كاتب وإعلامي سعودي، وُلد في دولة الكويت في 19 أكتوبر 1975. حصل على بكالوريوس علم نفس تربوي من كلية التربية في جامعة الكويت عام 1997، ثم دبلوم إعلام من جامعة الملك سعود في الرياض عام 1999. عمل في جريدة الوطن السعودية في الفترة من 2002 إلى 2004، وإذاعة وتلفزيون المملكة العربية السعودية ما بين عامي 2000 و2004. يعمل حالياً كمذيع ومقدم برامج سياسية في قناة الجزيرة القطرية.
في تقديري أن التصريحات المتعلقة برغبة بعض دول مجلس التعاون في ضم الأردن والمغرب هي الأغرب في تاريخ هذه المنظومة السياسية، بل الأغرب في تاريخ المنظومات الوحدوية في التاريخ الحديث، لا من حيث جدية الدعوة وحسب، بل جدواها وتوقيتها وشذوذها الذي دفع الشباب في الخليج والأردن والمغرب للسخرية منها بشكل لاذع وغير مسبوق. ستكون الدعوة علامة بارزة في تاريخ هذه المنظومة، وسيظل أبناء هذه المنطقة يتذكرونها طويلا كواحدة من الملامح والسمات الرئيسية لطريقة تفكير القائمين على مجلس التعاون وحساسيتهم!
كان واضحا جدا أن الحاجة لضم البلدين وتقريبهما بأي شكل من الأشكال هي حاجة «سلطوية» وأمنية بحتة، لا يوجد أي مبرر يجعلك تقفز سبعة آلاف كيلومتر وتنتقي المغرب ليكون شريكا لك في مجلس التعاون الخليجي، لا يوجد ما يمكّن من إقناع الجمهور بتجاوزك لليمن والعراق سوى الحاجة لأنظمة مماثلة والادعاء بأن الملكيات هي الأبقى والأعصى على التغيير، وقد فشل هذا فشلا ذريعا ومضحكا بالوقت نفسه، فالمغرب الذي تفاجأ بهذه الدعوة عبر عن شكره وتقديره واعتذاره الضمني عن عدم قبولها، لأنه أدرك ودون لبس التبعات السلبية لقبولها في هذا التوقيت، وشكّل الاعتذار المهذب صدمة لكل من سوّلت له نفسه أنّ عروض الأغنياء لا ترد ولا ترفض، الدول التي تسعى للاستقرار الحقيقي والنهضة الحقيقية ترفض عرضا كهذا، فهي تدرك أن الشعوب التي لم يكن يعول عليها أحد قد تغيرت، لم تعد السكينة والقبول بأي شيء والخوف سمة شعبية عربية، شاهدنا في الأشهر الستة الماضية فعل هذه الشعوب وقدراتها المذهلة، وسنشاهد في السنوات القادمة فعل الرفض الشعبي العربي وتأثيراته غير المحدودة، الرغبة في التغيير والإصلاح والتطوير ستكون العنوان الرئيسي في المرحلة القادمة، ولن يقف في طريقها شيء.
وبما أن المغرب رفض الدعوة الخليجية، فإنه اتجه في المسارات الصحيحة، وأعلن ملك المغرب محمد السادس عن ميثاق دستوري ديمقراطي جديد، يكون المسؤولون تحته عرضة للمحاسبة ويمنح للحكومة سلطات أوسع، إضافة لتولي الحزب الذي يحظى بالغالبية النيابية في البرلمان حق تشكيل الحكومة، وهذه خطوات رغم الشكوك والتحفظات الكبيرة عليها تعد خطوة في طريق الملكية الدستورية، العنوان الذي يؤدي لفصل السلطات ويمنح الشعوب حقها في إدارة شؤونها، دون مساس بالملكية ومكانتها في العملية الديمقراطية التي يحفظها الدستور، انظروا أي طريق اتخذه المغرب مقارنة بالمحيط العربي! لم تستخفّ الإدارة العليا بالحراك الشعبي وحاولت مجاراته بما تمكّن لها، لا نرى ملامح هنا لاستخفاف أبو الغيط وسخرية القذافي والمعالجات المالية في الخليج! هنا ملك وإدارة أدركا حتمية التغيير ووجوب مجاراته لا الوقوف في وجهه!
أعرف أن حركة 20 فبراير الشبابية المغربية ترفض هذه التعديلات الدستورية المطروحة على الاستفتاء العام في الأول من يوليو، وأدرك أن تحفظات كبيرة وكثيرة سجلتها القوى السياسية على هذه البنود الجديدة، منها أن الملك سيحتفظ بحقوق لا ينازعه عليها أحد في المجالات الأمنية والعسكرية والدينية، ويكون له حق حل البرلمان بعد رجوعه للمحكمة الدستورية التي يمتلك سلطة عليها كونه يرأس المجلس الأعلى للقضاء، لكني مع ذلك أشعر أن الحكم في المغرب يسير في اتجاه الريح لا في الاتجاه المعاكس، لم يعتمد اللغة الأمنية ويصم أذنيه عن المطالب الشعبية، اختار السير في طريق الإصلاح، تختلف معه في جزئياته وتطالب بالمزيد وتملك الحق في رفض ما يقدم عبر الاستفتاء الشعبي، ثم تتحرك في الشارع للمطالبة بالمزيد، المهم هنا أن الإدارة السياسية العليا للبلاد اختارت الإصلاح السياسي إطاراً في مواجهة مطالب التغيير، ولم تحتكم للسلاح أو المال أو التجاهل!.
تنتابني رغبة كبيرة في توجيه السؤال التالي لصاحب فكرة ضم المغرب: هل غيرت رأيك!؟
صحيفة العرب القطرية