كاتب وإعلامي سعودي، وُلد في دولة الكويت في 19 أكتوبر 1975. حصل على بكالوريوس علم نفس تربوي من كلية التربية في جامعة الكويت عام 1997، ثم دبلوم إعلام من جامعة الملك سعود في الرياض عام 1999. عمل في جريدة الوطن السعودية في الفترة من 2002 إلى 2004، وإذاعة وتلفزيون المملكة العربية السعودية ما بين عامي 2000 و2004. يعمل حالياً كمذيع ومقدم برامج سياسية في قناة الجزيرة القطرية.
نعم, يحدث أحيانا أن اليد الواحدة تصفق, شاهدنا في الدوحة بحر الأسبوع الماضي أمرا كهذا, كان الفرقاء السودانيون يوقعون اتفاق صلحهم, وكانت يدٌ تستحثهم على ذلك وتحييهم عليه, وخلف الشاشات كانت أيادٍ كثيرة ترتفع وتلوِّح, تحيةً لليد البيضاء والرجال والإنجاز, فالمشهد سرّب للنفوس اليائسة والمحبطة شيئا من الأمل, كانت رسالة مفادها, لا تخلو الساحة العربية من قامات نبيلة, حتى في الزمن الرديء!
إن قطر تلعب دورا أكبر من حجمها, هكذا تحدث مرجفون, ما ذنبها إن كان (الكبار) اختاروا الدوْر الأصغر!, كلٌّ يختار لنفسه الحجم الذي يناسبه, والأيادي «الكبرى» الخفية وإن حاولت التخريب في الظلام, فإن اليد البيضاء كانت هي اليد الطولى, لا لشيء سوى أنها بيضاء نقية, يد تجيِّر السلطان والمال والنفوذ للأمة ونفعها.
ليس هذا نصرة لأحد على أحد, أو هبّة لفريق على حساب الفريق الآخر, فالإنسان في عصر التراجع العربي يتوق لعمل سياسي ناجح, خاصة حين تكون الأوضاع على شفا حفرة من الانهيار والتفكك في بلد عربي كبير كالسودان, وقد أثبت النشاط السياسي في قطر نجاحه غير مرة, وتفرده واختلافه مرات عدة, في المصالحة اللبنانية حين كانت الأزمة اللبنانية والإقليمية على أشدها, في الموقف من حرب إسرائيل على غزة ولبنان حين لم يكن أحد هناك, وفي أشياء أخرى ليس المجال لسردها, وهذا ما يستوجب الشكر والامتنان, والتذكير بالأدوار الأخرى.
أنا على قناعة بسوء الإدارة في السودان, فقد أمعن حكم الإنقاذ في التفريط بالبلاد وإيصالها لهذه المرحلة من الخطر, لم يكن هذا بمعزل عن الجهد الغربي في محاولة إضعاف البلد وتدميره, لكن هذا كله لا يستوجب التساهل مع الأوضاع السودانية والسماح بمزيد من التدهور, ما حدث مع العراق يجب ألا يتكرر مرة أخرى بأية حال, لكنه كان ومازال ممكنا, لم تتدخل مصر بالشكل المطلوب, ليس من باب الواجب العربي وحسب, بل من زاوية الحفاظ على خاصرتها, السودان ووحدته والسلام فيه هو الامتداد الحقيقي للأمن القومي المصري, وليس الحدود مع قطاع غزة, وللتذكير فهي حدود بطول 12 كيلومتراً فقط لا غير, والأموال التي صرفت على الجدار الفولاذي المزروع في باطن الشريط الفاصل مع غزة, كانت منطقة أخرى أولى بها, حماية لأمن مصر وسيادتها.
هل تنجح المصالحة في دارفور؟
هذا سؤال تحتاج الإجابة عليه إلى التأكد مما يجري في عدة عواصم عربية وإفريقية وغربية, في القاهرة وطرابلس وإنجامينا وواشنطن وباريس ولندن, وقبل ذلك التأكد من حجم العمل الحقيقي في الخرطوم, إذا تعاملت حكومة السودان مع المصالحة كورقة انتخابية فإنها ستفرغ اتفاق الدوحة من مضمونه الحقيقي, وأسهل ما يمكن عمله في دارفور هو العودة إلى التأزيم, هذه أرض الأحلام الكبرى بالنسبة لجماعات العمل المسلح فيها, وكذلك الأمر لدول الإقليم والدول الكبرى, تستطيع أية جهة أن تخلق فصيلا مسلحا في أيام, في ظل انعدام التنمية ووجود مشاكل وانقسامات حقيقية, وحكومة مركزية ضعيفة ومستهدفة في نفس الوقت.
المصالحة ورعايتها عمل مبارك لا يجب أن يتوقف أو ينقطع, إنه عمل يعوّض عن العمل العربي الافتراضي المشترك, ويعوض عن جامعة عربية غائبة أو مغيبة, وفي المصالحة ورعايتها تجسيد للرابطة العربية الحقيقية التي تجمع أقطارا مشتتة لا تحمل مشروعا حقيقيا, وهو تعويض عن تراجع الكبار وغياب أدوارهم, وحماية للمنطقة من المشاريع الأخرى.
العرب القطرية