كاتب وصحفي سعودي
قبل نحو ستة أشهر، زرت مجلساً لأحد الأصدقاء في الرياض، وكان الحضور متنوعاً والحديث ملتهباً حول قصة تُروى عن حدوث قتال بين سعودي (سني) وآخر (شيعي) في سورية، كل منهما يظن أنه يدافع عن معتقده وعقيدته التي فطره الله عليها. الأول مع تنظيم إسلامي (سني)، يقاتل نظام بشار الأسد، والآخر مع تنظيم إسلامي (شيعي)، يدافع عن هذا النظام. استفزني الخيال القريب – البعيد عندما فكرت في ماهية المشهد في مقبل الأيام، وكيف ستكون حالنا بعد عودة أبنائنا من أرض القتال وهم مدججون بالضغائن والفتن!
أمس تداول مغردون كثر على «تويتر» أن سعودياً (سنياً) من جبهة النصرة قتل سعودياً آخر (سنياً) من «داعش»، تذكرت أيضاً القصة الأولى وربطتها بالثانية وبما قبلها.
أليست الفتنة تسير على قدميها، وتركض حثيثة، ولن تستثني أحداً في المستقبل القريب لا البعيد، بعد أن جرت تعبئة الرؤوس بالكراهية وتجييشها بالعداوة والحقد ولغة الدم؟
رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبداللطيف آل الشيخ رجل جريء صرّح بشجاعة ضد من وصفهم بالغلو والتطرف واستغلال العاطفة الدينية لتحريض الشبان السعوديين على الجهاد وجمع «التبرعات» باسم الدين. الآن يواجه آل الشيخ حملات شعواء من هؤلاء المتطرفين والغلاة، لكشفه زيفهم وأنهم يغرّرون بالشباب، ويعملون على إرسالهم إلى مواطن الفتن والقتال، فيما أبناؤهم ينعمون برغد العيش، ويقضون إجازاتهم في أجمل المنتجعات السياحية العالمية، ويركبون السيارات الفارهة، ويدرُسون في الخارج.
السؤال: هل سنعود للمربع الأول مثلما كنا في الثمانينات، ونكتوي بنيران وحرائق جديدة بعد عودة هؤلاء من المناطق المضطربة مثلما عاد سابقوهم من أفغانستان وباكستان والشيشان والسودان، أم أن لدى الدولة مشروعاً أمنياً ومعرفة أمنية بهم للعمل على احتوائهم وإصلاحهم وتأهيلهم، ومحاولة دمجهم في المجتمع قبل أن يستبيحوا الدماء ويكرّروا الإرهاب والكُره والإقصاء؟
لا بد من محاسبة حتى لا يتكرر ما حدث في الثمانينات، ويستمر الدفع بالشباب السعودي «حطباً» لإشعال الأزمات باسم الجهاد، فيما المحرضون – المفتون – المموّلون – يجولون أوروبا وأميركا سُياحاً، في حين يطحن الشباب السعودي بعضهم، يسفكون الدماء، ويصف كل منهم الآخر بـ«عدو الله»، لا يتورعون عن تكفير كل مــــن لا يلتقي معهم في الفكر والمنهج، مثلما تفعـــل «داعش» اليوم ومن على شاكلتها.
صديقي (المطلع)، الذي أعتز بحواراتي الدائمة معه كلما سألته عن شيء يحتاج إلى تحليل ومعلومة، يرد عليَّ: دعنا نبحث عمّن هو المستفيد أولاً! صحيح.. من هو المستفيد؟!
المصدر: صحيفة الحياة