استحضر الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس، إرث سلفه جون كينيدي ومعضلة غزو العراق، للدفاع عن الاتفاق النووي المُبرم بين إيران والدول الست، إذ اعتبر أنه يجسّد تقليداً لديبلوماسية أميركية قوية انتصرت في الحرب الباردة من دون أي طلقة.
خطاب أوباما الذي يرسم منعطفاً أساسياً بالنسبة إلى البيت الأبيض، في تسويقه اتفاقاً يعارضه 57 في المئة من الأميركيين، يكتسب أهمية رمزية، إذ ألقاه في الجامعة الأميركية في واشنطن، ووقف على المنبر الذي اعتلاه كينيدي عام 1963، داعياً بعد أشهر على أزمة الصواريخ السوفياتية في كوبا، إلى انتهاج الديبلوماسية ووقف التسلّح النووي، أثناء إحدى أكثر حقبات التوتر خلال الحرب الباردة. وبعد فترة وجيزة على الخطاب، أبرمت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وبريطانيا اتفاقاً لحظر التجارب النووية.
ولفت أوباما إلى أن الاتفاق النووي يبني على تقليد أميركي في انتهاج «ديبلوماسية قوية تستند إلى المبادئ» مع الخصوم، بما في ذلك الاتحاد السوفياتي. وأضاف: «أثيرُ هذا التاريخ لأننا نحتاج الآن، أكثر من أي وقت، إلى تفكير واضح في سياستنا الخارجية».
وقارن بين الاتفاق النووي ودعوة كينيدي خلال الحرب الباردة إلى الديبلوماسية ونزع السلاح النووي، معتبراً أن العالم تجنّب كارثة ذرية آنذاك. ولفت إلى أن ساسة ضغطوا من أجل غزو العراق عام 2003، يرفضون الآن الاتفاق مع إيران، معتبراً أن الجدل في شأن الاتفاق هو «الأكثر مصيرية» في السياسة الخارجية الأميركية، منذ «تصويت الكونغرس على حرب العراق» عام 2002.
وفنّد الرئيس الأميركي حجج خصومه، مكرراً تحذيره الكونغرس من أن «قتله الصفقة، لن يمهد فقط طريق إيران لامتلاك قنبلة (ذرية)، بل سيسرّع ذلك. هذا أقوى اتفاق لحظر الانتشار النووي». وأضاف: «الخيار الذي نواجهه هو بين الديبلوماسية وشكل من أشكال الحرب. ربما ليس غداً ولا بعد ثلاثة أشهر، ولكن قريباً». وتحدى القائلين بوجوب أن تشدد واشنطن عقوباتها على طهران، وأن تسعى إلى إبرام اتفاق أفضل، قائلاً: «إنهم إما جهلة بالمجتمع الإيراني، أو ليسوا صادقين مع الشعب الأميركي».
وكرر أنه يتفهم شكوك إسرائيل في شأن الاتفاق، مستدركاً أنه لا يستطيع الانسحاب منه فقط لأنه يثير خلافاً معها. وكان لافتاً أن أوباما ذكّر بأن الدولة العبرية هي الوحيدة التي عارضت الصفقة، كما رأى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو «مخطئ» في رفضها.
وقبل ساعات من خطاب أوباما أمس، ذكر آدم زوبين، القائم بأعمال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، أن إيران ستحتاج الى ما بين 6 و 9 أشهر على الأقل لتطبيق شروط تتيح رفعاً مبدئياً للعقوبات المفروضة عليها. وقال في إفادة أمام لجنة تابعة لمجلس الشيوخ إن العقوبات ستُفرض مجدداً «في غضون أيام»، إذا انتهكت إيران التزاماتها بموجب الاتفاق. ورجّح أن يكون أي انتهاك إيراني للاتفاق بسيطاً، مستدركاً أن الولايات المتحدة ستردّ عليه. وشدد على أن واشنطن ستواصل تصديها لدعم طهران تنظيمات متطرفة موالية لها في المنطقة.
في الوقت ذاته، أبلغت ويندي شيرمان، وكيلة وزارة الخارجية الأميركية، لجنة المصارف في مجلس الشيوخ أنها ستطلع أعضاء المجلس خلال جلسة سرية على ما تعرفه في شأن «خريطة طريق» وقّعتها طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، في إطار الاتفاق النووي، للتحقق من «أبعاد عسكرية محتملة» للبرنامج النووي الإيراني. وأشارت إلى أنها رأت بنوداً في الوثيقة، لافتة إلى أنها تبيّن جوانب تقنية لكيفية تفتيش مواقع إيرانية. وأعلنت شيرمان أن إدارة أوباما مستعدة لمناقشة «مزيد من التعزيزات للمساعدة الأمنية» لإسرائيل، حين يكون نتانياهو مستعداً.
إلى ذلك، اعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني أن بلاده اختارت طريقاً ثالثاً مع المجتمع الدولي، هو طريق الحوار، من أجل نيل حقوقها المشروعة. وانتقد «مَن تصوّر، عن خطأ أو صواب، أن العالم ظالم وأن القوى الكبرى لا تتّبع المنطق، وأن أمامنا طريقين: إما الاستسلام وإما المواجهة».
المصدر: واشنطن – جويس كرم طهران – «الحياة»