لاقت المتغيرات الهيكلية في الحكومة الاتحادية التي أعلن عنها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، صدى واسعا ليس فقط في دولة الإمارات ولكن في خارجها أيضا.
فقد كانت هذه المتغيرات جذرية ليس فقط في طبيعتها وحداثتها وجديتها ولكن في الآثار المتوقع أن تخلفها على المجتمع. لأول مرة في تاريخ العالم المعاصر يأتي الى سدة الوزارة شاب يافع يمثل شريحة الشباب وطموحاتهم وأمانيهم وابداعهم، وخاصة بعد أحداث الربيع العربي والتي قام بها الشباب ولكنها في النهاية تحولت عن مسارها وجنى ثمرتها غيرهم.
ليس هذا هو المتغير الوحيد ولكن المتغيرات الاخرى التي استحدثت كلها تصب في خدمة المواطن والمقيم على أرض هذه الدولة. والملاحظ أن المتغيرات المستحدثة حاولت جميعها التوفيق بين جميع شرائح المجتمع وعلى مختلف أطيافهم.
فاستحداث مجلس للحكماء هو في الواقع محاولة لتوظيف خبرات الكبار والاستفادة منها لا سيما وأننا مجتمع ناهض يسير بقوة نحو الامام وقادته من الشباب ولا بد لنا في هذه المرحلة من مكبح ولا شك أن هذا المكبح سوف يكون هؤلاء الحكماء من ذوي الخبرة ومن ذوي الحكمة التي يمثلها عمرهم وتجاربهم.
هذا التوافق والتوازن بين خبرة الشباب والكبار مطلوب في هذه الفترة وخاصة وأننا نمر في فترة مرحلية مفصلية من تاريخنا الحديث ولا نريد أن يحدث انفصام بين جيل الشباب وجيل المخضرمين من بناة الاتحاد.
إن الناظر الى تجربتنا الإماراتية ليحس بأنها فعلا تجربة مختلفة عن غيرها من التجارب السياسية والانسانية المعاصرة وأنها بالفعل تستحق أن تكون تجربة القرن ومصدر الهام ومنبع إبداع للآخرين. ليس فقط لأنها تجربة تنموية مختلفة وليست لأنها نجحت في تحريك المياه العربية الراكدة بل لأنها تجربة انسانية واجتماعية واقتصادية وادارية مغايرة عن كل ما تشهده مجتمعات العالم الحديث والمعاصر.
التاريخ يكتب عن إماراتنا كل يوم صفحة جديدة ومبتكرة، ويشعر الجميع بأن الإمارات ليست دولة عادية بل هي دولة أنموذج في كل شيء. وفي الوقت ذاته يشعر كل من يعيش على أرض هذه الدولة بأنه يساهم في كتابة سطر من سطور تلك الملحمة التاريخية وبأن مشاركته المجتمعية لها دورها ووزنها.
المتغيرات الادارية الجديدة سوف يكون لها آثارها على المدى الطويل. فسوف تكون تلك الفجوة بين الاجيال قد ردمت بحكم التواصل بين الاجيال. القيم التي قام ويقوم عليها مجتمع الإمارات سوف تكون العمود الفقري الذي يقوم عليه مجتمعنا الحديث، أما الهواجس التي تدور في عقولنا حول مستقبل اللغة العربية وهي أساس الهوية الوطنية فسوف لن يكون لها اساس.
فحماية لغتنا العربية سوف تظل من ضمن اهتماماتنا الوطنية. اما المعرفة والعلوم والابتكار وهم أساس التقدم المجتمعي فسوف يكون لها أولوية في أجندتنا الوطنية واهتماماتنا لأنها مصدر رئيس لتقدمنا بين الامم.
إننا في دولة الإمارات نلتف حول قيادتنا التي تمثل لنا ليس فقط طوق الأمان والحصن الحصين لنا ولكنها تمثل لنا السعادة بكل أشكالها لأنها تأخذ في الحسبان المستقبل ووضع جميع الخطط والاستراتيجيات لمواجهته.
الامن والأمان مطلبان لكل القاطنين على أرض الإمارات ليس هذا فحسب بل نظرا لما تمثله الإمارات من أنمودج جميل يأخذ في الحسبان الماضي والحاضر والمستقبل. فلا غرو أن تجد مؤشر السعادة مرتفعا عندنا ولا غرو أن تجد أن جميع الخطط تأخذ في الاعتبار الشباب وقضاياهم لأنهم هم المستقبل.
إن الإمارات اليوم تمثل أنموذجا انسانيا جميلا يأخذ في الاعتبار وضعه الديمغرافي والجغرافي والاقتصادي وكلها اعتبارات فاعلة في عالم اليوم.
وعلى الرغم من قلة عدد سكانه وصغر مساحته الا أنه أثبت أنه فاعل مهم على الساحة العالمية ليس بحجم المساعدات الانسانية التي يقدمها للآخرين ولا بحجم الدور السياسي الذي يلعبه على الساحة العالمية بل بحجم الدور والتأثير الفاعل الذي يتركه على مجرى الاحداث العالمية ككل. فلا غرو أن يشعر جميع من يعيش فيها بانه محظوظ وبأن يشارك في كل يوم في إضافة سطر في ملحمة نجاح دولة الإمارات.
نحن في الإمارات لا ننتظر المستقبل أن يأتي بل نسعى اليه بعقول مفتوحة وخطط مرسومة واستراتيجيات موضوعة وعلى خطى واثقة ومؤمنة تماما كما مشى عليها الآباء المؤسسون. لهذا نجح أنموذج الإمارات.
المصدر: صحيفة البيان