سعد الصويان
سعد الصويان
أكاديمي سعودي

ارفع راسك أنت سعودي

الجمعة ١٥ مايو ٢٠٢٠

خلال مدة قصيرة لا تزيد على بضع سنين اتخذت المملكة عددا من القرارات الشجاعة والمفصلية في تاريخ نهضتها الحديثة، قرارات كنا حتى عهد قريب نرى أن مجرد الحلم بها من المحظورات. كلما صدر واحد من هذه القرارات ظننّا أننا وصلنا نهاية المضمار وتسلقنا رأس جبل الجليد، ثم نتفاجأ في اليوم التالي بخبر آخر يثلج الصدور ويشرح النفوس. مجتمعنا يمر بثورة ثقافية واجتماعية ليس فيها إطلاق نار ولا سفك دماء، ثورة تختصر الزمن وتنعدم فيها الخسائر في الممتلكات وفي الأرواح، ربيع عربي وردي تتحقق فيه الأحلام الكبار وتُختصر فيه المسافات الطوال. لم تعد ذاكرتي الهرمة تتذكر كل الإنجازات المتوالية ولا تراتبيتها لكثرتها وسرعة تواليها واحدة بعد الأخرى. ولتستوعب الأجيال الشابة حجم الإنجازات التي تحققت في هذا العهد الزاهر لعلنا نذكرهم بسنوات عجاف عايشناها نحن الشيوخ كان فيها يُحرّم علينا اقتناء المذياع والمسجلات وركوب الدراجة ومشاهدة التلفزيون. كانت فرق المتطوعين من ذات أنفسهم ومن دون تكليف رسمي يطوفون الشوارع ويتطلعون إلى السطوح ومن رأوا في سطحه جهازًا لاستقبال المحطات التلفزيونية أمروه بتكسيره. إنه لممّا يسعدني في آخر عمري أن أرى بلدي تمر بهذا الغلاسنوست glasnost وهذه البيريسترويكا perestroika، هذا الانفتاح وإعادة البناء. لم أكن أنا وأبناء جيلي نحلم أن مجتمعنا كان مستعدا لتقبل ما يحدث الآن والترحيب به واستيعابه وتمريره وكأنه أمر…