تصدرت الإمارات جميع الدول العربية في تقرير تمكين التجارة العالمية لعام 2016، والذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي أمس، وحلّت في المركز الثالث والعشرين عالمياً، وهو ذات المركز الذي حلّت فيه في التقرير الماضي (2014). وتبعت كلّ من البحرين وقطر الإمارات عربياً، غير أنهما حلّتا في المركز الـ42 والمركز الـ43 عالمياً تباعاً.
وخلص التقرير إلى أن زيادة الاندماج ما بين اقتصادات دول رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) والاقتصاد العالمي، سمح لهذه الدول بأن تصبح السوق الأكثر انفتاحاً لتبادل البضائع، متفوقةً على كلّ من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.
ويشمل التقرير مؤشر تمكين التجارة العالمية الذي يقيّم أداء 136 دولة حول العالم في معايير عدّة منها النفاذ للأسواق المحلية والأجنبية، وكفاءة إدارة الحدود، وتوافر البنية التحتية والرقمية، وخدمات النقل، والبيئة التنظيمية. ويصدر التقرير عن المنتدى الاقتصادي العالمي مرّة كلّ عامين، ويعتبر معياراً للقادة الذين يأملون تعزيز النمو والتنمية في مجتمعاتهم من خلال التجارة.
ويأتي تصدّر دول رابطة جنوب شرق آسيا كقوة اقتصادية في وقت تشهد فيه كلّ من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي تراجعاً في الانفتاح بحسب التقرير. إلا أن التصدّر لا يشمل كافة المعايير، وعليه فإن أفضل الاقتصادات لتمكين التجارة هي على ما يبدو شمال وغرب أوروبا، باستثناء ملحوظ لكلّ من سنغافورة، وهونغ كونغ اللتين تحلّان في المركز الأول والثالث على التوالي.
وبهذا الخصوص، قال كلاوس شواب، المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي: «لا تزال التجارة العالمية الحرة هي الحامي (الدافع) الأقوى لتقدم الاقتصاد العالمي، وإن التحدي الأكبر للقادة هو جعل التجارة أكثر عدلاً، وترسيخها كقوة لتحقيق النمو الشامل.
كفاءة إدارة الحدود
ولعلّ أحد النتائج الرئيسية الأخرى للتقرير هي النجاح المحدود نسبياً الذي حققته الحكومات فيما يخص كفاءة إدارة الحدود، خصوصاً وأن كفاءة الإدارة تعتبر مسألة سهلة، وتحقق مكاسب غير متكافئة لكل من الشركات الصغيرة والكبيرة.
فيما إذا قورنت برأس المال المادي والسياسي المطلوب لتحقيق هذه المكاسب. وهذا التباطؤ في التنفيذ قد يتسبب في بعض القلق عالمياً خصوصاً مع دخول اتفاقية تسهيل التجارة 2014 التابعة لمنظمة التجارة العالمية حيز التنفيذ عام 2017.
ومن النتائج الأخرى للتقرير أنه، وعلى خلاف المعتقدات العامة، فإن العديد من سكان العالم لا يزالون غير قادرين على المشاركة في التجارة الدولية، أو سلاسل القيم العالمية. وبحسب المؤشر فإن أداء كبرى الأسواق النامية يعدّ سيئاً نوعاً ما، حيث إن الصين هي الدولة الوحيدة ذات التعداد السكاني العالي التي حلّت في ترتيب العشر الأوائل.
بينما حلّت ست من الدول الأخرى (وهي موطن لحوالي 2.4 مليار نسمة) في مراتب ما بعد المئة. فالهند حلّت في المركز (102)، والبرازيل (110) وروسيا (111) وباكستان (122)، وبنغلادش (123)، ونيجيريا (127).
وقال فيليب إيسلر، مدير التحالف العالمي لتسهيل التجارة:»يتم منع الشركات ورواد الأعمال في العديد من الأسواق النامية والناشئة من الولوج إلى السوق العالمي بسبب الإجراءات غير الفعالة والمكلفة فيما يخص كفاءة الإدارة الحدودية. لا بد للحكومات من أن تعامل مسألة الإصلاحات والتسهيلات التجارية كأولوية استراتيجية لتوفر إمكانية العمل التجاري للجميع».
أوروبا وأميركا الشمالية
تبقى أوروبا وأميركا الشمالية أفضل المناطق أداءً عندما يتعلق الأمر بتمكين التجارة، وذلك على الرغم من أن كلتيهما شهدتا تباطؤاً في التكامل منذ عام 2014.
وتتركز الأداءات الأفضل في الدول الأوروبية الجديدة كليتوانيا التي تقدمت ثماني مراتب لتحلّ في المركز 29، ودول رابطة التجارة الحرة الأوروبية ومنطقة البلقان (تقدمت صربيا 18 مرتبة لتحلّ في المركز 49). أما سويسرا والولايات المتحدة الأميركية فهما الدولتان ذاتا الأداء الأسوأ على التوالي فيما يخص الوصول إلى السوق المحلية والعالمية.
وبالإضافة إلى سنغافورة وهونغ كونغ، فإن أفضل الدول أداءً في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ هي اليابان (في المركز 29 بزيادة 16 مرتبة) ونيوزيلندا (في المركز 18 بخسارة أربع مراتب)، وقد حسّنت كافة دول الإقليم ترتيبها، بما فيها الصين (في المركز 61 بزيادة مرتبتين). ومن ضمن دول الإقليم ذات الاقتصاد المتقدم فقد صعدت كوريا سبع مراتب إلى المركز الـ27.
وشهدت دول منطقة ميكونغ الأربع (حوض نهر ميكونغ) تحسناً ملحوظاً في ترتيبها: تايلاند (في المركز 63 بتقدم تسع مراتب)، وفيتنام (في المركز 73 بتقدم 14 مرتبة)، وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية (في المركز 93 بتقدم سبع مراتب)، وكمبوديا (في المركز 98 بتقدم أربع مراتب).
أميركا اللاتينية والكاريبي
تتصدر تشيلي (في المركز 21) دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، في خمسة من معايير المؤشر. وتعتبر كلّ من المكسيك (في المركز الـ51 بزيادة 11 مرتبة) والأرجنتين (في المركز 94 بتقدم تسع مراتب)، الدول ذات التحسّن الأكبر في الإقليم.
ومن جهة أخرى فقد تراجعت كلّ من البرازيل (110) وبوليفيا (112) ثلاث عشرة مرتبة. وبشكل عام فإن أداء أميركا اللاتينية يعتبر أفضل من المتوسط العالمي من حيث الوصول إلى الأسواق المحلية والأجنبية، ولكنها لا تزال تواجه المشكلات فيما يخص كفاءة إدارة الحدود وضعف البنية التحتية وخدمات النقل.
إقليم أوراسيا
وقد شهد إقليم أوراسيا أقل مستوى تحسن في مؤشر هذا العام، حيث تدهور الأداء في كل من الوصول إلى الأسواق وخدمات النقل، ومع ذلك، تستمر جورجيا بتعزيز ريادتها في المنطقة، وتصعد خمس مراتب إلى المركز الـ41، في حين أن أداء بقية دول المنطقة انخفض بلا استثناء، حتى روسيا التي حلّت في المركز 111 خسرت خمس مراتب.
أفريقيا جنوب الصحراء
في الوقت ذاته، حققت منطقة أفريقيا جنوب الصحراء التحسن الأكبر عالمياً هذا العام، ويأتي هذا كنتيجة للتطورات المهمة في خاصية الوصول إلى الأسواق، وخصوصاً الأجنبية منها.
ولكن أداء موريشيوس، شهد بعض التوقف، ما أدى إلى تراجعها تسعة مراتب لتحلّ في المركز 39 عالمياً (إلا أنها تبقى أفضل دول الإقليم أداءً). أما ليبيريا، فقد شهدت أعلى نسبة تحسّن في الإقليم، حيث حلّت في المركز 120 أي بزيادة تسع مراتب وذلك على تبعية انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية مؤخراً.
اقتصادات جنوب آسيا
وحسنت كافة اقتصادات جنوب آسيا من نتائجها في المؤشر على مدى العامين الماضيين، فالهند حسنت من أدائها بأربع مراتب لتحلّ في المركز الـ102، إلا أن كلاً من سريلانكا (103)، وباكستان (122) وبنغلادش (123) تراجعت جميعها في الترتيب.
ولا تزال منطقة جنوب آسيا المنطقة الأكثر انغلاقاً في العالم: فهي تفرض بالمتوسط تعرفة 16.7% على المنتجات المستوردة (ارتفعت من 15.8 في المئة في عام 2014.
معايير
يقيم مؤشر تمكين التجارة العالمية مدى امتلاك الاقتصادات للعوامل التي من شأنها تسهيل التدفق الحرّ للبضائع عبر الحدود، إلى أن تصل إلى وجهاتها. وتضم هذه العوامل سبعة معايير هي: النفاذ إلى الأسواق المحلية، النفاذ إلى الأسواق الأجنبية، كفاءة إدارة الحدود، توافر البنية التحتية للنقل، توافر البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبيئة التشغيل.
ولا بد من الإشارة إلى أنه بسبب التغيرات في منهجية المؤشر وتوافر البيانات، لا يمكن مقارنة نتائج تقرير 2016 بنتائج تقرير 2014، لذا فقد تمت إعادة احتساب نتائج تقرير 2014 عام بحسب المنهجية الجديدة.
الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ثالث أفضل المناطق
أكد تقرير تمكين التجارة العالمية لعام 2016، أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تبقى ثالث أفضل منطقة في تمكين التجارة، في ظل وجود دول ذات أداء قوي مثل الإمارات، والتي تستقر في مرتبتها الثالثة والعشرين عالمياً، ولكن دولة قطر التي كانت إحدى أفضل أسواق المنطقة أداء في التقرير الفائت والذي أُصدر عام 2014 .
والتي حلت في المركز 25 هبطت 18 مرتبة لتحلّ في المركز 43 عالمياً في تقرير هذا العام. ومع ذلك فإن الفروق ما بين دول المنطقة شاسعة، فحال المنطقة كغيرها من مناطق العالم حيث يكون أداء الدول ذات الاقتصادات الغنية بالسلع الأساسية أفضل من أداء تلك ذات الاقتصادات الأصغر.
وقال التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، إن المنطقة فتحت أسواقها المحلية أمام قطاعات الأعمال الأجنبية. وأحرزت بعض الدول تحسنا جوهريا مثل المغرب ثلاث درجات من المركز 52 في عام 2014 إلى المركز 49 في 2016 مؤكدة اتجاهها الإيجابي في زيادة التكامل في منطقة غرب المتوسط وكذلك الجزائر التي ارتفعت 6 درجات إلى المركز 121.
وتصدرت الإمارات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث أبلت الدولة بلاء حسنا بفضل بنيتها التحتية الكلية (6 عالميا)، ودرجات ممتازة في بنية الطيران والموانئ والطرق التحتية.
ومنذ 2014 أصبح مطار دبي الدولي أكثر المطارات ازدحاما من حيث المسافرين الدوليين، مع توسع شبكات ربطه.
ويعتبر ميناء جبل علي أكبر موانئ المنطقة وهو مرشح لمزيد من النمو بظل محطتيه 3 و 4. وفي مجال الإدارة شهدت الإمارات تحسنا كبيرا في بيئة تسهيل التجارة، وخاصة من حيث الخدمات التي توفرها الجمارك ووكالات الحدود.
وحل الأردن في المركز 45 في المؤشر مع تحسن طفيف نسبيا في بقية العناصر، رغم أن عملية المعالجة الحدودية أفضل من معدلها في المنطقة، وبقاء كلفة المعاملات والامتثال الحدودي في حقلي الصادرات والواردات مرتفعا.
أما السعودية فقد دخلت المؤشر هذا العام في المركز 67، متراجعة 11 درجة عن مركزها في 2014. وقد استفادت بنية النقل التحتية (31) من الربط الجوي العالمي الجيد (23) وواحدة من أفضل شبكات الطرق في العالم (2) بعد الولايات المتحدة في سرعة الربط بين المدن.
الدول العربية العشر الأفضل
الدولة 2014 2016
الإمارات 23 23
البحرين 41 42
قطر 25 43
الأردن 45 45
عُمان 39 46
المغرب 52 49
السعودية 56 67
الكويت 85 87
لبنان 92 90
تونس 89 91
المصدر: تقرير تمكين التجارة العالمية
البيان