عبدالله القمزي
عبدالله القمزي
كاتب إماراتي

تقييم

آراء

عندما تشتري شيئاً أو تستخدم خدمة يقول لك البائع أو المسؤول لا تنسى إعطاءنا تقييماً جيداً على محرك البحث غوغل. وعندما تصاب بالإحباط من مستوى خدمة أو بضاعة اشتريتها فإن تقييم غوغل هو ملجؤك الأول فتنتقد ما اشتريته أو جربته وقد يتواصل معك البائع أو المسؤول لاستيعاب إحباطك ومحاولة تحسين تجربتك ثم يقول لك لا تنس تغيير تقييمك لنا على غوغل.

فهل غوغل أداة سحرية لتحسين أحكامنا أو آرائنا أو تقييمنا لتجاربنا في السوق؟ الجواب نعم في هذا الزمن الرقمي، والسبب لأن غوغل هو مصدر البحث الأول لملايين المستخدمين حول العالم. لكن لو افترضنا أن شخصاً اتجه لشراء أو تجربة خدمة بعد قراءة تقييم إيجابي ولم تعجبه مثل كاتب هذا المقال الذي يتورط مع الأكثر مبيعاً أو ذلك الذي يشتري الشيء رغم التقييم السلبي ولا تكون لديه أي مشكلة، فهل للتقييم قيمة في هذا الموقف؟

من تجربتي الشخصية، أسوأ ما في موضوع التقييم هو أن يخذلك مقهاك أو مطعمك أو محلك المفضل أكثر منه عندما يخذلك محل تشتري منه لأول مرة. والتقييم يختلف من شخص لآخر وتؤثر فيه الحالة المزاجية للشخص وتعصبه لشيء معين مثل أيديولوجية أو فريق رياضي كما تؤثر فيه الأخبار السلبية أو الذوق أو آراء الآخرين. التقييم رأي وتجربة وهو قابل للتغيير.

على الطرف الآخر من المعادلة ستجد المدافعين عن المنتج أو الخدمة أو مرفق عام أو غيرها، وهؤلاء ليسوا بالضرورة على خطأ ولكن تجربتهم لم تكن كتجربة صاحب التقييم.

فلو نزل شخص في مطار دولة ما فوجد فوضى وانتقدها في تقييمه فذلك لن يؤثر على السياحة في تلك الدولة، وهذه مطارات لندن تتعرض للانتقاد الشديد في الصحف الإنجليزية ولم ينخفض الطلب على السفر إلى هناك قط. لأن تجربة السياحة تقيم بشمولية وليس على تجربة سيئة في مكان واحد. ولأن بريطانيا كدولة مرتبطة بالتجربة الشاملة لزوارها أو مقيميها.

ولو انتقد أحد مثلاً فريق كرة له قاعدة جماهيرية ضخمة بسبب أداء متواضع أو ضعيف في مباراة أو بطولة فإن ذلك لن يغير من رأي مشجعيه وعشاقه فيه، ولن يتركوه أبداً لتشجيع ناد آخر وسيهاجمون المنتقدين، ولن تنخفض مبيعات تذكاراته قط. هذا يحدث عندما يرتبط المنتج بالهوية الشخصية.

نفس الشيء يمكن أن يقاس على الأجهزة الذكية، فمستخدمو أجهزة أبل يرون أن شركتهم المفضلة رمز للإبداع التقني ولديهم تحيز شديد لها، بينما مستخدمو سامسونغ يرونه عملياً أكثر أو أسهل استخداماً من أبل.

تقييم تجربة فيلم أو مسرحية أو حفلة غنائية خاضع للذوق والمزاج أكثر من المثالين السابقين، وقد يمتدح الناقد العمل الفني بشدة لكنه يخفق تجارياً بسبب عدم تماشيه مع المزاج العام أو مخالفته لمنظومة العادات والتقاليد والقيم.

موقف

بعد تجربة سيئة في مطعم اعتدته، اتصل بي شخص يطلب مني العودة، وكان يتحدث الإنجليزية بلهجة ثقيلة لم أفهم منها شيئاً سوى عد إلينا لا نريد أن نخسرك. ولم أعد لأن أسلوبه كان خالياً من الثقة بالنفس، وهنا تأتي أهمية اعتماد أشخاص لبقين في التواصل مع الزبائن.

المصدر:الامارات اليوم