عبدالله القمزي
عبدالله القمزي
كاتب إماراتي

مطبخ

آراء

لعلك خُضت تجربة الجلوس مع زوجتك أو خاضت إحداهن تجربة الجلوس مع زوجها لمناقشة تخطيط بيت الزوجية أو العائلة والاتفاق على أماكن توزيع الغرف، وتحديد مكان المطبخ والمخزن، وغيرها من أجزاء البيت.

يختلف موقع المطبخ في البيت باختلاف الثقافات، ففي بيوتنا الشعبية أو العربية عموماً فإن المطبخ عادةً يقع في طرف البيت، وهذا ما أتذكره بالضبط من بيت عائلتي القديم، ويكون مغلقاً من جميع الجهات، وذلك لمنع رائحة الطبخ من الانتشار داخل المنزل، حيث نحب نحن العرب وخصوصاً في الخليج أن تكون بيوتنا معطرة ومبخرة برائحة طيبة طوال اليوم إن أمكن.

كما جرت العادة أن يكون للبيت العربي الحديث مطبخان، داخلي صغير وخارجي في ملحق. ولا تحب شعوب الخليج في مجملها بناء المطابخ داخل صالات المنازل، ولكن تأثراً بالتصاميم الغربية فإن البيوت الحديثة أصبحت تضم مطابخ مفتوحة على صالاتها، وهي الطريقة الأميركية.

في بريطانيا وبعض الدول الأوروبية تجد المطابخ أحياناً في السرداب وأحياناً في الجهة الخلفية من البيت، وفكرة بنائها في السراديب جاءت من القرن الـ19 والعصر الفيكتوري تحديداً، حيث كان البروتوكول متبعاً بحذافيره في بيوت النبلاء.

يجهز الخدم الطعام في السرداب ويرفعونه لأسيادهم في الطابق الأرضي، وفكرة وجودها في الخلف أو السرداب هي الفصل التام بين طبقة الخدم والنبلاء وضيوفهم، فضلاً عن أن ذلك يعد استغلالاً جيداً للمساحات الضيقة للبيوت في بريطانيا.

في اليابان يعاني السكان ضيق المساحة، فتجد مطابخهم صغيرة جداً أحياناً في زوايا البيوت وملحقة بغرف طعام مجاورة.

في أميركا يختلف الوضع كثيراً، لأنهم وجدوا مساحات شاسعة من الأراضي المفتوحة، وبالتالي انعكس ذلك في تصميم بيوتهم، فهي أكبر من البيوت الأوروبية وتعتمد على المساحات المفتوحة، وهي – أي المساحات المفتوحة – ظاهرة في التصميم بزغت في النصف الثاني من القرن الـ20.

لم يتقيد المهاجرون الأوروبيون بتصاميم قارتهم العجوز، ففي العالم الجديد اختلط المهاجرون ببعضهم بعضاً وأصبحوا يطبخون الطعام ويتناولونه معاً، ومن هنا انتقل المطبخ من الخلف ليصبح في منتصف البيت، مفتوحاً على الصالة، وهو يعكس الترابط بين عناصر النسيج الاجتماعي الذي يكون شعوب أميركا الشمالية، فضلاً عن ظهور برامج الطبخ في منتصف القرن الماضي التي تابعتها الآلاف من ربات البيوت الأميركيات من التلفاز الموجود في الصالة أو الموجود داخل المطبخ نفسه.

وهناك عنصر واحد في المطابخ البريطانية لا علاقة له بالطبخ وتحضير الطعام، ألا وهو الغسالة!

حسب تقرير نشرته الـ«فايننشال تايمز» فإن السياح الأميركيين والأستراليين والكنديين الذين يقصدون بريطانيا صدموا من وجود غسالات داخل المطابخ، والبعض اعتبرها شيئاً مقززاً.

وفي بريطانيا – حسب الصحيفة أيضاً – فإن الطبخ والغسيل يعدان نشاطين عائليين يؤديان بعيداً عن الضيوف والصالة المخصصة لهم، وأما في أميركا وكندا وأستراليا فالغسالة توضع في غرفة خلفية.

حقيقة: منذ 100 عام لم تذكر إعلانات البيوت في بريطانيا وجود المطابخ فيها، حيث إنه المكان الخفي من البيت.

وكان هذا متعارفاً عليه بين الناس، حيث إن المنطق يفرض وجود هذا المكان في السرداب دون الحاجة إلى ذكره.

المصدر: الامارات اليوم