بدرية البشر
بدرية البشر
كاتبة سعودية مقيمة في دبي

أجهل من جاهل!

السبت ١٩ يناير ٢٠١٣

على رغم كل الاحتياطات الواردة في القرار المعلَنِ يومَ الجمعة الماضي بتعيين 30 سيدة في مجلس الشورى، وهي احتياطات شددت على وجوب الفصل التام في مجلس الشورى بين النساء والرجال، من حيث المرور عبر بوابات الدخول والخروج، وكذا في المكاتب، وحتى في استعمال المرافق المستخدَمة، وعلى رغم أن مجلس الشورى هيئة استشارية تكتفي بتقديم توصيات حكومية غير ملزِمة باتّباع سياسات عامة لا تمثل ولاية عامة على المسلمين، وهو ما يرى البعض أنها ولاية لا يجوز للمرأة تَقَلدها، على رغم كل هذا، لم نعدم مَن يظهر علينا معارضاً القرار، حيث خرج فريق في مسيرة بلغت 40 رجلاً، صوَّروا أنفسهم على موقع «يوتيوب» وتكلم باسمهم متحدثهم، وحسناً فعلوا، لكي لا يتركوا للآخرين فرصة لتفسيرات بطولية تتعدى ما خرجوا من أجله. بعض جمهور «تويتر» دافع عن هذه المعارضة بمنطقين لا ثالث لهما، الأول أنهم يمارسون حق التعبير، وهو أمر تكفله مبادئ الديموقراطية، والآخر أنهم محتسِبون، وهو حقّ يكفله الدين! الذي يدافع عنهم باسم الديموقراطية وحق التعبير، عليه ألا يتخلى عن مبادئ الديموقراطية الباقية، فالديموقراطية سواء أكانت ذات مضمون ليبرالي أم إسلامي، فإن أول ما تحميه التعددية، التي يحاربها المعارضون وجمهورهم، كما أن الديموقراطية تحمي حق التنمية للأفراد، نساء ورجالاً من دون تمييز، وتحترم حقوق الإنسان، رجلاً كان أو امرأة، كما أ‍ن لها آلية…

اعتبرنا «مصريين يا شيخ»!

الأربعاء ١٦ يناير ٢٠١٣

أثارت خطبة الشيخ محمد العريفي الملتهبة في مديح مصر غيرةَ كثير من مواطنينا، وأنا منهم، وعلى رغم أن جميع ما ورد في الخطبة ألّفه أحد الباحثين المصريين، ونُشِر في بعض المواقع المصرية بعنوان: «مصر وما فيها من الفضائل في القرآن والسنة»، ثم تبيّن أن «أكثرها» باعتراف الشيخ منقول «شبه حرفي» من مقالات للباحث الدكتور محمد موسى الشريف، التي نشرها في سلسلة مقالات في مجلة «المجتمع»، بعنوان «فضائل مصر ومزايا أهلها». إلا أن الشيخ حين يصدح بها في خطبة «مضرية» من مسجد عمرو بن العاص في القاهرة، وتنقلها قناة «الجزيرة»، فإن طعمَها يصبح مختلفاً، فينصت لها المصلون، وتُشفي قلوب «المقروحين»، وتُداوي جراح المعوزين. فالخطبة لم تترك قولاً في مديح مصر الحبيبة على قلوبنا إلا استحضرته، بدءاً من ذكرها في القرآن والسنة، ومروراً بالصحابة، وقول كعب الأحبار ابن إسحاق: «لولا رغبتي في بيت المقدس لما سكنت إلا مصر»، وانتهاء بالشعراء الذين مروا بها، وأهمهم المتنبي. لم يبخل الشيخ العريفي على أقباط مصر بالمديح، فذكر قول الرسول - صلى الله عليه وسلم-: «فاستوصوا بقبطها خيراً، فإن لهم ذمة ورحماً»، وغاب عنه قول عمرو بن العاص المشهور الذي جعل رجالها مع من غلب ونساءها كاللعب، لتحضر مقولته: «من أراد أن ينظر للفردوس فلينظر إلى مصر»، كما أصّلت الخطبة العلاقات السعودية المصرية، وذكرتهم أن المصريين…

30 سيدة.. ونطمح للمزيد

الأحد ١٣ يناير ٢٠١٣

صدر أمس قرار خادم الحرمين الشريفين بالتشكيل الجديد لمجلس الشورى الذي بدأ هذا العام، وتحقق فيه وعد خادم الحرمين الشريفين بتمكين المرأة من دخول مجلس الشورى، فدخلت في دورته الجديدة لهذا العام 30 سيدة من النخبة الأكاديمية، ومن صاحبات العلم والخبرة والاختصاص. هذا الخبر بكل تأكيد يستحق الاحتفاء، فهذه المشاركة النسوية في واحدة من أهم مؤسسات الدولة هي اعتراف بأهلية المرأة ورشدها، وحقها في أن تخدم مجتمعها بصفتها مواطنة فيه، كما يشير إلى أن المرأة في السعودية تقدمت باتجاه دورها في المجال السياسي، ولم تقف عند حدود الدور الاجتماعي والتربوي والاقتصادي والطبي، والذي كانت حاضرة فيه بامتياز، ومن يحاول التقليل من هذه الخطوة لا يعرف بالتأكيد حجمها، في ظل مجتمع اشتهر بالكثير من الممانعات الفكرية والاجتماعية لتقدم المرأة، وعرّضها للحجب والإبعاد عن المجال العام، ما أخضعها للبقاء في صورة نمطية سلبية، بل وشكّك في قواها العقلية، وحصرها في دور التابع والقاصر والضعيف. في مثل هذه المناسبات، يتقدم الفرح قبل النقد، فيستوجب أن نقول «مبروك». مبروك لكل السيدات أعضاء مجلس الشورى اللاتي حظين بالثقة الملكية، وما كانت المرأة لتنالها لولا الدور الذي قامت به، ولولا تيار الوعي المتنامي في أوساط النساء، الذي يلح على وجوب حصولها على هذا الحق، كحقوق أخرى كثيرة لا تزال تحت الطلب. النساء اللاتي ترشحن لمجلس الشورى…

المبتعثة التي عاشت خنقاً وانتهت طرداً!

الخميس ٠٣ يناير ٢٠١٣

نشرت الصحف خبراً عن طالب مبتعث سعودي ضرب زوجته وخنقها، حتى فقدت الوعي، فأدخلت على أثر ذلك المستشفى، وأجريت لها جراحات، بسبب ما تعرضت له من عنف. وعلقت أطرافٌ عدة على هذا الخبر، أهمها - في نظري - أولاً: الملحقية السعودية، وثانياً: جمهور القراء في الصحف وفي «تويتر»، وثالثاً: الزوجة الناجية، التي اضطرت إلى التصريح عبر حساب في «تويتر» لتصحيح الأخبار المتضاربة، ووصفتُها بـ «الناجية» وليست الضحية، لأنها لا تزال قادرةً على امتلاك خيارات تنصفها، أهمها: القضاء الأميركي الذي اعتبر وصول سيدة إلى طوارئ المستشفى مخنوقةً ومضروبةً، جنايةً قد تعرّض فاعلها إلى السجن 12 سنة، حتى ولو كانت درجة القرابة زوجاً. الملحقية السعودية في واشنطن وصفت المشكلة بأنها شخصية وفضّلت عودة الزوجين إلى البلاد، وحلها مع الأهل أو أمام القضاء السعودي، لكنها لم تقف عند هذا التصريح، بل اتخذت إجراءً إدارياً ضد الزوجة، فعلقت بعثتها ثلاثة أشهر - بحسب تصريح الملحقية -، لكن الطالبة المبتعثة فتحت حساباً خاصاً على «تويتر»، كي توضح ما حدث فقالت: «إن ما جرى لها ليس ضرباً، وإنما محاولة قتل، تكررت مرتين، وليس ضدها هي فقط، بل ضد طفلها الذي عادت يوماً إلى المنزل ووجدت جلده محمراً من الضرب المبرح، لأن والده وضعه في الفرن، كي يخاف ويسكت»، كما قالت الزوجة: «إن الملحقية قطعت بعثتها منذ…

الأماني المطلوبة

الأحد ٢٣ ديسمبر ٢٠١٢

بحثت عن معاني اسم «وجدة»، وهو عنوان الفيلم السينمائي الذي أخرجته المخرجة السعودية هيفاء المنصور، وفاز بجائزة المهر العربي في مهرجان دبي السينمائي، فعثرت على معان كثيرة لهذا الاسم، وكان أطيب ما ارتحت له هو معنى «الأماني المطلوبة»، وفي معنى آخر كان اسماً لمدينة مغربية وتعني «الكمين»، وآخر يقول إن معناه «الطريق». وجدت في «وجدة» لهيفاء المنصور طريق وردة شقت وجه الأسمنت، وحكاية تشبه معظم حكايات النساء، في بلاد تمنع فيها السينما، وأيضاً يمنع حمل الكاميرا السينمائية على أية فتاة تريد التعبير عن نفسها، لتفاجأ بأن طريقها مسدود مسدود. وعبر أول فيلم سينمائي سعودي يشارك في مهرجانين دوليين، ويفوز بجائزة أفضل فيلم عربي، وبجائزة أفضل ممثلة تنالهما مخرجة سعودية، وطفلة سعودية في العاشرة من عمرها، تكون هيفاء المنصور قد عثرت أخيراً على «وجدة» خاصة بها، أي طريق نحو عالم السينما، وباعتراف لجان التحكيم وجمهور فينيسيا الذي وقف يصفق لها 10 دقائق وكذلك فعل جمهور دبي. في مهرجان دبي السينمائي، كنت أشاهد الشباب السعودي يتسابق مع شباب من الكويت والإمارات والبحرين، جميعهم جاؤوا من بلاد لم تقطع أشواطاً طويلة في صناعة السينما، لكنها على الأقل تمتلك دور عرض لأفلام سينما العالم، باستثناء السعوديين. وحدهم جاؤوا من بلاد تمنع فيها دور العرض السينمائية، وقد عبر عن ذلك أحد الشباب السينمائيين حين قدم…

باب الحارة في «بلجرشي»!

الأحد ٠٩ ديسمبر ٢٠١٢

عندما أقامت طالبة في كلية العلوم والآداب في مدينة بلجرشي معرضاً تشكيلياً، وحرصت موظفات الكلية على دعوة عميد الكلية ليقوم بافتتاح المعرض في يومه الأول، فإن أقل ما توقعته الفنانة التشكيلية الواعدة هند الغامدي هو أن يقوم سيادة العميد بدعمها وتشجيعها، بخاصة وأنه قبل الدعوة، وجاء متحمساً إليها بخطة رباعية استطاعت خطف الأضواء من مبعوث الأمم ال‍متحدة الأخضر الإبراهيمي، فعميد كلية العلوم والآداب حين زار المعرض التشكيلي قام بتمزيق اللوحات أولاً، ثم توقف عند دفتر الزوار وقال كلمته كي لا يسمح للعواذل وأعداء التعتيم بأن يقولوا إن الفأر هو من أكل اللوحات، أو إنهم جماعة مرسي من الصعيد، فكتب لها كلمة ترشدها للطريق السوي تنصحها «بأن ترتقي بالمجتمع»، بخاصة أنه قد ترجم لها عملياً كيف يمكنه هو أن يرتقي بالمجتمع حين قام بارتقاء وجوه اللوحات ودهسها، فهل هناك أمهر من هذا الارتقاء؟ لم يكتفِ عميد الكلية بهذا، فهو على ما يبدو كان متفرغاً تلك الليلة لخوض معركته «الجهادية» ضد اللوحات التشكيلية، فقام بالخطوة الثالثة وهي كتابة رسالة أرسلها إلى هاتف إحدى الموظفات: «لقد مزقت اللوحات، خلها تسامحني». وكما يبدو فإن الجملة في سياق فعل «أمر» تقديره «تسامحين وأنت ما تشوفين الدرب» لا في سياق الرجاء، إلا إن كان يختبر أخلاقها وسعة صدرها. الطالبة لا بدّ أن تفهم وفق أي وعي…

ربما – لا تصنعوا منا أبطالاً!

الأحد ٠٢ ديسمبر ٢٠١٢

حين تأخر جواز سفري مع ضابط الجوازات في الكويت مدة تجاوزت الساعة بدأ عقلي يسرّب قلقه على طريقته، سائلاً إياي «بدرية هل تنتمين إلى تنظيم سري؟ قلت له: لا والله، فعاد يقول لي: اعترفي هل تحملين معك مخدرات؟ فقلت له أقسم بالله لا». فعرفت أنني بعد هذين الجوابين يجب ألا أقلق، لكن هذا لم يمنعني من أن أتعجب بعد سماع قرار أن وزارة الداخلية تمنع مواطنة خليجية من دخول أراضيها بدلاً من أن تتيح لها الدخول من دون جواز سفر أو هوية، بل وكاتبة تكتب في صحف الكويت وفي الصحف السعودية وتباع كتبها في الخليج. وعلى رغم هذا فقد أعجبت بطريقة الأمن الذي يسرق طمأنينتك من جهة ويعيدها لك من جهة أخرى، فهم يتركونك مع قلقك الذي يهوّل المسائل حتى تهون عليك مصيبتهم، فبعد التنظيم السري والمخدرات، لا يعود منعك من الدخول إلا مما قدر الله ولطف. ليس من عادتي أن أتجاوب كثيراً مع منطق المؤامرات وأفتش عن الأبطال الخفيين وراء كل قصة، فالعقل يحتاج إلى معلومات كي يصل إلى نتيجة، ومن منعني من الدخول إلى أرض الكويت هي وزارة الداخلية، التي صرّحت لصحيفة «الحياة» في عدد أمس بأن السبب هو تحفظ أمني وليس تهمة ولا جريمة. وقد فهمت منها أن الجهات الأمنية، على رغم أنها لا تقرأ الروايات ولا…

متى يعتذر «الوعاظ»؟!

السبت ١٧ نوفمبر ٢٠١٢

يقول القاضي في محكمة تكساس «إنه عاش صراعاً أليماً وهو يفكر في الليلة التي سبقت إعلان الحكم الذي يستحقه الشاب السعودي طالب الهندسة الكيماوية خالد الدوسري، لكنه في الأخير فكر في أن هذا الشاب الصغير لو نجح في مسعاه، لمات بسببه أناس أبرياء». آمل أن يستأنف الحكم ويكون أكثر رحمة، لكن سؤالي هو: إذا كان هذا القاضي الأميركي المسيحي قد عانى وهو يقرر مصير شاب صغير لم يتجاوز الـ22 عاماً ينتهي بالمؤبد، فمن هذا القلب الأصم الأبكم كحجر الذي لم يعش صراعاً ولا يقظة ضمير وهو يلعب بعقول هؤلاء الشباب ويحول طريق جهادهم من طريق علم واكتساب معرفة إلى طريق جمع المتفجرات وقتل المدنيين الآمنين؟ الشرطة الأميركية وجدت في شقته مواد كيماوية وأسلاكاً وحقيبة متفجرات وشرائط فيديو ورسائل إلكترونية تشرح مخططه، وأتخيل دهشة الشرطي الذي دخل شقة شاب يدرس الهندسة الكيماوية ليجد أشياء ليست لها علاقة بعلم الهندسة، بل بصنوف القتل والتفجير. خالد ليس الشاب الوحيد الذي حاد به طريقه إلى سجون غريبة، فسجون العراق كما روى الشاب سعد العنزي العائد من سجن عراقي أنه لا يوجد سجن في العراق إلا وفيه شاب سعودي تحت التعذيب، فمن الذي أوصلهم إلى هناك؟ من الذي ضللهم وحرّضهم على القفز على الحدود والأنظمة والمخاطرة في جهاد منفلت غرر بهم وبصغر سنّهم وجهلهم، فأقنعهم…

المهم الفاصل

السبت ١٠ نوفمبر ٢٠١٢

لم يشغل مجلس الشورى السعودي بعد إعلان قرار الملك عبدالله بدخول المرأة المجلس كعضوة في الدورة المقبلة التي ستحل بعد أقل من ثلاثة أشهر سوى شيء واحد، أين سيجلس العضو الجديد؟ ولا ألوم المجلس الذي أعلن أمس على طريقة ارخميدس وجدتها وجدتها، فقد تقرر أن تجلس المرأة في الصالة نفسها، لكن بوضع فاصل بين الرجال والنساء كي تأخذ المرأة راحتها وتحافظ على خصوصيتها، ولا تدري ما هي خصوصية عضوة مجلس شورى في مكان عمل يضعها في محل الشورى المجتمعية. مجلس الشورى يكشف دائماً عن علاقة ملتبسة بالمرأة، والسبب أن هذا المجلس لم يأتِ من كوكب آخر، بل هو تمثيل لهذا المجتمع بطباعه وتجلياته الاجتماعية التقليدي منها والمنفتح، ولهذا فهو في بعض القضايا لم ينحُ إلى فك قبضة المجتمع عن بعض حقوق المرأة بقوة التشريع والنظام لحماية المواطن وحقوقه، بل وقف حائراً مثل أي رجل شارع عادي، كما في قضية حق المرأة في البطاقة الوطنية المدنية كي تثبت هويتها أمام الإدارات التي تطلب التحقق من هويتها وأهمها المحاكم، فالمحاكم التي ترفض التعامل بالبطاقة المدنية للمرأة تلجأ لطلب رجلين معرّفين لها حتى ولو كان رجل منهما لا يعرفها، وحين أصبحت القضية ضرورة أمنية بالدرجة الأولى، أقرّ البطاقة لكنه، خفّف من إلزاميته بمنحه سبع سنين أخرى لجعله إلزامياً، والتأكيد على عدم إجبار المرأة…

«اكشفي»!

الأربعاء ٠٧ نوفمبر ٢٠١٢

على قناة «يوتيوب» ستجد حلقة من البرنامج السعودي الساخر «لا يكثر» للشاب فهد البتيري، وهو برنامج «يوتيوبي»، أي يقدم حصرياً على قناة «يوتيوب». في هذه الحلقة يطلب مخرج البرنامج من شباب فريق العمل كل على حدة أن يقف أمام الكاميرا ويوجّه كلمة واحدة للنساء تقول «اكشفي»، وتبدأ الحلقة بهذه الكلمة المخادعة التي يفهم منها الشاب أنها دعوة للمرأة لكشف وجهها. يستغرب الشاب الأول قائلاً: «هكذا فقط اكشفي»، فيرد عليه صوت من خلف الكاميرا: «نعم اكشفي، وعيشي حياتك». الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم الثلاثين جميعهم قالوا، لا. لن نقولها. أما أعذارهم فهي «إنها كلمة صعبة»، «صادمة»، الثاني مثّل ماذا يمكن أن يحدث معه بعد قول الكلمة، يد تقبض على ياقته وتجره وهو يقول خائفاً: «أنا لم أفعل شيئاً»، الثالث قال: «لا يا خوي، وراي زواج ومستقبل»، الرابع قال: «هذا مشروع «تغريبي» على طول الخط»، الخامس انسحب، السادس قالها ثم تراجع نادماً لا، لا، ثم انسحب، السابع، الثامن لا أدري كم عددهم، لكن بطل العمل الساخر ظهر بعد كل هذا الكم من الانهيارات في الفريق ليقولها بكل شجاعة، سيدتي «اكشفي عن سرطان الثدي، فالكشف المبكر يساعد في عملية الشفاء»، ولم تتعدَّ الحلقة أكثر من كانديد كاميرا محترفة. ومع شكرنا الجزيل لهذا المجهود التثقيفي الصحي المهم للكشف المبكر عن سرطان الثدي للسيدات، إلا…

بين رئيس عادي وفوق عادي!

السبت ٢٧ أكتوبر ٢٠١٢

هذه الأيام ظهرت علينا موضة عالمية اسمها الرئيس العادي انطلقت أول الأمر في فرنسا، فبعد الانتخابات الفرنسية الأخيرة ظهر علينا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بمقولة إنه يريد أن يكون رئيساً عادياً على عكس الرئيس السابق ساركوزي فوق العادي، وقد بدا ذلك واضحاً حين مشى تحت المطر دون مظلة في حفل تنصيبه غير آبه بما يحدث لبدلته، ولا يهتز له رمش. وفي معرض عزمه الدؤوب كي يصبح رئيساً عادياً كما وعد فقد قام بخفض راتبه، وراتب الوزراء 30% كما قلل ميزانية مواكبه ورفاهية رحلاته وكذلك فعل مع ميزانية قصر الأليزيه، وطاقم خدمته وكمية العشاء الموضوع على الطاولة للضيوف، في حين عاندت زوجته دخول قصر الأليزيه مفضلة عليها البقاء في الشقة العادية لولا رفض الحرس هذا القرار بحجة أنهم لا يستطيعون أن يوفروا لهم حماية فوق عادية في شقتهم العادية، وأنه يجب عليهم أن يقفلوا مدخل الحارة ويفتشوا كل داخل إليها، وهذا سيزعج الناس وسيبطل نظرية الرئيس العادي. ساركوزي الذي اتهمه هولاند بأنه رئيس فوق العادة أعلن أيضاً أنه يريد أن يكون مواطناً عادياً وأن يعود لمزاولة حياته بعد خروجه من الأليزيه بشكل عادي، ورغم خسارته البسيطة أمام منافسه هولاند، لم يقلب الدنيا ويؤلب الموالين. وقد نشرت بعض الصحف يوم أمس صورة عادية له وهو يخرج من مطعم عادي بعد عشاء عادي…

«العدل العدل» يا وزارة العدل!

الإثنين ١٥ أكتوبر ٢٠١٢

في كل تصريح يحرص المسؤولون على التأكيد على استبعاد وجود المرأة من واجهة المنصب القيادي، وكأنه من الأنسب لهذا التصريح التأكيد على خلوه من المرأة، لإخلاء ذمته من أية مجابهة مع المشكلات والصدمات التي تورث ضجيجاً أو فوضى غير محمودة، ففي تصريح وزير العدل حول استحداثه لجاناً للأسرة، وهي بلا شك لجان تعالج مواضيع الطلاق وإصلاح ذات البين وتسوية حقوق الزوجة والأم والأ‍بناء، أكد تصريح المسؤول أن لا نية البتة لوضع امرأة في مركز مسؤول في هذا المقام. من يتردد على المحاكم، لأبسط تقدير، سيلاحظ أن أكبر مأخذ على هذه المحاكم هو أنها لا تزال تخلط قضايا الأسرة مع مجمل القضايا الأخرى، فتجعل القاضي الذي ينظر في قضايا القتل والاغتصاب والسرقات والرشوة، ينظر تالياً في قضية طلاق أو خلاف بين زوجين على حق الحضانة والنفقة، فتهون عنده مع ما أتى قبلها. هذا ما عبّر به أحد القضاة في تفسير أسباب معاملة قضايا الأحوال الشخصية بعدم الجدية مع كثير من المماطلة والتأخير، فالقاضي لا يُلام وهو يجد أن الخسائر التي تلحق بأطراف هذه القضايا لا تعادل ما سمعه ونظر فيه من قبلها من خسائر، فيجعل جهده أقل وتأثره أهون، فهي عنده لا تزيد على زوجين يتنازعان مثل كل الحالات البشرية، ولا تقارن بحادثة قتل أو تزوير ملأت ذهنه واستنفدت طاقته. النساء…