نتفق فكرياً أو نختلف مع التيارات التي تنادي بالتغيير في منطقتنا، نظل أمام حقيقة شديدة الوضوح: نحن أمام عالم يتغير باليوم الواحد.الخطورة ألا يعي صانع القرار أن وتيرة التغيير متسارعة على كل الأصعدة!
أما وقودها الحقيقي فهم «الشباب» الذين يطمحون في مستقبل آمن. وحينما تتسع الفجوة بين مطالب الناس وصانع القرار فإن أصحاب الأجندات الخفية يجدونها فرصة ذهبية للاستثمار في هكذا بيئة: فالشباب يبحثون عمن يتبنى مطالبهم وصناع القرار يكرسون خطابهم القديم لكنهم لا يكلمون أحداً غير أنفسهم.
من يتعامل مع تحديات اليوم بعقلية الأمس إنما يزيد من عمق الأزمة. ومن يتجاهل مطالب الشباب في التغيير إنما يعاند «سنة الحياة»؛ لكأنما يناطح الجبال! ولا يمكن أن نتعامل مع تحديات التنمية في بلداننا وفق مقولة «الزمن كفيل بحلها». إنما نحتاج لمنظومة ضخمة من المشروعات والأفكار التنموية التي تبدأ بالبنى التحتية لكنها تطال بناء المؤسسات الحقيقية التي تعنى بالرقابة والمحاسبة والصرامة في تنفيذ وعود التنمية.
جدالاتنا وصراعاتنا الفكرية -في غالبها- عبث، القطاع الواسع من أبناء المجتمع مهتم بقضاياه الأساسية -وهي جوهر التنمية- في وجود بنى تحتية وفي وجود الخدمات -الحقوق- الأساسية من مدارس ومستشفيات وطرق لائقة. أما الهم الأكبر فهو الحصول على «حقه» في الوظيفة واقتناعه بأنه فعلاً شريك. وبعدها تستطيع النخب أن تختلف أو تتجادل أو تمارس الصراخ ضد بعضها البعض كيفما شاءت.
مخطئ من يختزل «إعصار» التغيير القادم في صراعات النخب وخلافاتها أو حتى في طموحات بعضها في السلطة.
إننا أمام أجيال شابة قادمة ومن حقها أن تأمن لمستقبلها، من حقها أن تتأكد من أن ضوءاً، هناك، في آخر نفق «التنمية المعطلة» ينتظرها. ولهذا فإن مشروعات تنموية حقيقية كفيلة بأن تسحب البساط من تحت أقدامنا، نحن المنشغلين بصراعاتنا ومنافساتنا الفكرية.
الشاب العاطل عن العمل اليائس في المستقبل لا يهمه أن تكون ليبرالياً أو إخوانياً، سلفياً أو يسارياً. إنه -في الغالب- يبحث عمن لا يتاجر بقضيته ويستطيع أن يخرجه من أزمته!