أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أن بلاده تدعم وتؤيد كل مسعى في لمِّ شمل المسلمين والعرب، وذلك من منطلق مسؤوليتها تجاه زوار بيت الله الحجاج والمعتمرين، ومسؤوليتها تجاه الأمتين العربية والإسلامية. وقال «هذا عز لنا، لكنه مسؤولية كبرى، ولا بد أن نتحمل المسؤولية».
جاء ذلك ضمن كلمة ارتجالية لخادم الحرمين الشريفين، خلال تسلمه وسام البرلمان العربي من الدرجة الأولى تقديرًا لمواقفه الشجاعة تجاه قضايا الأمتين العربية والإسلامية، خلال استقباله في مكتبه بقصر اليمامة، أمس، أحمد بن محمد الجروان رئيس البرلمان العربي، يرافقه نواب ورؤساء اللجان في البرلمان.
وشدد الملك سلمان على أن السعودية وإن قامت على العقيدة الإسلامية وفي نظام تأسيس الحكم أن دستورها هو «الكتاب والسنة»، فإن ذلك «لا يعني أننا نحارب الأديان، كما قال تعالى (لكم دينكم ولي دين)، من غير المسلمين. ونأمل إن شاء الله أن نرى في منطقتنا وفي مناطق العالم ككل الأمن والسلام والاستقرار، وأن تعيش شعوبنا دائما في عيش أفضل». وفي ما يلي نص الكلمة:
«أنا سعيد اليوم ومسرور أني ألقاكم في بلدكم المملكة العربية السعودية، ومثل هذه اللقاءات فيها خير إن شاء الله لبلداننا وشعوبنا، والمملكة العربية السعودية تدعم وتؤيد من يسعى للمِّ شمل المسلمين والعرب.. المملكة تشعر بمسؤوليتها. كما تعرفون منطلق العروبة من الجزيرة العربية، والمملكة تشكل أكبر مساحة من الجزيرة، منطلق الإسلام ومهبط الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهذا عز لنا لكنه مسؤولية كبرى، مسؤوليتنا عن عقيدتنا الإسلامية، عن عروبتنا، وشرف العرب أن ينزل القرآن بلغة عربية على نبي عربي، هنا لا بد أن نتحمل المسؤولية. وإخواننا المسلمون في كل العالم هم أشقاء العرب تماما، وهذا لا يعني كذلك أن نكن العداء للآخرين.. كل إنسان دينه بينه وبين ربه، وحوار أتباع الأديان الذي أطلقه الملك عبد الله (رحمه الله)، وسياسة المملكة منذ عهد الملك عبد العزيز وأبنائه سعود وفيصل وخالد وفهد وعبد الله، والتي نسير عليها نحن الآن، هي لم شمل الجميع من العرب والمسلمين ودول العالم».
وأضاف «الآن أصبح العالم صغيرا، والمصالح متشابكة.. آسيا وأفريقيا وأوروبا وأميركا وكل القارات. وكما تعرفون الآن هناك كثير من الجاليات عندنا في منطقتنا، وكثير منا عندهم، لكن الحمد لله أن تكون بلداننا في أمن واستقرار، وأنا أقول بكل صراحة المملكة بلدكم بلد العرب بلد المسلمين، ونرجو لكم الخير والتوفيق، ونشعر بمسؤوليتنا تجاه زوار بيت الله الحجاج والمعتمرين كما تعرفون، والحمد لله المملكة تتمتع بأمن واستقرار، وهذا راجع قبل كل شيء إلى أن هذه الدولة قامت على العقيدة الإسلامية، وفي نظام تأسيس الحكم أن دستور المملكة كتاب الله وسنة رسوله، وهذا لا يعني أننا نحارب الأديان، كما قال تعالى (لكم دينكم ولي دين)، من غير المسلمين يعني، ونأمل إن شاء الله أن نرى في منطقتنا وفي مناطق العالم ككل الأمن والسلام والاستقرار، وأن تعيش شعوبنا دائما في عيش أفضل، والحمد لله منطقتنا كما ترون فيها كل خير نسأل الله عز وجل التوفيق، وأشكركم على زيارتكم».
من جانبه، ألقى رئيس البرلمان العربي كلمة، أعرب فيها عن شكره لخادم الحرمين الشريفين على هذا اللقاء، منوها بقيادته الحكيمة ومواقفه الشجاعة تجاه قضايا الأمتين الإسلامية والعربية، وكرامتهما، والتي كان لها أكبر الأثر في نفوس الشعب العربي كافة. وقال «لقد جاءت مواقفكم تجاه المخاطر التي تواجه الأمة، وأياديكم البيضاء الممتدة إلى أرجاء المعمورة خدمة ودعما للإنسانية، وقيادتكم للتحالف العربي والإسلامي للدفاع عن الشعب اليمني وإرادته الشرعية ضد من سولت لهم أنفسهم التعدي عليه، لتثلج صدور الشعب العربي الكبير الذي استبشر خيرا بهذه البادرة».
وأشار إلى أن البرلمان العربي يتشرف نيابة عن الشعب العربي الكبير بمختلف مكوناته وممثليه ونوابه، بتقديم وسام البرلمان العربي من الدرجة الأولى لخادم الحرمين الشريفين، ليبقى خالدا كأول وسام للبرلمان العربي، تقديرا لمواقفه الشجاعة تجاه قضايا الأمة العربية والإسلامية بصورة عامة والجمهورية اليمنية بصفة خاصة.
حضر الاستقبال الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد آل الشيخ رئيس مجلس الشورى، والدكتور مساعد بن محمد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، والدكتور عادل بن زيد الطريفي وزير الثقافة والإعلام، وعادل بن أحمد الجبير وزير الخارجية.
من جهة أخرى، وافق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على عقد معهد الادارة العامة مؤتمرًا بعنوان «التنمية الإدارية في ظل التحديات الاقتصادية» بالمركز الرئيسي للمعهد بالرياض، في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي. وأوضح الدكتور أحمد بن عبد الله الشعيبي، مدير عام المعهد، أن الموافقة تؤكد اهتمام القيادة بدعم النشاطات والبرامج العلمية التي تستهدف دفع عجلة التنمية الإدارية في السعودية وتعزيز مسيرتها بما يحقق التنمية الشاملة في البلاد.
من جانبه، أوضح أحمد بن محمد الجروان رئيس البرلمان العربي أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، استطاع بقرار واحد توحيد الصف العربي وجمع كلمته، في وقتٍ حرج ومهم جدًا، مشيرًا إلى القرار الذي وصفه بـ«الشجاع والحازم والحكيم»، القاضي بإطلاق عملية «عاصفة الحزم» العسكرية، لتعيد الشرعية للحكومة اليمنية، وتدحر بغي وعدوان الميليشيات الحوثية وأعوانها، ومحاولتها الانقلاب على الشرعية بانتهاكات وفوضى زعزعت أمن البلاد، وروعت شعبها الآمن.
جاء ذلك خلال لقاءٍ صحافي عقده الجروان، في مقر مجلس الشورى بالرياض أمس، للحديث عن وسام البرلمان العربي من الدرجة الأولى، الذي تسلمه خادم الحرمين الشريفين تقديرًا لمواقفه الشجاعة تجاه قضايا الأمة العربية والإسلامية.
وشدد الجروان على الوقع الطيب للمفاجآت السارة التي دأب الملك سلمان على المبادرة بها، في نفس كل فرد من أفراد الشعب العربي، وأن جهوده استطاعت أن تعيد التوازن العربي على وجه العموم، بجمع الكلمة تحت راية واحدة، والاتفاق بتصميم لنصرة اليمن، بدءًا بعملية عاصفة الحزم، ومرورًا بعملية إعادة الأمل، وتدشينه لمركز الأمير سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في الرياض، مشكلاً نقلة نوعية في العمل الإنساني العالمي، ووصولاً لدعوته وجمعه لكافة الأطياف اليمنية على طاولة واحدة في مؤتمر الرياض الذي انطلق أمس تحت عنوان «من أجل إنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية»، مؤكدًا أنها أعمال لا تحتاج لمن يتحدث عنها، فنتائجها تكفيها وصفًا للنجاح والفعالية، والحكمة في إقرارها والمبادرة بها.
ونوه بالعمل الجاد والكبير لخادم الحرمين الشريفين على المستوى الداخلي، بدفعه بقدرات وكفاءات سعودية شابة في مفاصل الدولة، مما يؤكد رؤية تطويرية نهضوية بعيدة المدى، ستضمن مزيدًا من الرقي والعطاء لهذه البلاد.
واستعرض الجروان خلال اللقاء الجهود والإنجازات التي استطاع البرلمان العربي تسجيلها منذ قيامه، وأبرز منها وسام البرلمان العربي من الدرجة الأولى الذي أقر العام الفائت، وكان الملك سلمان بن عبد العزيز أول من تقلده، مبينًا أن البرلمان ينطلق في أعماله من كونه أداة للحوار والقرار، وقوة دفع شعبية لمنظومة العمل العربي، وشريكًا فاعلاً في رسم السياسة العربية المشتركة، خدمة للمصالح العليا للأمة العربية.
المصدر: الرياض: «الشرق الأوسط»