محمد نوح القضاة
محمد نوح القضاة
وزير الأوقاف والشباب الأردني السابق، عضو هيئة تدريس في جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

شكراً محمد بن زايد

الثلاثاء ١٩ أكتوبر ٢٠٢١

لا نعرف طعم الموت وألم الفراق إلا إذا مسّ حبيباً أو قريباً عندها ندرك معنى قول الله تعالى: (فأصابتكم مصيبة الموت)، فخالق الموت سماه مصيبة (ومن أصدق من الله حديثاً)، وعندها ندرك أن كل خلافاتنا وصراعاتنا وتنافساتنا الشخصية وعتاباتنا وسخطاتنا محض ضياع للعمر وهدر للوقت فالعمر أقصر من أن نتدابر وأعز من أن نهدره بما لا ينفع.. أتعلم أن من أعظم مواقفنا التي تُرضي مولانا جل في علاه مواساة قلبٍ مكلومٍ وجبر خاطرٍ مكسورٍ! فقد رجع النبي، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، من غزوة أحد يطوف على بيوت الشهداء والجرحى يُصبّر هذا ويواسي هذا ويدعو لهذا حتى وصل إلى بيت عمّه حمزة فما وجد به صوت بكاء ولا أنين جريح فقال: كل الناس لها بواكي إلا حمزة فلا بواكي له! فالبكاء مواساة وتفريغ لآلام القلوب الموجوعة والأفئدة المفطورة.. المواساة بكلمة.. بنظرة.. بدعاء.. بزيارة.. المواساة بما تحب أن يواسيك الناس به لو كنت مكانهم فالمؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه.. ولذا كان العزاء سُنّة. أقول هذا وقد ذقت مرارة فقدان أخٍ أصغر مني سنّاً، فالموت ليس بأقدميات الميلاد! أخٍ صحيح الجسد فالموت ليس للمرضى.. (هارون أخي) جلس على طاولته يُكمل بحثاً له في تفسير القرآن الكريم ذلك العلم الذي عشقه وأتقنه ودرّسه لطلابه في جامعته.. وإلى جواره ولده (جعفر) شابٌ…