تُركّز إسرائيل اليوم السبت عمليّاتها العسكريّة في جنوب قطاع غزّة الذي يشهد أزمة إنسانيّة، وسط خلاف بينها وبين حليفتها الولايات المتحدة بشأن إقامة دولة فلسطينيّة.
وذكر شهود أنّ القوّات الإسرائيليّة قصفت ليل الجمعة السبت جنوب قطاع غزة، خصوصا خان يونس (جنوب) حيث يقول الجيش الإسرائيلي إنّ القيادة المحلّية لحركة حماس تختبئ.
وفي وقت سابق الجمعة، أفادت وزارة الصحّة التابعة لحماس بمقتل العشرات في غارات على غزّة، بما في ذلك خان يونس التي باتت البؤرة الجديدة للقتال البرّي والغارات الجوّية، بعدما تركّزت المرحلة الأولى من الحرب في شمال القطاع.
وقال إنريكو فالابيرتا، المتخصّص في طبّ الحرب والذي عاد من مهمّة استغرقت أسابيع عدّة لصالح منظّمة أطبّاء بلا حدود، “اليوم في غزّة كلّ شيء تقريبا مُدمّر، وما لم يُدَمَّر بات مكتظّا … العمل جارٍ بالحدّ الأدنى من الأدوية لضمان عدم نفادها”.
ظروف حياة غير إنسانيّة
وأسفت منظّمة الصحة العالميّة لـ”ظروف الحياة غير الإنسانيّة” في القطاع الساحلي الصغير الذي يفتقر سكّانه البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة إلى كلّ شيء، بما في ذلك الاتّصالات.
وأعلنت شركة الاتّصالات الفلسطينيّة “بالتل” الجمعة عودة الاتّصالات تدريجًا في مناطق مختلفة من القطاع بعد انقطاعها ثمانية أيّام متواصلة هي أطول مدّة منذ بدء الحرب.
اندلعت الحرب التي دمّرت قطاع غزّة وشرّدت أكثر من 80% من سكّانه، إثر شنّ حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر أسفر عن مقتل 1140 شخصا، معظمهم مدنيّون، حسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسميّة.
كذلك، احتُجز خلال الهجوم نحو 250 شخصا رهائن ونُقلوا إلى غزّة، وأطلِق سراح زهاء 100 منهم خلال هدنة في نهاية نوفمبر. ووفق إسرائيل، لا يزال 132 منهم في غزّة، ويُعتقد أنّ 27 منهم لقوا حتفهم.
وردا على هجوم حماس، تعهّدت إسرائيل القضاء على الحركة التي تحكم غزّة منذ 2007. ووفق وزارة الصحّة التابعة لحماس، قُتل حتّى الآن في الغارات الإسرائيليّة 24762 شخصا، غالبيّتهم العظمى من النساء والأطفال.
بايدن ونتانياهو
في الأسابيع الأخيرة، دعت الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل والداعم الأساسي لها في حربها ضدّ حماس، الجيش الإسرائيلي إلى خفض عدد الضحايا المدنيّين في عمليّاته، وكرّرت دعمها إقامة دولة فلسطينيّة، وهو موضوع في صلب الخلاف بين واشنطن وحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.
وصرّح نتانياهو الخميس بأنّ بلاده “يجب أن تضمن السيطرة الأمنيّة على كلّ الأراضي الواقعة غرب (نهر) الأردن”، قائلا إنّه أوضح ذلك “لأصدقاء إسرائيل الأمريكيّين”.
وشدّد نتانياهو على أنّ “هذا شرط ضروري ويتعارض مع فكرة السيادة (الفلسطينيّة)”.
وسارع الفلسطينيّون إلى التنديد بهذه التصريحات، وتحدّثت واشنطن من جهتها علنًا عن خلاف مع حليفتها حول هذه القضيّة.
وغداة إدلائه بهذه التصريحات، تحادث نتانياهو مع الرئيس الأمريكي جو بايدن الجمعة، في أوّل اتّصال بينهما منذ شهر وسط توتّر بشأن مرحلة ما بعد حرب غزّة.
وقال المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي لصحافيّين “ما زال الرئيس (بايدن) يؤمن بأفق حلّ الدولتَين وإمكانيّته. هو يدرك أنّ الأمر سيتطلّب كثيرا من العمل الشاقّ”.
وأضاف أنّ بايدن أبدى خلال محادثته مع نتانياهو “اقتناعه القوي بأنّ حلّ الدولتين ما زال المسار الصحيح للمضيّ قدما. وسنُواصل طرح هذا الموقف”.
اتهامات بوريل
وأعلن البيت الأبيض الجمعة بعد المكالمة بين بايدن ونتانياهو أنّ إسرائيل ستسمح بشحن الدقيق للفلسطينيّين في قطاع غزّة عبر ميناء أشدود. ويأتي ذلك بعد أيّام على مطالبة الأمم المتحدة إسرائيل بالسماح باستعمال الميناء لإيصال المساعدات الإنسانيّة العاجلة إلى القطاع المحاصر بالكامل منذ بدء الحرب.
وسط هذه التطوّرات، اتّهم مسؤول السياسة الخارجيّة في الاتّحاد الأوروبي جوزيب بوريل ليل الجمعة إسرائيل بأنها “موّلت” حركة حماس. وقال بوريل “نعتقد أنّ حلّ الدولتين يجب أن يُفرَض من الخارج بغية إحلال السلام”، مضيفا “أُصِرّ على أنّ إسرائيل، عبر الاستمرار في رفض هذا الحلّ، قد أسّست حماس بنفسها”.
وتابع بوريل في خطاب باللغة الإسبانيّة في جامعة فايادوليد التي منحته دكتوراه فخريّة “حماس مُوّلت من الحكومة الإسرائيليّة في محاولة لإضعاف سلطة فتح الفلسطينيّة. لكن في حال لم نتدخّل بحزم، فإنّ دوّامة الكراهية والعنف ستتواصل من جيل إلى آخر، ومن جنازة إلى أخرى”.
المصدر: البيان