مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
أفكر دائماً في هؤلاء الذين يطلون علينا من صفحاتهم وحساباتهم في السوشال ميديا: المشاهير والمؤثرون والساعون خلف المزيد من المتابعين على حساب المحتوى والمصداقية، وهذه الأيام، دعاة قاطعوا تركيا العنصرية، وهيا إلى أوروبا المتسامحة.. هؤلاء لديهم فكرة خاطئة بدرجة ما عن الناس الذين يتابعونهم بحرص ويتلقون رسائلهم وأخبارهم صباح مساء!
لنقل أن الفكرة العامة عن نوعية الجماهير والمتلقين التي في أذهان البعض حتى لا نعمم الأمر على الجميع، هذا البعض من الذين تقوم أو قامت شهرتهم على إعلانات المطاعم والمقاهي وبث حكايات و(سوالف) بلا هدف ولا قيمة.. صورتنا عند هؤلاء ليست دقيقة تماماً وليست حقيقية أو مبنية على حقائق وأدلة، وإنما صورة تخيلوها بحسب ما يلبي مصالحهم أو يريحهم أو يروق لهم، فهم يعتقدون أن هذا المجموع من الناس يصدقون كل ما يقدمونه ويقتنعون به، ويتابعونهم بشغف بسبب محتواهم (العظيم) كما يعتقدون!
في الحقيقة وكما يقول غوستاف لوبون في كتابه ذائع الصيت (سيكولوجية الجماهير) ليسوا أغبياء وليسوا فارغي المضمون، صحيح أنهم يتأثرون بقناعات وعواطف الجموع وأن الأفكار تنتقل بينهم بالتأثير و.. لكنهم على درجة كبيرة من الفهم والإحاطة بما يجري حولهم، لذلك فإن الاعتقاد بأن أي إعلان أو حكاية مفبركة يمكنها أن تلقى التصديق مباشرة أمر يحتاج لإعادة تفكير كما أنه لا يمكن أخذه بالمطلق، فالناس لا تزال تفكر وتدير بين مجموعاتها حوارات إقناع واقتناع وقد تصدق وفي معظم الأحيان لا تصدق، لكنهم لا يعلقون ولا يصرحون لأسباب معلومة.
يحتاج صناع المحتوى والمشاهير لأن يعرفوا سيكولوجية متابعيهم وجماهيرهم، فهؤلاء ليسوا مجرد أرقام يكسبها المشاهير وإنما مجموعات من البشر لديهم قناعات وأفكار ومرئيات وهم كما يتأثرون فإنهم يؤثرون كذلك، وهم من يمنحون هؤلاء المشاهير وزنهم وقيمتهم، هذه الجماهير التي يستعين بها البعض ويظنون أن أي حكاية مفبركة أو معلومة مغلوطة قد تنطلي عليهم أو يمكن أن يمرروها بنفس راضية، هذه الجماهير قد تحسم أشياء كثيرة، وعلى المشاهير احترام ذلك.
المصدر: البيان