كاتب إماراتي
ذكرنا في مقال سابق بتاريخ 30 مارس 2017 أن شركة جيليت لأدوات الحلاقة وأدوات العناية الشخصية، استخدمت عبارة ما يستحقه الرجال لترويج شفرات الحلاقة التي تصنعها. ومازلنا في سياق الحديث نفسه، حيث إن «جيليت» ربطت بذكاء بين منتجها والرجولة، وهي رسالة تصل إلى كل الشريحة المستهدفة من المستهلكين، ومن قوة العبارة لم تغيرها الشركة منذ عام 1989 حين أطلقتها خلال مسابقة السوبر بول الأميركية، وتُرجمت إلى 14 لغة.
«جيليت» وكل الأمثلة التي ذكرناها في المقال السابق لم تأتِ بتلك الأفكار من فراغ، بل كان هناك ملهم واحد: شركة بيبسي كولا! إليكم القصة:
عام 1957، شركة بيبسي تتخبط وتعاني أزمة هوية لا تعرف من تستهدف، ورغم كل الجهود التسويقية المبذولة إلا أن المنافس الشرس (كوكا كولا) كان طاغياً ومهيمناً على السوق.
كان العيب في التسويق والعلامة التجارية وروح المنتج، كانت الشركة بلا شخصية ولا اتجاه، بينما كانت «كوكا كولا» تعيش عصراً ذهبياً بعد إقناع المستهلك الأميركي بأن مشروبها يمثل روح الحياة الأميركية، ووصل الأمر إلى توظيف شخصية سانتا كلوز (بابا نويل) في إعلاناتها، وهذه شخصية شعبية محبوبة جداً عند الشعب الأميركي.
عام 1963، عينت «بيبسي» رجلاً يُدعى آلان بوتيش، كان صغيراً في السن لكنه معروف بعبقريته. كانت مهمته صعبة وهي إعادة إحياء علامة بيبسي والخوض ضد أقوى منافس في السوق: «كوكا كولا» التي أخرجت «بيبسي» من عقول المستهلكين، رغم أن المشروبين كيميائياً متطابقان.
وهنا جاء بوتيش بالفكرة التي غيرت مجرى التاريخ وأصبحت أيقونة في عالم الإعلانات، وقال للشركة: توقفوا عن التحدث عن المنتج وابدأوا في الحديث عن المستهلك! للمرة الأولى في التاريخ قرّرت علامة تجارية ترويج نوع المستهلك بدلاً من مزايا المنتج.
وللمرة الأولى اخترعت «بيبسي» مدرسة جديدة في التسويق، سميت في ما بعد: تسويق أسلوب الحياة. في تلك الحملة التسويقية قالت «بيبسي» للمستهلك: «إذا كان هؤلاء مستهلكو كوكا كولا، فأنت حتماً مختلف، لأنك أصغر سناً وأكثر حيوية، أنت تشرب بيبسي، فإن المستقبل معك. أنت جيل بيبسي».
كانت لتلك الكلمة (جيل بيبسي) وقع السحر على الناس في الستينات، وخلقت هوساً انتشر إلى بقية دول العالم وأصبحت التسمية مرادفة لـ«بيبسي كولا». في عام 1984، 27 عاماً بعد النجاح الكبير لحملة جيل بيبسي، لم يكن على بوتيش إضافة الكثير إلى عبقرية الشعار السابق، فقرر تغييراً بسيطاً في التسمية، وأصبحت «بيبسي، خيار الجيل الجديد»، وفي عام 1997 أعاد بوتيش إطلاق الحملة باسم «الجيل التالي»، ووضعها في أغنية (سبايس غيرلز) الشهيرة Move Over.
والنتيجة كانت ضربة موجعة لـ«كوكا كولا» إذ انتزعت «بيبسي» شريحة كبيرة من المستهلكين.
بالعربي: توظيف كلمة جيل في الحملة وتحديثها كلما تقدم الزمن يخلق ولاء للعلامة التجارية بمرورها من جيل الستينات إلى أبنائهم في الثمانينات والتسعينات. كل واحد من أجيال «بيبسي» لم يكن يبحث عن مشروب غازي، بل عن شعور جديد: نسخة أفضل من نفسه.
• توظيف كلمة جيل في الحملة وتحديثها كلما تقدم الزمن يخلق ولاء للعلامة التجارية.
المصدر: الإمارات اليوم