كاتب وإعلامي سعودي، وُلد في دولة الكويت في 19 أكتوبر 1975. حصل على بكالوريوس علم نفس تربوي من كلية التربية في جامعة الكويت عام 1997، ثم دبلوم إعلام من جامعة الملك سعود في الرياض عام 1999. عمل في جريدة الوطن السعودية في الفترة من 2002 إلى 2004، وإذاعة وتلفزيون المملكة العربية السعودية ما بين عامي 2000 و2004. يعمل حالياً كمذيع ومقدم برامج سياسية في قناة الجزيرة القطرية.
ما يجري في سوريا خطير للغاية، ليس من باب القمع الاستثنائي وغير المسبوق من قبل النظام السوري وحسب، بل من باب تفاعل المحيط العربي والإقليمي مع الأحداث، ومؤخرا تصاعدت اللهجة التركية في تعليقها على استخدام نظام بشار الأسد العنف بشكل غير مقبول، ولوحت بالتدخل عسكريا إذا لزم الأمر، فرنسا والولايات المتحدة الأميركية تجد الفرصة مواتية للانقضاض على النظام العربي الوحيد المتحالف مع إيران إذا ما استثنينا العراق الواقع تحت السيطرة الأميركية والإيرانية بالتساوي، والبعض منا لا يرى مشكلة في تدخل تركيا وحسمها الموقف لصالح المحتجين السوريين، وهذا ما يثير القلق ويستحق النقاش.
من حيث المبدأ لا مشكلة في موقف دولي وإقليمي يندد بجرائم النظام السوري، بل إن السكوت عن هذه الفظاعات يمثل جريمة بحد ذاته، لكن أن تصل الأمور إلى استدعاء هذا التدخل والرهان عليه ومنحه الشرعية مسبقا فهذا يشكل مصدر القلق في هذه القضية، وعلينا أن نتذكر دائما ما جرى في العراق ونطرح الأسئلة التالية: لماذا لم ينجح عراق ما بعد صدام حتى اليوم؟ ولا تظهر حتى اللحظة أية بوادر جدية لخروجه من هذه الدوامة التي دخلها في عام 2003، لم يحدث ذلك رغم عدة انتخابات مارسها العراقيون في أعوام قليلة، ورغم عشرات الأحزاب السياسية التي ظهرت بعد أن كان حزب البعث يحكم البلاد منفردا؟ صحيح أن الغزو والاحتلال الخارجي للبلاد أسقط واحدا من أكثر الأنظمة قمعية ووحشية، لكن انظروا لما حدث بعد ذلك، انفلت عقال الطائفية في البلد وبات القتل بالمجان وبشكل يومي!، وتحولت البلاد المنيعة إلى معمل للخارج يُجري تجاربه السيئة على أرضها!
في لبنان حالة مثيلة وغريبة، بعض اللبنانيين أصدقاء لإيران، وآخرون أصدقاء لفرنسا بشكل وثيق، والكل يستخدم مبررات وحججاً تبين صحة وسلامة هذه الصداقة، من الأموال النظيفة وصولا إلى فرادة لبنان وخصوصيته، وقد كان الدين بوابة العبور الدائمة للأجنبي يدخل منها ويخرج ساعة يشاء!، وأصبحنا أمام حالة مواطنة نادرة في التاريخ الحديث، مواطنون لبنانيون يتقاطعون بمصالحهم وأهوائهم مع الخارج أكثر مما يفعلون بينهم، وهذا هو حال العراق بالضبط بعد احتلاله وتحالف طائفة مع المحتل الأجنبي بحجة محاربة المستبد الداخلي، وهو ما تذهب إليه البحرين اليوم بكل أسف.
تبدأ المشكلة وتنتهي عند الاستبداد، فالأنظمة المستبدة لا شرعية لها، وهي على استعداد دائم لاستخدام كل ما يتاح أمامها للاستمرار في الحكم، وتجد غالبا في الطائفية متنفسا لبسط هيمنتها ونفوذها، إما عبر تأجيجها أو التخويف منها إن هي غابت أو غُيبت، ونتذكر كيف أن كلمة الفتنة الطائفية وردت في حديث بشار الأسد أمام مجلس الشعب السوري 26 مرة!!، وكانت الرسالة واضحة من استخدام التخويف بالفتنة الطائفية، وتزداد المسألة تعقيداً مع مجتمع لا يملك حصانة ضد محاولات النظام دفعه إلى أتون الفرقة الطائفية، وتظهر أصوات امتهنت المذهبية وتخصصت فيها سنوات طويلة لتقود الرأي العام، وهي حذرة بكل تأكيد من استخدام ما يثبت طائفيتها من حيث اللفظ، لكنها تمعن في التفريق منهجا ومضمونا وتكرس الانتماءات الضيقة وتجد جمهورا واسعا يصفق دون وعي لها، إضافة لاحتضانها إعلاميا والترويج لها بشكل سافر، وهنا تحديدا يرى جمهور واسع في تركيا دولةً سنية وفي إيران دولةً شيعية، كما يرى موارنة لبنان في فرنسا دولة مسيحية صديقة، وهي ليست كذلك للأسف!، وبالتالي تصبح الطائفية والصراع الداخلي بين مكونات المجتمع الواحد مبررا لقبول التدخل الأجنبي!
كلنا يحارب الاستبداد دون أدنى شك، ومواقف تركيا على الصعيد العربي ميّزتها كثيرا في السنوات الأخيرة، لكنها دولة ذات مصالح تعمل على حمايتها وتكريسها في المنطقة، والنظر لها كدولة «سنية» صديقة مثيل للنظرة نحو إيران كدولة «شيعية» صديقة ترعى الشيعة وتحميهم في المنطقة، وهذا ما يؤدي إلى غياب الدولة وضعف الدولة العربية الحديثة التي تحمي جميع مواطنيها دون تمييز عرقي أو مذهبي، ورغم أن المنطقة تتغير بشكل جذري، فإن هناك من ما زال في الماضي ويسعى بوعي منه أو دون وعي لإكمال المعادلة التي أخرت العالم العربي قرونا طويلة، الاستبداد يتحالف مع الطائفية فيجد الأجنبي طريقاً معبدة يسير فيها!
صحيفة العرب القطرية