عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

الانتحال

آراء

قدمت السينما، كما الأدب، أعمالاً مهمة تتعلق بظاهرة قيام الأزواج بانتحال أعمال أدبية أو فنية من إبداع زوجاتهم وادعاء ملكيتها، وتقديمها للمجتمع والإعلام على هذا الأساس، بل والتصرف فيها تصرفاً مطلقاً؛ كبيعها أو توظيفها أو تحويلها إلى أشكال أخرى على سبيل المتاجرة، هذه السرقات التي تعرف بانتهاك حقوق الملكية الفكرية، أو الانتحال، هي جريمة دنيئة قائمة على الاستغلال والابتزاز معاً!.

لقد عالجت السينما العالمية هذه القضية عبر أفلام مهمة، مثل فيلم «العيون الكبيرة» عام 2014، وفيلم «الزوجة» عام 2017، وكلا الفيلمين يعرضان للحالة نفسها؛ استغلال الزوج إبداع وذكاء الزوجة، والتحرك في الحياة تحت مظلة تلك العبقرية، دون أي إحساس بوخز الضمير، في الوقت الذي لم يكن أي من الزوجين (زوج الرسامة وزوج الروائية) يملك أي نوع من الموهبة أو الإبداع، سوى موهبة الاحتيال أو الانتحال.

توافق الزوجة في كلا الفيلمين، على هذا الوضع اللاأخلاقي، بل وتبرر للزوج انتهاك حقها وخصوصيتها وحقها المطلق في امتلاك أعمالها ونسبتها إليها، بل وتدافع عن موقف الزوج وسلبية موقفها، بأنه لم يكن بالإمكان عمل شيء آخر، متعللة بما كانت عليه أوضاع النساء ونظرة الرجال لها سنوات الخمسينيات في بلد كالولايات المتحدة!.

لقد كان مجتمعاً لا يهتم ولا يعترف بالمرأة المبدعة، وحتماً لم يكن يلتفت لكتاباتها ونبوغها، وهذا ما ظهر في الفيلم، فعندما حاولت الرسامة الحقيقية (مارغريت كين) التي يروي فيلم «العيون الكبيرة» قصتها، أن تبيع لوحاتها للمارة، لم يكن الناس يدفعون لها أكثر من 3 دولارات، استهانة وتحقيراً بطبيعة الحال، لذلك كانت مضطرة للزواج من محتال لوحات فنية، سامحة له أن يستغل لوحاتها وأن يضع عليها اسمه في مقابل حمايتها واحتفاظها بحق حضانة ابنتها.

في الجهة الأخرى، فإن الكاتبة التي تكتب روايات زوجها والتي مهدت له الطريق لنيل جائزة نوبل، قابلة بدور الزوجة التي تسير خلف زوجها حاملة معطفه في المؤتمر الصحفي كما أراد هو، لم يدر بخلده أن لحظة انفجار الحقيقة ستحين وهو يتسلم الجائزة!.

المصدر: البيان