مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

المتنبي والطغاة.. وأبواب حلب

آراء

فيما ترسل الدول التي تحترم مواطنيها طائرات الإخلاء الطبي لإنقاذ وعلاج من يصابون منهم بأي أذى، يرسل النظام السوري طائراته المقاتلة لقتل مواطنيه وتدمير مساكنهم. وفيما تهتم الدول بتراثها وآثارها وتاريخها، يقوم النظام السوري بتدمير الآثار، ويريد إعادة كتابة التاريخ حسب هواه، معتقدا أن زمن هيمنة “البعث” لم يتغير، وأنه يستطيع الاستمرار بتزوير تاريخ بلد عريق، ليجعل من الطغاة أبطالا، ومن المخلصين لوطنهم خونة.. لكن إرادة الشعب تظل أقوى.

* * *

كثيرة هي المواقع الأثرية التي طالتها قذائف النظام في مختلف المدن، وأذكر منها أسواق حلب القديمة، وجامعها الأموي، وقلعتها التي كانت شاهدا على الفتح الإسلامي ذات يوم، ولا أعرف إن بقي من منزل المتنبي شيء بعد إحراق جنود النظام السوري منذ ثلاثة أشهر لسوق المدينة التاريخي، الذي كان يشتري المتنبي أغراضه منه، وهو يبعد عن بيته حوالي 500 متر، بحسب دراسة للباحث محمد قجة. لكن المؤكد أن قصائد المتنبي صمدت أحد عشر قرنا، بينما الطغاة لن يصمدوا، والمؤكد أيضا أن كثيرا من أبياته تنطبق على الواقع هناك ومنها قوله:

(عشْ عزيزا أَو مت وأَنت كريم
بين طعن القَنا وخفْقِ البنودِ
فاطلبِ العزَّ في لظى ودعِ الذلَّ
ولو كان في جنانِ الخلُودِ)
وقوله:
(فإن الجرحَ ينفر بعد حينٍ
إذا كان البناءُ على فسادِ)
وقوله:
(وليس يصحّ في الأَفهام شيءٌ
إذا احتاج النهار إلى دَلِيلِ)
وقوله:
(وجرمٍ جرّه سفهاءُ قومٍ
وحلَّ بِغيرِ جارمه العذابُ)

* * *

… وأبوابُها النصر

إلى مقلتيها نشدّ الشموسَ
ونأخذُ من رئتيها الدروسَ
ونبدأ رحلةَ قلبٍ عصيّ
نسافرُ فيها إليها
نطارحُها السحرَ نمزجُ أوجاعَها بالمسافةِ
نحتار، كلُّ الشوارع فيها نحبّ
وتلك البيوتُ تعرّش في أغنياتِ الخليّ
فيا “حلب”، النبضُ لم ينسَ دفئكِ منذ التقينا
ومنذ احترقنا هوىً يوم كنا صغاراً
وحين كبرنا سكبناكِ حباً تورّد بين الضلوع
وأسكر أعماقنا بالجنونِ وألهب فينا القصيدَ
فجاءت إليك حروف الفتيّ
وحين اغتربنا رسمناكِ في الذاكراتِ
وددنا غيوثكِ تخترق البعد تأتي إلينا
فأمطرتِ حريةً عانقتها السماءُ
كأنك في النائباتِ وليّ
سنأتيك يوماً بحلم غدٍ قد أفاق يطرز أثواب عرسٍ
تلامس منك الجراحَ تقول: سيرجعُ حسنكِ…
ترجع أبوابك الرائعات، “الجنان”، “الحديد”
وآخرُ لـ”الفَرَج” انساب فينا
وباب هو “النصر” سرّ خفيّ

المصدر: الوطن اون لاين