر في سنوات الهدر والفوضى الأربع الماضية، ما هو إلا بعض الثمار المرة لثورات «ربيع العرب» التي استبشرنا بها وهللنا لها وتطلعنا إلى تحقيق أهدافها في الحرية والعدل والكرامة. لقد هلل الكثيرون - نخباً وكتاباً وإعلاميين -لسقوط «حاجز الخوف» من النظام، وعدوه أكبر إنجازات «الربيع العربي»، وفرحوا بحكم الشارع والميدان،…

رؤية محمد بن راشد لهجرة العقول

الأربعاء ٠٢ يوليو ٢٠١٤

«الأمم العاقلة هي الأمم التي تؤمن بالإنسان وبقيمته، وبأن رأسمال مستقبلها في عقل هذا الإنسان وأفكاره وإبداعاته». بهذه الفقرة البليغة، اختتم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مقالته «الهجرة المعاكسة للعقول»، التي نشرتها العشرات من الصحف العربية والعالمية والعديد من المواقع الإلكترونية، كما لقيت أصداءً واسعة، تناقلتها أقلام ست عشرة لغة بالترجمة والدراسة والتحليل في تسع وأربعين بلداً حول العالم، ومن وحيها كتبت مقالة سابقة بعنوان «عودة العقول المهاجرة»، نشرتها صحف خليجية عدة. ولا غرو في الأمر، فمقالة الشيخ محمد بن راشد تعالج قضية بالغة الأهمية تتعلق بمصير الشعوب والأمم وبمستقبل المجتمعات والأوطان، كما تتعلق بـ«أعظم ثروات الأمم»، وهي العقول والكفاءات والمواهب والطاقات المبدعة، وبتهيئة المناخات الملائمة لاجتذابها وتوظيفها، وأهمية الاستثمار في العنصر البشري، باعتباره «الاستثمار الأبقى» والأفضل للموارد والثروات. كما تتضمن المقالة رؤية سموه للشروط الضرورية اللازمة لاستقطاب الكفاءات والعقول والطاقات وتفعيلها في خدمة الأوطان والمجتمعات، بما يساهم في تنميتها وتقدمها وصنع واقع أفضل. تُرى ماهي الدوافع وراء انشغال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بهذه القضية الحيوية؟ يذكر سموه، أنه خلال سنوات دراسته في بريطانيا، راجع طبيبه المعالج، وكان عربياً، فسأله: إن كان ينوي البقاء طويلاً أم العودة لوطنه قريباً، فقال له: «وطني حيث لقمة عيشي». وبقيت هذه الكلمات عالقة في ذهنه طويلاً، ليتساءل: ما مفهوم…

نحو «مفهوم استراتيجي للأمن الخليجي»

الأربعاء ٠٧ مايو ٢٠١٤

أمن الخليج العربي، الوطني والإقليمي، هو القضيّة المحوريّة التي تتداعى إليها نُخبة من المسؤولين والأكاديميين والمفكرين الخليجيين في ملتقى حيوي نظمه «مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة» (دراسات) بمملكة البحرين، يومي 23 و24 من شهر أبريل المنصرم. هذا المركز النشط، له اهتمام خاص برفع وعي الخليجيين حيال الحاجة إلى بلورة مفهوم استراتيجي، جديد وشامل، للأمن الخليجي، يعتمد على الخليجيين أنفسهم، وله قوّة الردع والموازنة. وقد سبق للمركز أن عقد المؤتمر الأول عن الأمن الوطني والأمن الإقليمي قبل عامين في فبراير 2012، وكان له أصداء واسعة في الساحة الخليجية. رئيس مجلس أمناء المركز الدكتور محمد عبد الغفار، وهو مستشار جلالة ملك البحرين للشؤون الدبلوماسية، مفكر وباحث في مجال الأمن الاستراتيجي، وله كتابات متميّزة في هذا الشأن، افتتح المؤتمر بكلمة لخّص فيها أبرز عوامل التغير الضاغطة. العامل الأول: إن «التحولات الكبرى» التي تشهدها المنطقة، تغير في «التحالفات الكبرى» للخليج بحلفائه التاريخيين، شئنا أم أبينا. العامل الثاني: إن تغير تلك «التحالفات» يتطلّب من الخليجيين مراجعة مفهومهم للأمن الاستراتيجي، على غرار ما تفعله دول حلف شمال الأطلسي كل عشر سنوات. إن بقاء الحال من المحال، ومن التفريط أن تظل استراتيجية دول الخليج، الأمنية والدفاعية، معتمدة على استراتيجيات الحلفاء في زمن بدأت فيه «التحالفات» تتغيّر وتتفكك. العامل الثالث: إن المنظومة الخليجية، متجانسة في نظمها السياسية،…

في تحجيم فكر التشدد الديني

الأربعاء ٢٣ أبريل ٢٠١٤

كان من التداعيات السلبية لـ«ربيع» العرب انتعاش وتصاعد موجات التشدد الديني في المجتمعات التي شهدت ثورات أو انتفاضات ذلك الربيع، وهي وإن اختلفت في حجمها وشدتها وتأثيرها ومظاهرها، تبعاً لاختلاف المجتمعات العربية من حيث درجة التحصين والمقاومة، إلا أن ما يجمع موجات التشدد الديني تلك على اختلاف أطيافها ومسمياتها، استنادها إلى فكر واحد، هو فكر الغلو والتشدد والإقصاء والكراهية للآخر. وقد تحول هذا الفكر في ظل غياب سلطة الدولة وضعف الأجهزة الأمنية، إلى سلوكيات عدوانية، وفتاوى تشدد على الناس في سلوكياتهم وتصرفاتهم، وتتوعدهم بالعذاب والتأثيم الشديد، وقد تصل إلى التفسيق والتكفير والتخوين. وقد تم توظيف منابر بيوت الله تعالى وفضائيات دينية ومواقع إلكترونية في تغذية الكراهية ضد الآخر المختلف، مذهباً أو ديناً، حتى أن الأقليات الدينية باتت في قلق وارتياع على مستقبل أبنائها، وكثير من أفرادها وعناصرها هاجروا من البلاد العربية. التشدد الديني مبناه الغلو في المعتقد وفرض الرأي وإساءة الظن والتوسع في التحريم وتضييق دائرة المباحات في تناقض بيّن مع منهج الإسلام القائم على التيسير ورفع الحرج وعدم التعسير والمعاملة بالحسنى والدعوة بالحكمة (وقولوا للناس حسناً). نصوص القرآن الكريم وهدي النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله تعالى عليهم، كلها مع التيسير والمرونة، والنهي عن الغلو سواء في المعتقد بتكفير الآخرين أو في المعاملات بالتوسع في التحريم أو…

الحاجة لخطاب ديني إنساني معاصر

الأربعاء ١٢ مارس ٢٠١٤

تشتد حاجة مجتمعاتنا اليوم إلى خطاب ديني إنساني معاصر يحتضن الإنسان لكونه إنساناً مكرماً من قبل خالقه عز وجل، ولقد ظهرت في الآونة الأخيرة على أيدي نخبة مستنيرة من العلماء والمفكرين مؤلفات تعنى بإبراز القيم الإنسانية المتضمنة في النصوص الدينية قرآناً وسنة، من أبرز هذه المؤلفات كتاب سماحة الشيخ حسن الصفار «الخطاب الإسلامي وحقوق الإنسان»، نستمع إليه شارحاً قوله تعالى «ولقد كرمنا بني آدم»، فيقول: «عندما خلق الله تعالى الإنسان أقام له مهرجاناً كونياً للاحتفاء به، وأمر الملائكة بأداء مراسم التحية والإكرام له بالسجود. لقد ربط القرآن الكريم التكريم ببني آدم، أي أن التكريم للإنسان لكونه إنساناً، فالإنسانية وحدها علة التكريم وليس الدين أو المذهب أو الجنس أو الجنسية أو اللغة أو اللون، وهو بهذه الصفة له حقوق كاملة، لا يجوز لأحد أن ينتهكها أو يمسها». وللمفكر العراقي المعروف الدكتور عبدالجبار الرفاعي كتابه المرجعي الهام «إنقاذ النزعة الإنسانية في الدين»، وقد ذهب فيه إلى أن الإنسان «كائن ديني» تكون ضميره الأخلاقي من الدين، لكن على مر العصور تراكمت على جوهر الدين موروثات مجتمعية حجبت الجوهر الأصيل للدين، ومن هنا علينا إنقاذ هذا الأصل المتمثل في القيم الإنسانية والأخلاقية بإعادة قراءة للقراءات المتعددة للدين، وللباحث المتميز المفكر زكي الميلاد كتيب نفيس بعنوان «الإسلام والنزعة الإنسانية» أصل فيه (النزعة الإنسانية) في ديننا،…

الدولة المدنية والدينية… وعوامل الصراع

الأربعاء ٢٦ فبراير ٢٠١٤

مُدّ ناظريك على امتداد الساحة العربية، خارج محيط دول مجلس التعاون الخليجي، ماذا ترى؟ صراعات دموية، واضطرابات وقلاقل، وجماعات مسلحة تنازع الدولة سلطانها، في العراق يقاتل الجيش العراقي مجموعات متشددة تريد أن تقيم دولة للإسلام بحسب مفهومها، وفي سوريا الجيش يحارب شعبه ويذيقه العذاب كل يوم بالبراميل المتفجرة، وفصائل مسلحة تقاتل بعضها بعضاً بزعم الجهاد وإقامة دولة الإسلام، وفي لبنان «حزب الله» كوّن دولة الفقيه الدينية وأرسل ميليشياته تقاتل السوريين، وفي غزة استراحت «حماس» واستكانت بعد أن كوّنت دولتها الإسلامية، وفي مصر يخوض الجيش حرباً على جبهتين: «الإخوان» من جهة والتنظيمات المسلحة في سيناء من جهة أخرى، وفي ليبيا الميليشيات تقاتل بعضها بعضاً وتنازع الدولة سلطتها، وفي اليمن يسعى الحوثيون إلى تكوين دولتهم... المستفيد الأول من هذه الصراعات بطبيعة الحال هو إسرائيل. وكما يقول الصحفي الكبير غسان شربل فإن «إسرائيل اليوم في أفضل حالاتها، حققت انتصاراً فاحشاً من دون أن تخسر جندياً واحداً». ترى لماذا هذه الصراعات؟ ومن أجل ماذا؟ يقول المفكر البحريني الدكتور محمد جابر الأنصاري: إنها «صراع الدولة المدنية والدولة الدينية»، وأراه صادقاً فيما قال، فهذه الصراعات وإن اتخذت وجهاً طائفياً أو دينياً أو أيديولوجياً، هي في النهاية لا تخرج عن صراعات بين أنصار الدولة الدينية بكافة أطيافها، وأنصار الدولة المدنية بكافة ألوانها. لكن ما هي العوامل التي…

كيف نصون بيوت الله من اللغو السياسي؟

الأربعاء ١٢ فبراير ٢٠١٤

يحدد القرآن الكريم، الرسالة الدينية للمساجد، في قوله تعالى: «وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً»، أي أن بيوت الله تعالى، بيوت أعدت وهيئت للعبادة ولذكر الله تعالى ولقراءة القرآن والاستغفار والتوبة، ولإعادة شحن الطاقة الإيمانية للمسلم والارتقاء الروحي والأخلاقي. فدارات المساجد هي منارات تشع طاقة من النور والهداية فيمن حولها، فإذا أصبح المسجد جامعاً -تُقام فيه صلاة الجمعة وخطبتها- فإن المهمة تكون أعظم، والدور يكون أكبر. وما سمي الجامع جامعاً إلا لأنه يجتمع فيه أهل المنطقة جميعاً، فتجتمع كلمتهم ويحصل التآلف بينهم، ومن هنا كانت مهمة خطيب الجمعة جليلة، في أن يحسن خطابه، ملتزماً منهج القرآن في الدعوة، في قوله تعالى: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة»، بأن يكون داعية للخير والسلام والتسامح مبشراً بالقيم الأخلاقية العليا، معززاً للمشترك الديني والمذهبي والإنساني بين أبناء المجتمع الواحد وبين المجتمعات الإسلامية، محفزاً طاقات الشباب للبناء والتنمية والإنتاج والعلم، رائده قول الله تعالى «قولوا للناس حسناً» وقوله عز وجل «وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن». هذه هي رسالة المسجد، وهذا هو المنهج الصحيح للدعوة والإسلام، لكن مما يؤسف له، أن آفة «التسييس» وهي آفة كبرى في حياة العرب السياسية وفي تاريخ صراعهم على السلطة، إلى يومنا هذا، لحقت بمنابر بيوت الله تعالى، إثر وصول «الإسلام السياسي» إلى السلطة، حيث أصبحت…

نحو استراتيجية لـ«تحصين البيت الخليجي»

الخميس ٠٥ ديسمبر ٢٠١٣

«التحديات والتحولات أمام دولة الكويت ومنطقة الخليج العربي في العقد الحالي 2013-2020»، هو العنوان الذي اختاره قسم العلوم السياسية بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت لمؤتمره الأول والذي استقطب نخبة من أهل الفكر والثقافة والسياسة والدبلوماسية، وحضوراً بارزاً من طلاب وطالبات القسم. وعلى امتداد يومين كاملين، توزّعت محاور المؤتمر في 5 جلسات حافلة بالطروحات الفكرية والمناقشات الثرية لكافة جوانب وأبعاد القضايا المثارة، بدءاً بالتأثيرات السياسية والأمنية، مروراً بالاقتصادية والاجتماعية، وانتهاءً بالتداعيات الدولية، وصولاً للتوصيات. الخليج اليوم هو الكيان العربي الذي قال عنه عبدالله بشارة أول أمين عام لمجلس التعاون الخليجي، هو «الجزء السليم الصحي في الجسم العربي»، قالها قبل عقد من الزمان ولازالت المقولة صادقة إلى اليوم. من يشكك في كون الخليج، وأقصد دول مجلس التعاون، هو الواحة الآمنة وسط عالم عربي مضطرب؟ من ينكر أن الخليج هو الكيان العربي الأكثر ازدهاراً والأعظم إنجازاً والأكبر جذباً للاستثمار والبشر؟ ما كان للخليج أن ينعم بما ينعم به اليوم لولا عناية الله عز وجل وحكمة الآباء المؤسسين (قادة الخليج) الذين قادوا سفينة التعاون الخليجي وسط مخاطر وأهوال كانت محدقة بالخليج وأهله فعبروا به إلى بر الأمان. لقد كانت التحديات قبل 31 عاماً، تاريخ قيام المجلس، أعظم والخليج كان في وضع أضعف. لكن الخليج اليوم في وضع أقوى وإمكاناته أعظم، وهو يؤثر في محيطه…