المسماري: حرّضتُ الفرنسيين على مهاجمة القافلة وزوّدتُهم بإحداثيات باب العزيزية … الحلم النووي كان موجوداً ومصنع الرابطة أسبيرين من فوق وأسلحة محظورة من تحت
هذا ما تفعله السلطة المطلقة بمن يمارسها بلا رقيب ولا ضوابط. يقول الذين عرفوا معمر القذافي باكراً إنه كان شاباً متحمساً يحلم بالوحدة العربية والوقوف في وجه الظلم والاستغلال. لم يدُرْ في خُلدهم ان هذا الشاب سينفرد بالسلطة ثم ينظّم آلة قتل مروعة في الداخل والخارج.
دائماً يعثر المستبد على مدّاحين ومبخّرين ومتسلّقين يسارعون إلى الانضواء تحت جناحيـه. يحجبون عنه حـقيقة مشاعر الناس فيـزداد انـفصالاً عن الواقـع. يـزداد قسوة ويـزداد تـشبـثاً بالـسلطة. في البدايات يغـمر الدم كاحـليه ثم تبـدأ رحـلة الـغرق. ينتهي المستبد سابحاً في دم شـعبه الذي يسـتنجد بالطائرات الغريبة لإنقاذه من آلة القتل.
اندلعت الثورة ورفض القذافي التقاط الرسالة. صمّم على مكافحة «الجرذان». وكانت النهاية مأسوية له ولعائلته ولبعض جلاوزته. حاولنا في الحوار مع أمين المراسم نوري المسماري الاقتراب من خيمة العقيد. من خيمة الرجل المريض الذي كان مُكلِفاً لبلاده حين حكمها على مدار اربعة عقود وكان مُكلِفاً أيضاً يوم انتَفَضَت لتطوي صفحته.
تتلمس ليبيا اليوم طريقها نحو الديموقراطية. لن تكون الرحلة سهلة. لكن الأهم ألا تقع تلك البلاد مجدداً في قبضة الاستبداد سواء تمثّل في شخص أو فكرة.
أزعجتُ المسماري بأسئلتي الكثيرة، لكن مهنتي مزعجة بطبيعتها. وهنا نص الحلقة السادسة والأخيرة:
اندلعت الثورة، فماذا فعلتَ وماذا قدمت؟
– في البداية تابعتُ الأحداث ثم زادت عما هو متوقع، تظاهرات سلمية من دون سلاح، أناس يطالبون بحقوق بديهية ومشروعة، يعني حقوق انسان وقانون ودستور وعدل ومساواة. لم تخرج التظاهرات في البداية للمطالبة بإسقاط القذافي. عاشت البلاد 42 عاماً بلا قانون أو دستور. الدستور هو ما أعلنه القذافي في إعلان قيام سلطة الشعب. أطلق على البلاد التسمية التي يرغب فيها.
الجماهيرية؟
– الجماهيرية العربية الليبية وهي كلمة لا ترجمة لها. قال أنا أريدها هكذا وكان له ما أراد. فهمنا أنه يريد اسم الجماهيرية لكي ينسب إليه، وكانت بالأجنبي تُلفظ الجماهيرية. ردَّ على التظاهرات السلمية بالنار. ثم استخدَم سلاح الجو. اتصلتُ بمحطة «الجزيرة» وأعلنتُ انشقاقي، مطالباً الإخوة في القوات المسلحة بعدم الاصطدام بالشعب ورفض تنفيذ الأوامر، وألاّ يلطخوا أيديهم بدماء اخوتهم وأن يقفوا إلى جانب الشعب. هذا أولاً ثم حصل اتصال بيني وبين السلطات الفرنسية، وكلف شخص من مكتب وزير الداخلية بالبقاء على اتصال معنا وقلت لهم ان الاحتجاجات تحوّلت ثورة شعبية. بعدها تلقيتُ معلومة بالغة الخطورة.
كنت تتابع من باريس؟
– نعم، وصلتني معلومة ان هناك رتلاً عسكرياً ضخماً يبلغ طوله نحو 60 كيلومتراً ومزوداً بأسلحة ثقيلة، دبابات وراجمات وقاذفات صواريخ، غادر طرابلس ووجهتُهُ الفعلية بنغازي فحذَّرت السلطات الفرنسية. جاء الرّتل من ناحية الصحراء ليفاجئ الثوار في بنغازي، وللأمانة أقول لو تمكن الرتل من الوصول لكانت الثورة في خبر كان. في هذا الوقت اتخذ عبدالرحمن شلقم مندوب ليبيا في الأمم المتحدة موقفه التاريخي المعروف وانشق عن النظام كما انشق ابني إيهاب الذي يعمل مستشاراً في السفارة الليبية في كندا رافضاً الإغراءات والتهديدات.
اين كانت بقية عائلتك؟
– كانت في طرابلس، ابنتي غادة سكرتير أول في السيشيل انشقت، وقلتُ لها خذي أمتعتك وأولادك وطائرة وغادري من دون إعلام أحد وإلا ستحصل لك مشاكل. وفعلاً جاءت الى الأردن وأعلنت انشقاقها، وانزعج القذافي واستدعى ابنتي ثريا التي كانت سكرتير أول في السفارة في السيشيل لكن في تلك الفترة كانت في مهمة في ليبيا، فحاصرتها الأحداث ولم تغادر ليبيا، واستدعى ابنتي أمال وابني محفوظ. أحضرهم أحد أذناب القذافي، وطلب منهم التبرؤ مني فرفض الثلاثة وقالوا له «هذا مستحيل ولا يمكن إذا أردتم إجراء مقابلة معنا لا مانع لكن ليس أكثر من ذلك، ولسنا في وارد التبرؤ من والدنا حتى لو تعرضنا للقتل والذبح، والدنا لديه وجهة نظر خاصة، هو حر ونحن لا نؤثر فيه». وضعوهم في الإذاعة وأجروا معهم مقابلة ثم عادوا إلى بيتهم وأنا تابعتُ نشاطي. ابني ايهاب كوَّن خلية داخل طرابلس وصرنا نمد عناصرها بأجهزة الاتصالات، أرسلنا لهم مبالغ بسيطة لشراء بعض المعدّات الأولية وأسلحة خفيفة، لكي يتمكّنوا من التحرك.
زوجتك كانت في طرابلس؟
– كانت في طرابلس. أرسلنا الى أعضاء الخلية مناظير ليلية وأجهزة اتصال من النوع الذي يصعب على الأجهزة الليبية التي لا تزال موالية للقذافي التنصت عليه. كنا نرسل هذه الأشياء من طريق تونس، وللأمانة وقفت تونس موقفاً جيداً حكومة وشعباً. كان هناك موقف رسمي واضح وكان هناك تعاطف شعبي واضح. عائلات فتحت بيوتها لليبيين وهناك اناس خرجوا من منازلهم وسلّموها لليبيين. كان بين افراد المجموعة التي شُكِّلت في طرابلس شاب متخصص بالكومبيوتر. نجح في اختراق نظام اتصالات أجهزة القذافي وحصل منها على معلومات. تمكَّن ايضاً من التعرُّف على المواقع العسكرية وانتشار الجنود والدبابات. كان الشاب يُرسل هذه المعلومات الى إيهاب الذي ينـقلـها إليّ وأتــولّـى أنا إرسـالها الى السـلطات الفرنسـية. حـصلنا على إحداثيات باب العزيزية وسلّمناها للفرنسيين فضربوا باب العزيزية. وهنا حصـلَتْ مصادفة. واحدة من بناتي تـكـلّم أخـتـها وتـقـول لـها هـنـاك الـليلة فـرح في العزيـزية حـيث كانت لا تزال تقام حـفلات. في تلك الليلة قُصفت منطقة باب العزيزية واعتبروا كلام ابنتي نوعاً من الإشارة إلى أن هجوماً سيحصل.
ابنتك لم تكن على علم بما يجري وإنما الأمر جاء صدفة؟
– نعم انها مجرد صدفة. أنا بيتي لم يكن بعيداً عن باب العزيزية، كان قرب قاعدة الشعب. تعرّض باب العزيزية لغارة شديدة من طائرات الناتو. ألقى رجال القذافي القبض على زوجتي وهي مريضة جداً وجرّها الحراس من شعرها على الأرض، وعاملوا إحدى بناتي بالطريقة نفسها وأوثقوا يديّ شقيقتها ووضعوا القيد الحديد في يديها، أخذوا ابنتي أمال وأطفالها وابني محفوظ وولديه الاثنين وزوجته ووضعوهم في السجن العسكري، أي المكان الذي سجنتُ أنا فيه عند عبدالحميد السايح. وصلني الخبر فاتصلتُ بعبدالرحمن شلقم. طلب مني التخفيف من مقابلاتي الإعلامية، عمل مذكرة فوراً موجهة الى الأمم المتحدة تشرح ما حصل وأن بين المسجونين أطفالاً ونساء واتصل بي وأخبرني ان محمد العلاكي اتصل به وهو كان ممسكاً بالمجلس التنفيذي لشؤون العدل، بعد الثورة، وكان في الدوحة وكان متعاطفاً معي وشكرني على موقفي، وطلب مني ان اتصل بسيدة اعتقد ان اسمها هناء مسؤولة عن حقوق الإنسان في مصر للأمم المتحدة. حاولتُ الاتصال بها ولم أفلح لكن اتصلَتْ هي بي بعدما اتصل بها السيد العلاكي. في تلك الفترة كانت بعثة الأمم المتحدة موجودة في ليبيا، لمتابعة بعض التجاوزات لحقوق الإنسان، وأبلغَتْها ان هناك شخصاً منشقاً اسمه نوري المسماري وأن عائلته في السجن وبين أفرادها أطفال ونساء، وحصل تدخل.
غادروا طرابلس؟
– هرّبناهم، استطعنا تهريب الأطفال من طريق تونس وأحضرتُهم الى عمان واستمرينا في الكفاح. واتصل بي عبدالرحمن شلقم وقال لي انه ذاهب الى روما حيث يعقد اجتماع يشارك فيه محمود جبريل ومحمود شمام طالباً مني ان أُشارك. قلت له انني لا أريد دوراً أو موقعاً وأن أي تعليمات تصدر عن عبدالرحمن شلقم سأنفذها وغير ذلك لا أعترف بأحد…
لم تذهب الى روما؟
– ذهبتُ واجتمعتُ مع عبدالرحمن شلقم في فندق «غراند اوتيل» وكان موجوداً حافظ قدور وشخص اسمه علي زيدان، هو معني بحقوق الإنسان في باريس وكان عندي في المراسم في زمن السبعينات، سلمنا على بعضنا بعضاً وحكينا. ثم قال لي عبدالرحمن ان عليّ ان أُتابع من باريس واقترح أن أنسِّق مع سفير ليبيا في عمّان الذي اعلن انشقاقه. كان شلقم يعرف علاقتي بالملك عبدالله الثاني وطلب مني ان اسأل لماذا لم يعترف الأردن حتى الآن بالمجلس الانتقالي؟ وأن أطلب أيضاً مساعدتنا في تدريب الجيش والشرطة والتعليم واستقبال الجرحى. وقلت حاضر، وبالصدفة عندما رجعت الى باريس اتصل بي مسؤول أردني من الديوان هو السيد عامر الفايز، وقلتُ له إنني سأحضر غداً وحزمتُ أمتعتي وغادرتُ باريس ووصلت الى عمان، واستقبلني السيد عامر الفايز وأوصلني الى البيت وقال انهم سيؤمنون لي الحراسة.
هل لديك منزل في عمان؟
– لا هذا منزل ابنتي، لأن زوجها كان سكرتيراً أول في السفارة، وخُصِّصت لي حراسة من الأمن الوقائي، وكانوا حريصين عليّ. أتتهم معلومات من طريق الاستخبارات ان أناساً يريدون رأسي. قابلتُ جلالة الملك وسأل عن أحوالي، وتمنّيت عليه الاعتراف بالمجلس الانتقالي فوافق وأكد انه سيتم الإعلان عن ذلك، وطلبتُ منه المساعدة في تدريب الجيش وليس التدخّل او إعطاء أسلحة، ووافق على مساعدة الجيش والشرطة والمساعدة في مجال الصحة ومعالجة الجرحى. وبادر الملك الى معالجة دفعة من 150 جريحاً على نفقته الخاصة. وأُصدرت تعليمات للمستشفيات بقبول الجرحى الليبيين على ان تتم تسوية مستحقات المستشفى بعد استقرار الوضع في ليبيا، وهذا ما تم بالكامل. وهناك الآن تدريب في الأردن في المجال العسكري والأمني.
ما هي الدول العربية التي لعبت دوراً في إسقاط القذافي؟
– كلمة أُوردها للأمانة. شعرتُ في كل اللقاءات مع ملك الأردن بأن همه الأول والأخير كان ان تتمكن ليبيا من الخروج من المرحلة الصعبة وأن تتغلّب على المشكلات التي تواجهها ولم ألمس وجود أي أجندة خاصة للأردن. أما بالنسبة الى السؤال فقد كان هناك دور لقطر.
ما الذي قدمته قطر؟
– قدمت السلاح وأرسلت بعض الجنود القطريين الى الميدان وأموالاً. لكن ما وصل إليّ من معلومات هو أن المساعدات كانت توجه الى جهات معينة، وحسب ما فهمت من مقابلة لعبدالرحمن شلقم ان هناك نوعاً من التدخل في الشؤون الداخلية لليبيا، وهذا الأمر لن يقبله الليبيون. الأميركيون لم يتدخلوا في الشؤون الداخلية وعلى رغم ما يقال عن النفط، فهناك مسألة واضحة، حين يكون لديك نفط وتريد ان تبيعه فأنت تبيعه لصديقك لا لعدوك.
هل تعني أنها ساعدت الإسلاميين؟
– هذا ما ورد إليّ. لكن كوني لم أعايش هذا الشيء لا أستطيع تأكيده.
الدولة الثانية؟
– دولة الإمارات العربية المتحدة.
أرسَلَت جنوداً؟
– نعم أرسلت. الأردن ساعد ايضاً في اشياء كثيرة، مواد غذائية، أرسل مستشفى ميدانياً بتعليمات من الملك عبدالله وهذا ساعد الجرحى كثيراً في بنغازي، واتُّخِذَ قرارٌ لإرسال مستشفى ثان في طرابلس بعد سقوط القذافي. للأمانة لا أريد ان يقال ان انتمائي أردني، لكن الأردن لم يطالب بأي تدخل في شؤون ليبيا الداخلية، لا من قريب ولا من بعيد.
وبقيت في الأردن إلى أن؟
– توالت الاحداث وأصبح هناك انشقاق، وحين قابلتُ الملك سألني ما الذي يحصل في هذا البلد العزيز علينا، حاوِلوا تصفية الأجواء، فوعدته. وحاولنا الاتصال بمسؤولين وجلالة الملك حاول الاتصال وقابل بعض المسؤولين لتهدئة الأمور وكان الأردن أول دولة عربية تعترف بالمجلس الانتقالي، طبعاً من دون ان ننسى أن الإمارات ساعدت في إسقاط القذافي.
قطر ايضاً اعترفت باكراً؟
– قطر كانت منخرطة في الموضوع من البداية والمجلس الانتقالي تكوَّن عندها، ولكن نحن نتكلم عن الاعترافات، أول دولة كانت الأردن. كان الوقوف مع الثورة والمجلس اعترافاً ضمنياً ولكن الإعلان الرسمي كان الأردن أول من قام به.
من كان الفريق الليبي الذي ساهم أكثر في إسقاط القذافي، الإسلاميون؟
– الثوار الحقيقيون هم الاحرار الذين لم يكن لديهم أي أجندة، لا غربية ولا شرقية ولا أجنبية ولا عربية ولا ميول دينية وهم الذين حرروها.
شاهدتَ القذافي يوم مقتله على التلفزيون؟
– نعم.
ما كان شعورك؟
– للأمانة كان يجب ألا يُقتل، كانت تجب محاكمته في المحكمة، كما حوكم صدام كي نسمع ما لديه ليقوله، لكن للأسف كان هناك غيظ وكراهية وهناك أناس تعذّبوا كثيراً وتألموا كثيراً من أعماله خصوصاً خلال احداث ثورة 17 فبراير. كان الناس لديهم دافع للانتقام، ما جعلهم يتصرفون التصرف الذي حصل، كان تصرفاً لا شعورياً، لم يكن شيئاً مرتباً وأعتقد أيضاً ان هناك أجندة خارجية كانت لا تريد ان يصل القذافي الى المحكمة، كي لا يتحدث عن الأسرار التي كانت لديه.
عمن؟
– كل من قابله وتحدَّث إليه، لا أستطيع أن أجزم ولكنْ هناك حكام ورؤساء.
في الغرب؟
– في الغرب والشرق.
مثلاً، هل كان من الممكن ان يقول شيئاً يحرج طوني بلير؟
– أي واحد لأن القذافي أعرفه، من نوعية عليَّ وعلى أعدائي يا رب، وهذا ما حصل، وقام به. وكان حتى آخر لحظة يقول: بعدي ليبيا ستشهد النار. هو من هذا النوع، وحين يصل الى حبل المشنقة سيقول عليَّ وعلى أعدائي يا رب، فكان من الضروري تصفيته قبل دخوله المحكمة.
هل كان يحب الإيرانيين؟
– كان متعاطفاً معهم، والدليل انني ذهبت في بداية ثورة الخميني والرائد عبدالسلام جلود وواجهتنا مشاكل في المطار. تدخُلون أو لا تدخُلون، ثم تدخّل «الحرس الثوري» والمشايخ، وآية الله منتظري، وكان «السافاك» لا يزال ناشطاً ودخلنا وقابلنا الإمام الخميني في قم، ثم رجعنا ورحنا في زيارة ثانية وكانت الأمور شبه مستقرة. لكن المتعاطف جداً مع الإيرانيين كان عبدالسلام جلود حتى أنه وضع شخصاً مقرباً منه وهو سعد مجبر وكان مندوب الوكالة وترقّى الى سفير في إيران، وأقام علاقات واسعة مع رجال الدين هناك.
القذافي أعطى ايران أسلحة قُصفت بها بغداد؟
– نعم تردد ان أسلحة ثقيلة وصواريخ خرجت من ليبيا الى إيران. ذكرتُ لك ان عبدالسلام جلود كان شديد الحماسة لهذه الثورة المناهضة للغرب، ثم أُضيفت الرغبة في تصفية الحسابات مع صدام رداً على تدخّله في تشاد لمصلحة المناوئين للقذافي.
لأن صدام كان يسلّحهم؟
– كان يسلّحهم وأرسل خبراء عسكريين الى حسن حبري لتدريب الجيش.
لم يذهب الى إيران؟
– بتاتاً، على رغم أن موضوع اختفاء الإمام الصدر لم يتسبب في قطيعة.
لماذا اذاً؟
– لا اعرف، ولم نتطرق الى هذا الموضوع، لكن لم يزر إيران، ربما كان يخاف.
هل أثار الإيرانيون معكم موضوع موسى الصدر؟
– كانوا يثيرونه لكنه لم يتحول الى عقبة تُسبّب قطيعة.
ماذا كان يجيب؟
– لا اعرف، لكن اعرف انهم كانوا يتكلمون احياناً عن موضوع موسى الصدر وكان يقول انه «مش فاضي إليهم، اتكلموا انتم معهم»، وهذا يعني انه كان ينكر الموضوع.
هذا ما كان يقوله القذافي؟
– حين تنتهي المقابلة كان يقول حكى هؤلاء عن موضوع موسى الصدر، «شو عرفني شو في عن موسى الصدر، قابلوهم انتم واحكوا معهم».
هل استقبل وفوداً ايرانية؟
– طبعاً، طبعاً.
مثل من؟
– رجال دين بينهم خلخالي وقابل احمدي نجاد في غامبيا.
كان مهتماً كثيراً بمسألة تشاد؟
– كان يريد أوزو، لأنها تحتوي على يورانيوم.
هل وضع برنامجاً نووياً؟
– كان اللواء احمد محمود ممّن يسمّون عنده الضباط الأحرار، كان مكلفاً بموضوع النووي، ثم كلَّف به محمد المعتوق، كان مسؤولاً عن الموضوع ثم عُيِّن وزير المرافق.
ماذا اشتروا؟ هل اشتروا خبرات نووية من العالِم الباكستاني عبدالقدير خان؟
– حصلوا على حاجات من الهند وباكستان، لكن من هو الشخص، لا أستطيع أن أجزم.
هل حصلوا على أشياء من كوريا الشمالية؟
– كان الكوريون يأتون كثيراً.
هل كانت هناك اسلحة بيولوجية؟ وماذا عن منطقة الترهونة؟
– موجودة ومعروفة، موجودة في الترهونة.
مصنع الرابطة؟
– مصنع الرابطة، هو المصنع الاستراتيجي، وكان فعلاً ينتج «اسبيرين» من فوق وأسلحة محظورة من تحت، وكان «الأسبيرين» للتعمية. طبعاً كانوا يحلمون بإنتاج قنبلة ذرية.
من اين العلماء؟
– والله لا أكذب عليك، هذا الموضوع لا علاقة لي به، ولا أحب أي كلام يقال، يقولون ان هناك حتى ألماناً.
في المصنع الكيميائي؟
– نعم.
من قتل ابنك؟
– ابني العقيد فيصل كان تخصصه «استطلاع كيماوي»، نُقل من الاستطلاع الكيماوي الى البحرية وهذا التخصص يمكِّنُهُ من اكتشاف أي إشعاع بري أو كيماوي.
أين تخَصَّص؟
– في الكلية في ليبيا.
أين قُتِل وأي سنة؟
– في 2006 كنا في رمضان. قُتل في منزله وبعد أخذه الى المستشفى وذهابي إليه. بعد عودتي إلى مسرح الجريمة وجدتُ المكان مغسولاً ونظيفاً، قلت لهم كيف تنظفون والمباحث والنيابة لم تنتهِ من تحقيقاتها، فقالوا لي أتتنا أوامر بأنه لم يعد لدينا عمل هنا نظِّفوا المكان. أصبحت أشك في هذا الموضوع، لم نر الرصاص، هو لم ينتحر لأن طريقة القتل كانت واضحة أنه قُتل، حتى في البداية كان معمر القذافي متعاطفاً معي وقال لي لا يمكن ان ينتحر شخص برصاصتين. حتى مسدسه كان نظيفاً ولم يخرج منه رصاص ولا عليه دم، علماً أنه كانت هناك بحيرة دم فعلاً. كانت قصة غريبة فأنا لم اكن مقتنعاً واشتكيت ورفعتُ مذكّرة الى معمر القذافي وشكّلوا لجنة برئاسة محمد الخضار رئيس الادعاء العسكري وموسى كوسا وعبدالله منصور للتحقيق في هذا الموضوع، وأنا كنتُ مصراً على أن أعرف النتيجة. موسى كوسا والخضار لم يذهبا الى التحقيق نهائياً، الذي ذهب هو عبدالله منصور. كان المطلوب أن يكون عبدالله منصور هو الوحيد الذي يحقق حتى لا نصل الى نتيجة. وبالفعل لم يصل الى نتيجة. محمد الخضار صديقي ودرسنا معاً، وكنّا ابنَي الحارة نفسها. قال لي يا نوري اترك الموضوع أحسن. في المدة الأخيرة في أحداث 17 فبراير (شباط) كلّمني شاب وقال لي: يا عمو نوري عقيد الشرطة الذي كان يحقق في هذا الموضوع طُلب منه تمزيق كل الأوراق وعدم التمادي في التحقيق، وأن ابنك قُتل بناء على تعليمات المعتصم.
هل كانت هناك خلافات؟
– كانت علاقتي بالمعتصم جيدة جداً، لكن حصل شيء ما بين فيصل والمعتصم. كان فيصل عصبياً، لستُ فاهماً ما طبيعة العلاقة بينهما، وكنا حين نذهب ونأتي كان يطلب مني القذافي ان يبقى العقيد فيصل معه. السرّ كله عند عقيد الشرطة الذي لم أجده.
انت من أي منطقة في ليبيا؟
– انا من قبيلة المسامير من الجبل الأخضر.
كم ولداً لديك؟
– لدي ثلاثة أولاد، واحد توفي، وثماني بنات.
زوجتك معك هنا؟
– لا في ليبيا.
كتب أنك تملك سيارات فخمة واستفدت كثيراً من القذافي؟
– أولاً انا من عائلة غنية أهدتني والدتي بناية. وحين أتى القذافي أمّم كل الأملاك وأنا رفعتُ قضية لأستردّها وماطلوا كثيراً وكانوا يقولون لي ان القضاء لم يبتّ بعد القضية وأنا أنتظر. وأنا منذ عام 1967 أملك أفخر السيارات.
ما هي احسن سيارة برأيك؟
– السيارة التي اشتريتها في 1967 هي فورد موستانغ وما زالت حية ومجددة وهي معي في عمان؟
هل تحب الفيراري؟
– أجل وأحب كل السيارات الفخمة. أنا لم استفد من القذافي والذي فعلته لا أُخفيه، والذي أشتهيه أشتريه. ويوم يجدون أنني أخذت مليماً من القذافي أو من الدولة الليبية يحاسبونني على ذلك.
ثروتك من أهلك ومن التجارة؟
– نعم، استقلتُ 15 سنة وعملتُ في التجارة، وحين عدتُ الى المراسم اشتريت أول سيارة جاغوار عام 1990.
تحب السيارات؟
– نعم.
تتكلم لغات عدة ؟
– فرنسي، انكليزي، ايطالي وإسباني.
ما هي هوايتك؟
– أحب الاطلاع والقراءة. اقرأ القصص والروايات، وكنت ألعب كرة السلة.
ماذا تفعل الآن؟
– أفكّر في التجارة وبدأتُ مشروعاً تجارياً. أما الدولة والعمل الرسمي فأنا منسحب منهما.
المصدر: الحياة