المسماري: عرض القذافي على صدام اللجوء وتابع محاكمته كمن يتابع مصيره احتقر بلير ولم يعتبر مبارك نداً له وعلاقته مع عرفات وعباس بلا ودّ
أفسدت الشاشات هناءة المستبد. تنقل له ما حل بنظيره وصوره وتماثيله، كأنها تخبره عما سيكون. شاهد القذافي الآلة العسكرية الأميركية تقتلع نظام صدام حسين. كان يكرهه من الوريد الى الوريد، لكن المشهد كان أبعد من ذلك وأخطر. رآه لاحقاً يُقتاد الى المحاكمة ورآه يُعدَم. يكشف نوري المسماري أمين جهاز المراسم العامة الليبية ان معمر القذافي عرض على صدام اللجوء في ليبيا لتجنيب بلاده الحرب، وتابع لاحقاً فصول محاكمته كمن يتابع مصيره.
يروي المسماري ان صعود سيف الإسلام اصطدم برغبة والده في الاستمرار في الإمساك بكل الخيوط، كما اصطدم بمعارضة أشقائه على رغم تدخل والدتهم السيدة صفية.
يكشف المسماري ايضاً ان عمر المحيشي عضو مجلس قيادة الثورة حاول في كمبالا الدخول لقتل القذافي وهو نائم، لكن الحارس شهر سلاحه ومنعه. وينقل عن حراس ان القذافي وبعدما نجح في احضار المحيشي من المغرب، قال له أتينا بك تحت أرجلنا وأطلق النار عليه وأرداه.
ويقول المسماري ان القذافي لم يعتبر الرئيس حسني مبارك نداً له ولم يكنّ ودّاً للرئيس ياسر عرفات وأنه كان يصر على ان يكون كرسيه اعلى من كرسي زائره. وهنا نص الحلقة الثانية:
يقال ان القذافي خاف حين رأى صورة صدام حسين يُعدم؟
– هذا طبيعي، فقد يكون استنتج ان الديكتاتور لا يستطيع ان يحمي نفسه إلى ما لا نهاية، مهما كان عدد جيشه ومهما أحاط نفسه بآلة قمع لا ترحم. ليس بسيطاً على ديكتاتور أن يرى نظيره يُقتاد الى محكمة ثم يُعدم بعد إزالة صوره وتماثيله. قد يكون شعر بأن الحصانة الدائمة مجرد كذبة خصوصاً بعد الارتكابات الهائلة في حق المعارضين والمواطنين. كان القذافي يعرف بالتأكيد ما فعله على مدار عقود داخل ليبيا وخارجها.
كان يكره صدام؟
– كان يكرهه في شكل غريب. كان يشتمه وينعته بالغبي، ويقول عنه انه إنسان تافه متهور. ربما يرجع ذلك الى ان صدام ايضاً كان صاحب سلوك يوحي بالاستعلاء. ثم ان صدام لم يكن في وارد الاعتراف للقذافي بدور وزعامة. دعم القذافي أخصام صدام في العراق، فردّ صدام بدعم خصوم القذافي في تشاد. كانت العداوة بين الرجلين شديدة. قبل الغزو الاميركي للعراق في 2003 استقبل القذافي مبعوثاً أوفده صدام. قال للمبعوث انه لا يرى ان الأمور ستمر على خير. أعرب عن استعداده لاستضافة صدام في ليبيا، اذا كان ذلك يجنّب العراق ويلات الحرب، وقال إن صدام يستطيع اختيار مكان آخر اذا كان غير راغب في المجيء الى ليبيا. طبعاً لم يكن صدام في وارد المغادرة ولا يتخيل المرء ان يأتي ويقيم في ليبيا التي ساندت معارضيه وقدمت أسلحة الى إيران خلال حربها مع العراق. المبعوث العراقي أكد ان الاستعدادات لجبه العدوان عالية ومثلها المعنويات، لكن القذافي لم يكن مقتنعاً.
في خطابه في القمة العربية في دمشق، توقع القذافي لبعض المشاركين مصيراً مشابهاً لصدام؟
– نعم قال لهم ذلك «سيأتي الدور عليكم وستتم محاكمتكم». الحقيقة انه كان خائفاً على نفسه. رأى ما فعله الأميركيون في أفغانستان والعراق فأدرك ان باستطاعة اميركا ان تقتلع نظاماً معادياً لها من جذوره.
ما الذي كان يقوله عن الرئيس حسني مبارك؟
– لم يعتبره يوماً نداً له، على رغم حجم مصر، كأنه كان يعتقد بأن مصر تحتاجه شخصياً. سمعته يردد ذات يوم: حين كنت أذهب الى مصر للقاء سيدهم جمال عبدالناصر، كان السادات ومبارك يؤديان لي التحية.
هل كان يساعد مبارك مادياً؟
– نعم.
ومَنْ ايضاً كان يساعد مِن الرؤساء العرب؟
– اعتقد تونس ومصر، ولا معلومات لديّ عن آخرين.
كيف كان يعامل ياسر عرفات؟
– كان يعامله كشخص عادي ويعتبره ضعيفاً. ربما كان يكره هالة عرفات كحامل قضية، او حرصه على إبقاء خطوطه مفتوحة مع جميع الزعماء العرب. وحصلت في فترة معينة برودة بينهما ودعم القذافي تنظيمات كانت تعادي عرفات وسياسته. قصة صبري البنا (ابو نضال) معروفة وكذلك قصة الانشقاق في حركة «فتح». كان (القذافي) يحرص دائماً في الوقوف او الجلوس على ان تكون له الأرجحية. يريد ان يكون مكانه مرموقاً اكثر من عرفات، وتكرر الأمر، خصوصاً مع الرئيس محمود عباس. كان التشدد في الموضوع الفلسطيني والمزايدة على عرفات جزءاً من أسلوب اعتمده القذافي كما اعتمده زعماء آخرون. كان الغرض من هذه المواقف التوظيف الداخلي وتلميع الصورة.
كان يكره عباس؟
– نعم وكان يعتبره ضعيفاً، ويتهمه بالتفريط بفلسطين وحقوق الفلسطينيين.
مَن كان يحب مِن الفلسطينيين؟
– احمد جبريل (الأمين العام للجبهة الشعبية- القيادة العامة) كان صديقه وكذلك مساعده طلال ناجي.
وكان يستقبل أحياناً سياسيين لبنانيين…
– نعم استقبل وليد جنبلاط وجورج حاوي وأسماء أخرى. زاره رئيس الجمهورية السابق امين الجميل وأعدّ له استقبالاً جيداً وكان النقاش محترماً. كان الجميّل رئيساً سابقاً وكنت أنا ملازماً له خلال زيارته. لفتنا ان القذافي عامله باحترام. للأمانة، امين الجميل تصرّف باحترام لموقعه كرئيس سابق وزعيم سياسي.
هل صحيح ان القذافي كان يخفض باب الخيمة لينحني الرئيس الداخل؟
– لا ليس صحيحاً. لكنه كان يحب التعالي عليهم ودائماً كان يريد كرسيه أعلى من كرسي ضيفه.
كيف كانت علاقته بطوني بلير؟
– في البداية كانت سيئة. استقبله في الواقع برسالة تحقير. وضع رجلاً على رجل بحيث صار حذاؤه مقابل وجه الزائر، وكان يعرف بوجود الكاميرات ويقصد ذلك. لاحقاً تحولت العلاقة بين الرجلين صداقة حميمة وبتشجيع من سيف الإسلام.
هل سمعتَ منه ان سيف الإسلام سيكون وريثه؟
– كان سيف الإسلام مجهّزاً لهذا، لكن شقيقه المعتصم بالله لم يكن راضياً وألّف «لوبي» هو وإخوته، ضم تحت جناحه الساعدي وهنيبعل وخميس حتى وصل الأمر الى مرحلة ان والدتهم صفية اجتمعت بهم وقالت لهم: أريد ان تكونوا وراء أخيكم سيف الإسلام لأنه الأخ الأكبر، فوقف الساعدي محتجاً وقال لها هذا بالنسبة لك وله.
هل سمعتَ من القذافي شيئاً يخص التوريث؟
– كلا لم اسمع، لكنه كان يجهز سيف الإسلام من دون ان يفرّط بسيطرته المطلقة على كل شيء. سيف الإسلام تسرّع في بعض الأحيان أو حاول تسريع الأمور، وكان القذافي يعيده الى جادة الصواب، بما معناه: ما دمتُ حياً فأنا الوحيد. في موضوع السلطة لا يتساهل القذافي، لا يعرف أولاده ولا يعرف أحداً.
هل تعتبره عاشق سلطة؟
– عاشق سلطة وعاشق نفسه، ولا يرحم في هذا المجال. حاول سيف الإسلام توسيع سيطرته فسحب البساط من تحته.
كيف كانت علاقته بزوجته وهو تزوج مرتين؟
– المرة الأولى بنت نوري خالد حاكم دار بوليس سبها وكان الزواج متسرّعاً ولأن أخاها خالد كان عضواً من الضباط الأحرار ولاحقاً تزوّج صفية، وهي كانت ممرّضة تعرّف إليها حين أجرى جراحة للزائدة في المنطقة الشرقية، وهي كانت مهتمة به فتزوجها وطلّق فتحية.
هل كانت علاقته مع صفية جيدة؟
– كان القذافي رجلاً بلا حدود او ضوابط. كان يفعل ما يحلو له. رجل متسلط ومبالغ ويعتبر ان ليس من حق احد ان يسأله او يراجعه. يفعل ما يريد وكانت هناك مشاكل كبيرة بينهما خصوصاً في المدة الأخيرة عندما كان هناك كلام عن علاقته بالنساء، أولاده كانوا مقتنعين بها. أتذكر مرة كنا في زيارة لدولة أوروبية شرقية وكان نجله المعتصم وكنا نريد ان نلغي شيئاً ينوي ان يفعله فقال المعتصم «اتركوه، دعوه يعيش حياته»، فأولاده اصبحوا مقتنعين بأنه مصرّ على العيش وفق أسلوبه.
هل شعرت مرة بأنه على خلاف مع صفية؟
– كثيراً، دائماً تحصل خلافات وكان يجلس كثيراً في البيت الذي دمره «الأطلسي» في باب العزيزية واعتقلوا بعد تدميره زوجتي وأبنائي وأحفادي. هذا بيت تحت الأرض، توجد فيه الخدمات والغلمان والوساخة. لديه هناك حجرات نوم ورياضة وحلاق ومطبخ. بيت كامل تحت الأرض ودهاليز تفضي الى الخارج. أحياناً كان يجلس هناك لشهر أو شهرين، ونحن نعرف انه حين يلازم ذلك المكان ينهمك بحياته الصاخبة والمخجلة.
هل كانت لديه أي مشاكل صحية؟
– كانت لديه صعوبة في التنفس.
هل أجرى جراحات تجميلية؟
– أجل، في الأصل شعره خفيف جداً. تردد انه استعان بطبيب برازيلي لهذا الغرض. كان يتذرع بأنه غاضب ومعتكف، ويستنكف عن استقبال الناس للاهتمام بأموره وقصصه. كان يكره ان تتكاثر التجاعيد في وجهه، ويأخذ حقن «بوتوكس» دائماً.
هل هو شجاع شخصياً؟
– جبان، لكنه يدعي الشجاعة. كنا حين نذهب الى مؤتمرات يطلب منا قبل كل شيء اكتشاف المخارج الاضافية، ويقول ضعوا عليها حراساً ويجب ان تكون معكم مصابيح واذا انطفأ النور تضيئون مصابيحكم والذين يجلسون بجانب البوابات يرسلون إشارات لنعرف ان هناك بوابة للخروج منها. إنه جبان. أنا حين قلت إنه لن يترك ليبيا قلت ذلك لأنني اعرفه عنيداً ومتشبثاً ولا يمكن ان يستسلم. لا يستطيع تخيل الحياة خارج السلطة، وهذا ليس نتيجة شجاعة. كان يأخذ حبوباً معينة تعطيه معنويات وشعوراً بالشجاعة والقوة.
من جاءه بهذه الحبوب؟
– أعتقد عبدالله السنوسي. كان يأخذها دائماً وأثناء الحرب كانوا يعطونها للجيش، هي ليست حبوب هلوسة، انها ترفع المعنويات.
هل كان يأخذها حين كنت معه؟
– نعم.
ماذا يفعل حين يغضب؟
– حين يغضب لا يمكن أحداً ان يقابله بأي شكل، بانتظار ان يرتاح وكي يرتاح لا بد من ان يصطدم بأحد ليفرّغ شحنة غضبه.
هل يكسر شيئاً اذا غضب؟
– لا، ليست لديه هذه العادة، يحب أن يهين أحداً فيرتاح. حتى أمام الرؤساء كان يرمي ملفات على الأرض ليلتقطها مساعدوه.
هل حصلت معك؟
– لا، حصلت مع المسكين بشير صالح رئيس ديوانه.
هل اصطدمت معه؟
– نعم كثيراً، ومرات كان يلكمني.
وحين يغضب منك؟
– يرسلني الى السجن.
هل مد يده عليك؟
– لا هذه يفعلها مع الجميع ليثبت انه شعبي… يقول اذهب هناك اذهب. اتذكر مرة في السبعينات كان على خلاف مع ياسر عرفات، كان لدينا احتفال في ذكرى جلاء الأميركيين في 11 حزيران (يونيو) في قاعدة معيتيقة. كان معنا الرئيس عرفات. حين وصلتُ وجدت طائرات «ميراج» وبجانبها جمل بأمر منه (القذافي)، كان هناك عزوف من الطلاب عن دخول الكليات العسكرية، كانوا يريدون كليات مدنية. شعرت بأن الجو غير طبيعي، وكان معي ضابط اسمه سعد مسعود آمر الحرس الخاص. قلت له: يا سعد اذهب استقبل الرئيس، فقال لي: لا، اذهب انت. كان القذافي مرتدياً ثياب طياري الهليكوبتر ولونها أحمر، وحين تقدمت منه لكمني وقال اذهب هناك. ولاحقاً حين تقدم طلاب المدارس من المنصة امام ياسر عرفات وطيّروا حماماً ابيض، جنّ جنون القذافي، والتفت الى آمر القوات الجوية صالح الفرجاني وقال له لديك شهر سجن. لماذا تطلقون حمام سلام؟ وقعت حمامة بين رجليه فأمسكها بقسوة كمن يحاول قتلها وقال خذوها واربطوها. وحين ألقى خطابه قال: هذه طائراتكم مرمية والجِمال بجانبها… خذوا الجِمال واتركوا الطائرات ليأخذها أسيادكم. كان منزعجاً من عزوف الطلاب عن الكليات.
هل كان يكره الاسلاميين؟
– كثيراً، كان يكرههم ويشتمهم.
وكان يكره اسامة بن لادن…
– نعم وفي 1984 اتهموا بن لادن بأنه ارسل مجموعة من أفغانستان الى باب العزيزية لقتل القذافي.
ما هي محاولات الاغتيال التي تعرض لها؟
– هذه واحدة منها، وقتها حمّلها للمعارضة الاسلامية وبن لادن. دخل المنفذون في سيارات جمع القمامة الى بيته ولم يكن موجوداً. أعدم بسبب هذه المحاولة جميع أفراد الحرس الخاص. دخل المنفّذون وخرجوا ولم ينتبه إليهم أحد، وهو اعتبر ان ثمة تواطؤاً من الحرس، فأعدم جميع أفراده. لجأ المنفذون بعد الهجوم الى بناء، فقصفه الحرس الجمهوري بالدبابات بقيادة خليفة حنيش.
اين تعرّضَ ايضاً لمحاولة اغتيال؟
– تعرض لمحاولة انقلاب بقيادة ادريس الشهيبي الذي قتل في غارة جوية استهدفته أثناء محاولته الهروب الى مصر. وهناك انقلاب عمر المحيشي عضو مجلس قيادة الثورة والذي اختلف مع القذافي وراح ينسق مع عسكريين بهدف إطاحته. كانوا يخططون للانقلاب وكانت لدى القذافي معلومات أو شبهات فأخذهم جميعاً معه على متن الطائرة الى اوغندا ايام عيدي أمين، لحضور مؤتمر القمة في كمبالا في السبعينات. وأثناء اجتماعهم في منزل القائم بالأعمال محمود الباهي، كان القذافي يريد ان يذهب اليهم ليلاً لكن الحرس رفض. في الليلة ذاتها كان عمر المحيشي يريد الدخول على القذافي وهو نائم، والذي ظهر انه كان يريد قتله، وكان هناك ضابط صف ايامها، هو الآن عقيد اسمه مسعود الزغراد منعه من الدخول، قال له المحيشي أنا عضو مجلس قيادة الثورة وأريد الدخول فرفض وشهر سلاحه فتراجع المحيشي. وحين عادوا معه إلى ليبيا حصلت عملية الاعتقالات. هرب المحيشي ولاحقاً أتى به من المغرب في إطار صفقة، وقال له «أتينا بك تحت أرجلنا»، وقتله بنفسه بإطلاق النار عليه، كما روى لي الحراس بشيء من التباهي.
وهناك محاولة أخرى هي من أحد اقارب القذافي، وهو ضابط في الحرس وحين رأينا الفيديو اكتشفنا كم كان قتله شنيعاً. علّق القذافي جثث أقارب له قرب باب العزيزية.
تعني أنه كان يخاف؟
– اجل كان يخاف كثيراً. الأنفاق لا يمكن ان يدخلها والمصاعد كذلك وكان يُكثِر من الهبوط والإقلاع في المطارات حين نسافر لتفادي المسافات الطويلة، وكنت أتعب جداً.
كيف ذهب اذاً الى نيويورك؟
– كدتُ أصاب بالجنون على رغم خبرتي في الطيران. اضطررنا للتوقف في محطات، والقيام بعمليات التفاف لأنه لا يريد ان يمضي ساعات طويلة مسافراً فوق المحيط.
ما هي المثابة؟
– هناك مثابة ثورية ومثابة عالمية. المثابة العالمية كان يرأسها موسى كوسا وكان فيها اعضاء من مجموعة 7 ابريل (نيسان) التي شنقت الطلاب في الجامعات، وكان الوجه الأبرز عبدالسلام جلود رئيس اللجان الثورية.
ماذا عن حادثة 7 ابريل؟
– هذه تصفية للمعارضين للقذافي في الجامعات، شُنقوا من دون توقف.
من أخذ القرار؟
– القذافي، وجلود كان يشرف على التصفية.
كيف كانت العلاقة بينهما؟
– في البداية كانت ممتازة، ولاحقاً اصبح القذافي ينفرد بالسلطة، وجلود قال له مع السلامة، وجلس في بيته. حاول القذافي في الأحداث الأخيرة ان يأتي بجلود ليُشرف على العمليات العسكرية لكنه رفض.
هل جلود متورط بأحداث دموية؟
– متورط في 7 ابريل وكان آنذاك رئيساً لمكتب اللجان الثورية ولاحقاً اداروا المثابة العالمية وكانت تهتم بالخارج… انقلابات ومعسكرات.
اين عملت هذه المثابة؟
– في غرينادا وأنحاء عدة في اميركا اللاتينية وكوبا ونيكاراغوا، وكان دانيال اورتيغا تلميذاً في المثابة ولاحقاً عمِلَت في اوغندا وكان يوري موسيفيني خريج المثابة وكابيلا الأب كان من أعضائها.
هذا يعني ان موسى كوسا كان صانع انقلابات وثورات في العالم؟
– نعم، لقد امسك الامن الخارجي لمدة 12 سنة.
وهل كان القذافي يحب موسى؟
– نعم، كان موسى ذكياً.
ماذا عن ابراهيم البشاري؟
– ابراهيم البشاري الله يرحمه كان رئيس جهاز الأمن الخارجي، وكان هناك عداء بينه وبين موسى، وازدواجية بين المثابة والجهاز، لكنه كان جيداً.
ماذا عن عبدالله السنوسي؟
– أمامك طيب، محترم، جيد، كريم، لكنه دموي وينفذ إرادة سيده، ويزايد ويبالغ.
ما أخطر شيء فعله السنوسي؟ هل له علاقة بمجزرة سجن بو سليم التي أودت بأكثر من 1200 سجين؟
– طبعاً ونفذها بأمر من القذافي.
من كان يتخذ قرار الاغتيالات؟
– ليس هناك اغتيال لشخصية معروفة ومهمة إلا بأمر من القذافي، وأبصم على ذلك. مرةً قال لي موسى كوسا: أريدك فقلت له ماذا تريد؟ والله لم أتخاصم مع الرجل ولا اصطدمت به. وكان في كل مرة يقول لي هات الحقيبة وفيها ملابس ومعجون الأسنان فأعرف ان قراراً صدر بسجني. قال لي: لا لا، أنا أريدك في طريق الشط. قلت انت تخطط لمؤامرة، فضحِك وأصر على ذهابي. رئيس المخابرات الليبية يطلبني في طريق الشط وفي الليل نحو الساعة العاشرة هل يريد القذافي اغتيالي وموسى كوسا معروف. ذهبتُ الى طريق الشط بجانب الإذاعة الليبية فرأيته ومعه حقيبة فقلت له افتحها وإن شاء الله تنفجر ولكن بنا نحن الاثنين، وحين فتحها كان في داخلها أشرطة وتقارير، قلتُ له ما علاقتي بهذا، قال: «الجو مع المعلم زفت وأنا مختلف معه وهو غاضب عليّ ولا يريد رؤيتي»، فقلت له: اشرح لي عنها. قال: «هذه سلمني إياها وزير داخلية عربي وتتعلق باتصالات غرامية للرجل» (القذافي). أخذتُ الحقيبة وذهبتُ الى المهتمَّة بهذه الأمور وذهبتُ الى القذافي. قلت له أعطاني موسى حقيبة فيها كذا وكذا فقال هذا حمار وكذاب. وقال لي «أنا مشغول، إسمع الأشرطة أنت ومبروكة الشريف». كانت الرسائل والأشرطة تتعلق باتصالات يجريها القذافي مع فتيات في دول أخرى يكذبن عليه في ما يتعلق بهويتهن وموقعهن العائلي والاجتماعي.
في اي سنة ولدت؟
– 1948.
وأين درست؟
– في ليبيا وفي ايطاليا، درستُ الموارد البشرية، في ايطاليا درستُ ثلاث سنوات علوم سياسية ولاحقاً التحقتُ بدورات في عمليات الطيران. توليتُ منصب آمر المطار بعد الفاتح من سبتمبر 1969 ولاحقاً نقلت الى الخارجية في السلك الديبلوماسي، وكنت رئيس التشريفات بما يعني مساعد مدير المراسم، وبعد وفاته استلمت (منصب) مدير المراسم، ولديّ ماجستير إدارة. اشتغلتُ من 1977 حتى 1982 ومنها الى 1997 أعمالاً حرة، ثم عدت الى العمل مع القذافي في 1997 حتى مغادرتي التي سبقت اندلاع الثورة التي اطاحته.
(اضغط لقراءة الحلقة الثالثة كاملة)
المصدر: الحياة