مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
منذ أن نقلت كتبي إلى الطابق الأرضي، وصممت مكتبة جميلة وضخمة، تتسع لكل تلك الأرانب الملونة والثرثارة التي تملأ الطابق العلوي من البيت، وأسئلة الكبار والصغار في العائلة لا تكف عن التناسل..
سألت الصغيرة التي تحمل اسمي: هذه مكتبة حائط جديدة أليس كذلك؟ أتمنى أن تكون لي مكتبة مثلها! انتفضت أمها على وقع الأمنية: لا أريد مكتبات في بيتي، هل تريدين كتباً؟، تعالي هنا واقرئي كما تشائين، لا ينقصني مزيد من أعمال التنظيف!
نظرت الصغيرة إلى وجه والدتها الغاضب، وبهدوء ملائكي متحدٍ ومستسلم معاً، أجابت: لا أقصد بيتنا الآن، أقصد بيتي عندما أكبر، لقد كانت كمن سكب برميل ثلج على رأس والدتها، وابتسمت في أعماقي، منتصرة للصغيرة طبعاً!
يقول أخي: هل قرأت كل هذه الكتب؟ يسأل الآخر: متى ستقرئين كل هذه الكتب؟ يسأل ثالث: بكم اشتريت هذه الكتب؟ ويضيف: كيف رتبت مكتبتك؟ أجبت كما ترى! تقول شقيقتي: شكل المكتبة جميل وظريف، تقول جارتي: المكتبة متناسقة مع ديكور المكان، تقول الخادمة: لقد أضيف عبء جديد على التزاماتي في هذا المنزل. أما والدتي، فبقدر حبها لكتبي، فقد قالت: لن نجد مكاناً يتسع لنا نحن والكتب!!
وفكرت كيف أفسر عبارتها؟ هل تثني على اهتمامي بالكتب، أم أنها تتذمر منها بشكل بدا لي لطيفاً جداً؟
قبل عصر المكتبة الجديدة، كتبت عنها، عندما كنت لكثرتها أتعثر بها في كل مكان في المنزل، كانت تغرق غرفتي وغرفة المعيشة، وحتى أفاريز نوافذ المطبخ، لا أدري كيف تكاثرت بهذا القدر، وكأنها أرانب بيضاء ناعمة، لكن هذا ما حصل، إنها قصة حب طويلة جداً، تراكمت بهدوء شديد، أشعر أحياناً بأنني أكرهها! نعم أكرهها، لأنها جميلة جداً وواثقة وشهية، وهذا غريب ربما، لكن الكراهية هنا تبدو معادلاً غامضاً أو ضميراً مستتراً للحب، أحياناً تكره ما تحب، حين لا تستطيع الوصول إليه، تكره عجزك ربما، وربما خوفك!
المصدر: البيان