استبشرنا كثيراً بمجموعة اتفاقيات أبرمتها دولة الكويت خلال زيارة حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه لجمهورية الصين، وتابعنا الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي لمعرفة ما هية الاتفاقيات وأهدافها الاستراتيجية، لنجد أن عدداً من المختصين يدلون بدلوهم، بما يتمنون أكثر من نقل الواقع. والسبب ببساطة هو شح المعلومات والاعتماد على التغطيات البروتوكولية التقليدية في وسائل الإعلام الرسمية المنصبة على الزيارة والاستقبال الرسمي والخطاب الأميري مع إغفال فحوى الاتفاقيات وتفاصيلها.
وأرى أن هذا الفراغ كان ينبغي أن تملأه وزارة الخارجية قبل الرحلة أساساً، من خلال عدة جهود إعلامية مدروسة، لتحقق من وراءها أهدافا توعوية على الصعيد المحلي، وإيصال رسالة الكويت الدبلوماسية للمجتمع الدولي، فنحن في زمن بات الاتصال الحكومي الاحترافي جوهراً لا ترفاً في تعميق الفهم بين الشعوب.
ما كنا نحتاجه هو «الدبلوماسية الرقمية»، فالدبلوماسية التقليدية تعد التعبير المجرد عن مصالح الدول مقارنة بالتأثيرات القوية لوسائل التواصل الحديثة في الوصول لأكثر من 3 مليارات شخص حول العالم، كما يراها السفير البريطاني الأسبق لدى لبنان توم فليتشر مؤلف كتاب «الدبلوماسية العارية».
وبالنظر إلى تجارب عالمية شبيهة، فمن الممكن متابعة وسم مثل #ولي_العهد_في_بريطانيا، وما تبعه من محتوى معلوماتي وبصري وفير حول زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي للمملكة المتحدة في مارس الماضي. وهنالك دول أنشأت حسابات للتعريف ببلدانها بطريقة تفاعلية وعفوية تجذب السائح العربي مثل حسابات السويد واليابان وغيرهما. وعلى مستوى الشخصيات العربية، فيُحسب للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات حضوره الرقمي في تعزيز مكانة بلده كنموذج عالمي للتنمية والإيجابية.
وفي ذكر وزارة الخارجية، فلا بد من الإشارة إلى جهودها الدبلوماسية العظيمة التي تحقق مكاسبها يوماً بعد يوم، لا سيما في هذا الوضع العاصف في المنطقة، إلا أن هذه الجهود يقابلها استخدام متواضع للإعلام والاتصال على صعيد صياغة الأخبار الرسمية أو محتوى المواقع الإلكترونية للوزارة وبعثاتها الخارجية، أو حتى طريقة إدارة بعض الحسابات على منصات التواصل الاجتماعي. ولعل الوقت قد حان لأن تستحدث وزارة الخارجية إدارة متخصصة في الدبلوماسية العامة لتسند جهودها العظيمة على صعيد الدبلوماسية بمختلف فروعها الرقمية والإنسانية والثقافية.
إن الدبلوماسية الرقمية التي نطمح لأن نراها هي توظيف المحتوى الإلكتروني وبالأخص التواصل الاجتماعي لنقل صوت الكويت للعالم أجمع، من خلال لغة العصر التي تعتمد على العناصر البصرية والتفاعل مع المجتمعات الافتراضية بلغات متعددة، كما نتمنى أن تسهم دبلوماسيتنا الرقمية في قياس الرأي العام العالمي تجاه ما تقدمه دولة الكويت من مساعدات أو إسهامات تجاه القضايا العادلة مثل القضية الفلسطينية، فضلاً عن تفنيد الإشاعات والمغالطات المرتبطة بعلاقاتنا الدولية، إلى جانب توفير قناة على مدار الساعة للتواصل مع رعايا الدولة حول العالم بطريقة سهلة ومباشرة.
المصدر: القبس