سعيد المظلوم
سعيد المظلوم
ضابط في شرطة دبي برتبة مقدم ، حاصل على درجة الدكتوراة من جامعة سالفورد بالمملكة المتحدة في إدارة التغيير وعلى درجة الماجستير في الإدارة العامة (MPA) من جامعة ولاية أوريجون بالولايات المتحدة الأمريكية، مهتم في مجال الجودة والتميز المؤسسي ، يعمل حالياً مديراً لمركز أبحاث التميز بالإدارة العامة للجودة الشاملة بشرطة دبي

دبل إشارة يعني ” شكرا “

آراء

في رمضان الماضي دعاني صديق لمأدبة إفطار في مطعم ” Kaleidoscope ” الكائن في التحفة المعمارية الجميلة فندق اتلانتس – نخلة جميرا ، وصلنا هناك قبيل الإفطار ( تقريبا 20 دقيقة ). ولله الحمد والمنة – صديقي قام بالحجز المسبق وبدونه لكنا في خبر كان من الزحام الشديد عليه خصوصا في إجازة نهايـة الأسـبوع ، بعـد تأكيـد أمـر الحجـز مـع موظفـة الاسـتقبال ، قادنـا النـادل حتى طاولتنا ، وجلسنا نتبادل أطراف الحديث لدقائق وكنا أربعة ، بعدها انطلقنا حيث البوفية ، منا من بدا بالشوربات وأنا عاشق السلطات ذهبت مباشرة حيث الفتوش والتبولة ، عند رجوعي لطاولتنا صادفت في طريقي شخصا وفي ممر ضيق بين الطاولات لا يسمح بمرور اثنين فيه ، فأعطيته الطريق للمرور قبلي وتوقعت منه كلمة ” شكرا ” أو على الأقل ابتسامة ولكن هذا وللأسف لم يحدث .

أكذب عليكم لو قلت إني لم أنتظر كلمة ” شكرا ” من هذا الرجل ، نعم انتظرتها لأني إنسان أبحث أيضا عن تقدير وعرفان ، من جانب آخر كنت أقيس درجة ثقافة استخدام هذه الكلمة بين أفراد المجتمع ، للأسف وجدتها جدا صعبة عند البعض حتى في الشارع أصبحنا لا نرى ” دبل إشارة ” التي تعني شكرا ، عندما تسمح للآخر بالمرور أمامك ، مع إن الحركة هذه البديهية لا تستغرق إلا ثوانا وبدون أي جهد يذكر – والله بدون جهد – ومع هذا لا نراها إلا نادرا .. لماذا ؟

الكاتبة آنا فيتشر كتبت مقالا على موقع CNN Money عنوانه ” لماذا كلمة شكرا أكبر من مجرد أسلوب ..؟ ” وضعت فيه إحصائية مهمة لدراسة أجريت على 200 ألف موظف أظهرت بأن المؤسسات القائمة على الشكر وتقدير المعروف هي من تنال أعلى الأرباح السنوية ، وفي نفس الدراسة كان هناك سؤال غريب جدا موجها للمديرين وإجابته كانت أغرب ، السؤال يقول : لماذا لا تشكر موظفيك عند الإنجاز ؟ الإجابة كانت : أريد أن يراني الموظفون قويا وصارما .. !! مع العلم : إن السبب الأول في ترك الكثير من الموظفين وظائفهم والانتقال إلى مؤسسات أخرى هو عدم التقدير .

هناك فكرة بسيطة لكنها جدّ متميزة ولها أثر عميق ، وهي موجهة للقادة الملهمين والفكرة للكاتب جستر آيلتون حيث كتب ذات مرة : إنك لا تحتاج إلى أموال كثيرة حتى تشعر الموظفين بقيمتهم ، فقط اكتب وبقلمك الخاص على ورقة ” شكرا على مجهودك الرائع ” وضعها على مكتبه ، هذه الفكرة البسيطة لها من التقدير أضعاف مضاعفة مما لو كتبت وأرسلت عن طريق البريد الإلكتروني ، يضيف الكاتب : إنه اكتشف أن الكثير من الموظفين يحتفظون بهذه الوريقات لسنوات .. !!

باعتقادي : إن كلمة ” شكرا ” ليست سهلة وليست أيضا مستحيلة ، هي تحتاج إلى تدريب فقط ، وإذا داومت عليها باستمرار مع الصغير قبل الكبير ، فستجد لها أثرا ايجابيا جميلا في نفسك وعلى الآخرين ؛ وقبل الختام وصية لأولادي الصغار: ” شيخة .. هيا .. مريم .. وعبدالله دائما وأبدا قولوا شكرا لكل صاحب معروف ”

خاص لـ ( الهتلان بوست )