الأربعاء ٢٠ نوفمبر ٢٠١٣
يعد ظهور سلاسل الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية المتعددة والمعروفة شعبياً أو عامياً باسم «البكتيريا الخارقة» superbug إحدى المشكلات الجديدة التي يعاني منها الحقل الطبي حالياً. فيما يشار إلى أن السبب الأهم في تخلقها هو كثرة الاستخدامات غير السليمة للمضادات الحيوية، هذا النوع من البكتيريا المتخلق يمتلك تسلسل حمض نووي خاص، بسبب الطفرات الجينية، يتيح له مقاومة المضادات الحيوية مما يمكنه من إحداث الأوبئة ويخرج عن نطاق السيطرة. وقد لاحظت أبحاث طبية، أجريت على دول مجلس التعاون الخليجي، انتشار هذا النوع من البكتيريا المقاوم للدواء الذي بات خطراً يهدد حياة الإنسان. في الدراسة المطبقة على دول مجلس التعاون الخليجي لباحثين من جامعة الملك سعود الصحية وجامعة كوينزلاند، كانت عبارة عن مراجعة شاملة «systematic review» للبحوث والمقالات العلمية المنشورة بهذا الشأن، لوحظ أن أحد أنواع البكتيريا الخارقة ( بكتيريا العصيات السالبة المقاومة لمضادات الكاربابينم Carbapenem المعروف كآخر خط دفاعي آمن) تسبب في عدوى مميتة لأكثر من 50% من المرضى المصابين بها بعد…
زياد الدريسكاتب سعودي؛ كان سفيراً لبلاده في منظمة اليونسكو
الأربعاء ٢٠ نوفمبر ٢٠١٣
أزدادُ سعادة وتفاؤلاً كلما دُعيت إلى ملتقى عالمي يُعنى بالثقافة، وسط هذا العالم الذي لم يعد يعتني بشيء أكثر من عنايته بالمال... والمزيد من المال! لكني لا أستطيع أن أخفي قلقي من لافتة: (صناعة الثقافة)، إذ لا يطمئن قلبي إلى براءة الثقافة المقرونة بـ «الصناعة» أو «التجارة». أدرك بأن ما أطلبه أقرب ما يكون إلى الجنوح الطوباوي العسير في هذا (العصر) المادي. «تتجير» العالم و «تسعير» الكون، هو ما نخشاه من خلال العولمة السلبية المستهلِكة لا العولمة الإيجابية المانحة والمضيفة لصورة الكون ألواناً أُخرى تضاف إلى الألوان الأساسية لثقافات الكون وحضاراته. لم تعد نزعة بيع الكون وشرائه تقتصر على ما نأكل ونلبس ونركب فقط، بل حتى على ما نعتقد ونتذوق ونفكر ونتأمل. حتى الدعاة والوعاظ الدينيون الذين كانت لهم قيمة من قبل، أصبح الآن لهم ثمن! عاشت كتلة من شعوب العالم فترة من الزمن مضت تحت هيمنة نظام يسعى إلى تثقيف السلعة، أي حشوها مهما كانت بريئة وبسيطة وتلقائية بمفاهيم…
الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠١٣
بعكس زملائي الكتاب قررت ألا أكتب عن الغرق الجديد، أي غرق مدينة الرياض عاصمة البلاد التي تقع فيها الوزارات ومقار القرارت، وتشرف عليها بشكل خاص أكثر من هيئة وجهة. أقول صادقا أنني اخترت البعد عن وجع القلب وتعكير المزاج وأذية النفس بالإنفعال الذي لا طائل منه، والغضب الذي يرفع الضغط وقد ينتهي بصاحبه إلى طواريء المستشفى لتبدأ حكاية أخرى لا تقل ألما. قبل أن تغرق جدة ونحن نكتب عن قرى في محافظات الأطراف تغرقها الأمطار وتجتاحها السيول كل عام لتخلف دمارا شاملا، ولا زال الحال على ما هو عليه. ولكن لأنه حين تغرق المدن المركزية التي رصدت لها آلاف المليارات فإن الحال يختلف، لهذا عندما حدثت كارثة جدة الأولى قلنا لعل فيها خيرا رغم مأساويتها، لأنها ستكشف عوار القريب والبعيد، القاصي والداني، وسوف تعيد ترتيب الأوراق من جديد ليصلح الحال، لكن حدثت الكارثة الثانية، وأعاد الفساد ترتيب أوراقه ورحنا معه في مسلسل إسمه يا ليل ما أطولك. لا زلنا نتذكر…
الإثنين ١٨ نوفمبر ٢٠١٣
أشار المقال السابق إلى أن مفهوم "المصلحة الوطنية" يعد مفهوما مطاطا وغائما، ما يجعل تحديد المصلحة الوطنية على وجه الدقة أمرا صعبا بطبيعته، وهو تحد تواجهه جميع الدول بلا استثناء نظرا لكون تحديد المصلحة هنا يتداخل بين عديد من العوامل ومنها التباين الفكري داخل الدولة ورؤية الدولة نفسها للعالم ولساحته السياسية وتعريفها لما تكمن مصلحتها فيه. ويشير مصطلح "المصلحة الوطنية" في أبسط تعريفاته إلى "المنفعة" المتوخاة لأي دولة كهدف نهائي لسياستها الخارجية، فالدولة في نهاية المطاف هي إطار تنظيمي بحدود جغرافية يجمع شعبا تحته ويعمل على تحقيق المنفعة لهم ودفع الضرر عنهم. المصلحة الوطنية يمكن اعتبارها هنا بمثابة "نجم الشمال" للسياسة الخارجية لأي دولة، فهي تحدد وجهة السياسة ضمن مساحة متعددة الأبعاد. إلا أن تحديد الوجهة لا يعني بالضرورة تحديد الدرب الأمثل للوصول إليها، وهو ما يزيد من تعقيد المسألة. المعضلة الرئيسية عند الحديث حول مصلحتنا الوطنية حاليا تبرز عند تقاطع الأطر العامة لهذه المصلحة مع تطبيقها على أرض الواقع.…
الإثنين ١٨ نوفمبر ٢٠١٣
غضبت الأسبوع الماضي في لبنان جموع شعبية (أو استغضبت!!) لأن برنامجا ساخرا تناول شخصية الأمين العام للحزب حسن نصر الله. ترجم الغضب اعتصامات وقطعا للطرقات في استعادة لـ«غضب شعبي» مماثل حدث عام 2006 حين جرى تقديم نصر الله بشكل ساخر أيضا. لكن وبعد المظاهرات وأحداث الشغب الأولى عمد مقدمو البرامج الساخرة إلى تجنب تناول نصر الله والاكتفاء بتقليد شخصيات أخرى من حزب الله وإبقاء نصر الله شخصيا بعيدا عن التناول. جرى حينها تعميم أن نصر الله رجل دين ولا تجوز السخرية منه. كان ذلك قبل الثورات العربية وقبل أن تجد السخرية طريقا أكثر جرأة لها، بحيث بات رجال الدين والسياسة والزعماء مادة السخرية وعمادها الأول، سواء عبر رسوم الغرافيتي أو اسكتشات تلفزيونية، أو عبر الإنترنت الذي قد يصبح الساحة الوحيدة لهذا النوع من السخرية مع الانتكاسة التي تعرض لها العربي الأهم في هذا المجال، المصري باسم يوسف. والسخرية في لبنان خاضعة لحسابات الانقسام السياسي في البلد وانقسام إعلامه أيضا. ومعادلة…
الإثنين ١٨ نوفمبر ٢٠١٣
طالبت في أكثر من مناسبة بتغيير نظام التعليم العالي والجامعات الحالي الذي صدر العام 1414هـ (1994) بنظام جديد يمنح الجامعات السعودية حكومية كانت أم أهلية استقلالية حقيقية عن كل السلطات خارج الجامعة حتى تتمكن من بناء منظومتها الأكاديمية والإدارية وفق ما تمليه عليها الخبرة والمهارة والمعرفة القيادية لدى النخبة الأكاديمية داخل الجامعة. لا أعتقد أن عيوب النظام الحالي بخافية على كل من يتابع الوضع الراهن في الجامعات ويقارنه بما يحدث على الساحة الدولية من حراك وتطور وصدقية. فالنظام الحالي يقيّد الجامعات من أن تنطلق نحو بناء شخصيتها وقدراتها الذاتية، ويقيدها من أن تقوم بدورها المأمول في قيادة التنمية الشاملة في المملكة من خلال تأهيل القوى البشرية، ومن خلال البحث العلمي ومن خلال دورها العلمي والثقافي والتنويري. أما التطور الذي حصل في مجال التعليم العالي خلال الأعوام العشرة الماضية فقد كان تطوراً كمياً تمثل في تأسيس عدد كبير من الجامعات الحكومية والأهلية، ولكنه كان قاصراً جداً عن إحداث تغيير حقيقي في…
عمار بكاركاتب و أكاديمي متخصص في الإعلام الجديد
الإثنين ١٨ نوفمبر ٢٠١٣
لما كنت طالبا في أميركا، وكنت أزور المكتبة العامة في المدينة يستوقفني كثيرا ركن في المكتبة يتضمن كامل الكشوفات المالية لمختلف الهيئات الحكومية للمدينة، مع كامل المعلومات بأدق التفاصيل في مجلدات ضخمة لكل عام. هذه الكشوفات والتفاصيل متاحة لأي زائر للمكتبة للاطلاع عليها دون أي قيود. كنت دائما أتساءل في نفسي عن التأثير الكبير لو تم تحقيق ذلك لدينا. لما صدر قرار خادم الحرمين الشريفين بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد تبادرت هذه الصورة فورا إلى ذهني. كان قرار التأسيس التزاما عميقا من الدولة ليس فيه ذرة تردد في مكافحة الفساد، فالفساد هو ذلك السوس الذي ينخر في الإنجازات ويدمرها لمصلحة الأفراد الذين قرروا خيانة أوطانهم، ويستحقون شن الحرب عليهم من مؤسسات الدولة وقيادتها العليا. لو قرأت في مختلف الأدبيات الإدارية لمكافحة الفساد حول العالم لوجدت أن الحل السحري الأمثل لمكافحة الفساد هو بكلمة واحدة "الشفافية". لذلك فإن المقياس العالمي الذي يركز على نسب الفساد ومكافحته في الدول يسمى بمقياس الشفافية.…
الأحد ١٧ نوفمبر ٢٠١٣
في عمق الذاكرة (الرسمية) من تاريخ وطني، سأكتب بلا تحفظ أن (منفوحة) كانت أقدم حارة رسمية في التاريخ (الرسمي) السعودي. على أطراف هذه الحارة بنى الإمام الموحد، راحلنا الكبير، عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل مكتبه الأول. في هذه الحارة بالتحديد، بنى كل المؤسسين الأوائل بذرة حياتهم الأولى، ومن كل حدب وصوب من أرجاء هذا الوطن الكبير، وسأجزم بأنه لا توجد أسرة أو حاضرة أو قبيلة إلا وتحمل إرثا عابرا لمثل هذا الرمز الوطني من هذه الحروف الستة: منفوحة. كيف أضعنا هذا الرمز الوطني؟ ولماذا تحولت هذه الذاكرة الوطنية بكل إرثها وتاريخها إلى أول حالة شغب وخوف في تاريخ المدينة وتاريخ كل المدن السعودية؟ لماذا تحولت هذه (المنفوحة) الأثيرة الغالية إلى جرح نازف في خاصرة الخارطة الأمنية؟ سأشكر (منفوحة) من القلب لتاريخها المجيد الذي توحدت في جنباته كل القبائل والأسر والأعراق ذات زمن، ثم سأشكرها مرة أخرى، لأنها بأحداثها الأخيرة أيقظت شعبا مكتملا، ثم أعادت توحيد شعوره ومشاعره وهو يسهر معها في…
مصطفى النعمانكاتب وسياسي يمني عمل سفيراً لليمن في عدة عواصم كان آخرها مدريد
الأحد ١٧ نوفمبر ٢٠١٣
تزايدت خلال الأيام الماضية مشاريع كانت غائبة عن الأذهان لكنها أضحت تصب في خانة واحدة، هي ما صار يعرف بالمرحلة التأسيسية أو الانتقالية الثانية. وتكاثرت التبريرات والشروحات لإثبات أهميتها، حتى إن المبعوث الأممي انخرط في هذه القضية وقال إن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لم تنصا على انتهاء المرحلة الانتقالية في 21 فبراير (شباط)، وأوضح أنها لا تنتهي إلا بإنجاز المهام الموكلة إليها، بل وهدد بإلقاء كل من يقف في وجه ما يراه الحق إلى مزبلة التاريخ، وهو تصريح يدعو الجميع للوقوف بجدية لإعادة قراءة النصوص وسؤال الذين صاغوا الآلية التنفيذية عن نواياهم الحقيقية حينها، والتصدي لمحاولات إثارة الشكوك حول النصوص والدخول في متاهات الاجتهاد والتفسير. الحاصل الآن هو تكرار لما كان يحدث في العهد السابق، ونفس المشاركين في إخراج الأحداث في الماضي ما زالوا يمارسون نفس الدور ويتفننون في طرح ما يتناسب مع المزاج السائد لدى الحاكم في كل المراحل، ويتناسى هؤلاء أن صمتهم عن كل التجاوزات في كل العهود…
الأحد ١٧ نوفمبر ٢٠١٣
في منتصف ستينات القرن الماضي كان هناك مراهق اعتاد أن يمارس هوايته في تفكيك وإعادة تركيب بعض الأجهزة الإلكترونية.. وذات يوم أثناء ممارسته لهذه الهواية وجد أنه وصل إلى مرحلةٍ ما في أثناء إعادة تركيب أحد الأجهزة، واحتاج إلى مساعدة في الأمر.. ولأنه «على ويهه» فقد فتح دليل الهاتف وبحث عن اسم «بيل هيوليت».. الشريك المالك لمؤسسة «هيوليت – باكارد HP» التي اشتهرت بهذا اللون من الصناعات في ذلك الحين، واتصل به شخصياً لسؤاله.. الصدفة أن الرقم الذي كان مسجلاً في الدليل كان للمنزل الخاص للمليونير الأميركي.. وقد أجاب على الاتصال.. واستمرت المكالمة 20 دقيقة.. حصل خلالها المراهق على استفسار لإجابته، بالإضافة إلى عقد لتدريبه في الصيف في أحد فروع الشركة. والأجمل أن الحادثة قد أعطت دافعاً وثقة بالنفس لذلك المراهق الذي أصبح بعد 20 عاماً أحد أهم المبدعين في القرن الـ21، وأنا أكتب وأنت تقرأ (غالباً) باستخدام أحد أو بعض منتجات شركته العملاقة «أبل»، أصبح ذلك المراهق ستيف جوبز،…
الأحد ١٧ نوفمبر ٢٠١٣
تجسد الحالة المصرية بصراعات جماعاتها المختلفة على السلطة، حالة عربية عامة لم يُمأسس فيها الصراع على السلطة ضمن أطر دستورية، منذ أن بدأت تتشكل فيها هياكل الدولة في أطرها الحديثة. وهي حالة تجسد انسدادات الأفق المتعلق بالتغيير الذي لا يمكن حصره في فريق دون آخر. وككل الصراعات العربية على السلطة، فإنها ونتيجة لافتقادها للأطر المؤسساتية، بل لافتقاد نخبها السياسية لثقافة سياسية ضابطة لأشكال الصراع السياسي، فإنه نتيجة لذلك يتجه ليكون صراعا على الحكم والسلطة أكثر منه صراعا على تطوير آليات الحكم والسلطة. وأعتقد أن الطريق نحو الديمقراطية أو لنقل بناء نظام جديد وحديث للحكم، لن يكون سهلا وممكنا في مداه الزمني القصير. فالطريق إليه وكما يبدو قد سبقته صراعات ليس فحسب بين النخب السياسية القائمة، أو بين أولئك الماسكين بالحكم والخارجين عليهم، بل إنه بدا صراعا اجتماعيا عميقا أخذ تجلياته في الصراعات المستعرة الآن بين الطوائف والمذاهب والإثنيات. وهي صراعات قد لا تتوقف عند تدمير المجتمع فحسب، بل إن تداعياتها…
السبت ١٦ نوفمبر ٢٠١٣
عندما كنتُ صغيراً، كان أبي يحرص على اصطحابي وأخي بدر معه كلما سافر إلى مدينة عربية ليُشارك في مؤتمر ما. وأذكر أنني عندما زرتُ القاهرة لأول مرة مع العائلة في العام 1990 شعرتُ بأنني في عالم مختلف. كل شيء كان كبيراً، وكثيراً، ومتنوعاً. كان الناس والسيارات والضوضاء والألعاب والأشياء تتزايد بطريقة عشوائية لتُحدث زخماً في عقلي الصغير. كانت تلك أول صدمة حضارية في حياتي، وشعرتُ بأنني أريد أن أعيش في عالم ممتلئ كذاك. ثم مرّت عشرون عاماً، وزرتُ القاهرة مرة أخرى، إلا أنني لم أشعر بشيء من ذلك الزخم. لم تعد القاهرة كما هي، حتى عندما زرتُ الأهرام لم يُرهبني الوقوف عند سفحها. وعندما عدتُ إلى الفندق شعرتُ بأن أحداً اغتال روح تلك المدينة العظيمة. وكذلك باقي المدن العربية، يشعر الزائر إليها اليوم أنه ما يزال في ثمانينات القرن الماضي. كانت الثمانينات جميلة ولكن في وقتها فقط، فالشوارع كانت جديدة، والجسور المتواضعة حينها كانت تبدو لنا عظيمة.. وسيارات الأجرة الصغيرة…