أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب، التي ينظّمها مركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، أسماء الفائزين في دورتها الـ17، حيث استقبلت هذا العام العدد الأكبر من الترشيحات بفروعها التسعة منذ تاريخ انطلاقها، ووصل عدد الترشيحات الإجمالية للجائزة إلى 3151 ترشيحاً من 60 دولة، منها 22 دولة عربية و38 دولة من حول العالم.
وحصد جائزة “فرع الآداب، الشاعر العراقي علي جعفر العلاّق عن عمله “إلى أين أيتها القصيدة؟ سيرة ذاتية” الصادر عن دار الآن ناشرون وموزعون في الأردن عام 2022. ويُشكل الكتاب إضافة نوعية إلى جنس السيرة الذاتية العربية، وبخاصة أنّه سيرة لتجربة شعرية نلمس فيها طبيعة العلاقة بين الشاعر وقصيدته، فضلاً عن التفاعل مع الواقع الثقافي العراقي والعربي على امتداد نصف قرن.
ويعبِّر كتاب العلاّق عن رؤية فكرية واضحة لشاعر يقدم تجربة جديدة منفتحة على الآخر، ويستخدم لغة ذات مستويات أسلوبية تتراوح بين اليومي والشعري وتنسجم مع تقنيات فن السيرة. ويضم الكتاب نصوصاً شعرية للكاتب، ولغيره من الشعراء، تسهم في بناء عمل متميز يملك طبيعة متفردة. وفاز عن فرع “الثقافة العربية في اللغات الأخرى” الكاتب الفرنسي ماتيو تيلييه عن كتاب “ظهور منصب القاضي – القضاء لدى المسلمين واليهود والمسيحيين في القرون الأولى للإسلام”، الصادر عن مطبعة جامعة السوربون – باريس عام 2017. يسهم كتاب تيلييه في تحقيق فهم أكثر دقة للتطورات التاريخية التي شهدها النظام القضائي في العصور الإسلامية الأولى، حيث يدرس نشأة الإجراءات القضائية باستخدام مصادر جديدة، وعبر تطبيق منهجية مقارنة، كما يحاول الإجابة عن أسئلة عدة حول آليات رفع الشكاوى والقضايا، والمسار القانوني لها، والمسؤول عن إصدار الحكم القَطعي.
ومن اللافت في الكتاب اعتماده على مجموعة كاملة من البرديات التي تتناول جوانب من تاريخ مصر وفلسطين في العصر الأموي، إضافة إلى حضور مصادر ضخمة عربية، ويونانية، وسريانية، وقبطية. وفاز عن فرع “المؤلف الشاب” الكاتب الجزائري سعيد خطيبي، وذلك عن رواية “نهاية الصحراء”، الصادرة عن دار هاشيت أنطوان / نوفل في لبنان عام 2022، المتميزة بالأصالة في الأسلوب، وبالتكنيك الروائي القائم على التشويق، من حيث تنسيق الأحداث وترتيبها وتصاعدها. ينتمي هذا العمل إلى الرواية البوليسية التاريخية النادرة في الأدب العربي المعاصر والتي تخاطب جيل الشباب، ويتميز نصه باللغة السردية المتقنة، المتدفقة دون انقطاع أو إرهاق للقارئ. وفاز عن فرع “الترجمة” التونسي شكري السعدي عن العمل المترجم من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية “العبارة والمعنى: دراسات في نظرية الأعمال اللغويّة” لجون سيرل، الصادر عن وزارة الشؤون الثقافية – معهد تونس للترجمة في عام 2021. وتتسم ترجمة السعدي بقيمتها العلمية العالية ونجاحها في نقل المصطلحات المهمّة في مجال علم اللغويات والفلسفة.
وقد أضاف المترجم مقدمة ممتازة لهذا الكتاب، الذي يثري المكتبة العربية بمرجع مهم في علم اللغويات يتيح المجال للمتخصصين في اللغة العربية معرفة ما توصلت إليه علوم اللغات حديثاً. وفاز عن فرع “الفنون والدراسات النقدية” الدكتورة جليلة الطريطر من تونس عن كتابها “مرائي النّساء: دراسات في كتابات الذّات النّسائيّة العربيّة” الصادر عن الدار التونسيّة للكتاب عام 2021. وتعد دراسة الطريطر من الدراسات الجادة في حقل السيرة الذاتية النسوية لما تتميز به من منهجية علمية، وقدرة على قراءة السير الذاتية لمبدعات عربيات واستكشاف طبيعة الهوية الخاصة بهن في سياق المجتمع العربي. كما أنها تفتح مجالات أوسع للباحثين في المزايا الخاصة بإبداعات المرأة، مظهرة دورها في بناء الأفكار وبناء النسق الحضاري.
وفاز عن فرع “النشر والتقنيات الثقافية” دار العين للنشر في مصر، وهي مؤسسة ثقافية تسعى إلى تطوير الكتاب شكلاً ومضموناً، والاستفادة من التجارب الأخرى على المستويين العربي والعالمي لطرح إصدارات نوعية في مجالات عدة، مثل الثقافة العلمية، والأدب، والدراسات الأدبية، مع الحرص على إتاحة الفرصة للشباب المبدعين. وقال معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، عضو مجلس أمناء الجائزة: “أصبحت جائزة الشيخ زايد للكتاب رمزاً لإحياء الثقافة والأعمال الأدبية وبوابة تُفتح على مصراعيها أمام التبادل الثقافي والحضاري في العالم. وتقود الجائزة منذ نشأتها جهوداً حثيثة لإحداث نهضة ثقافية وأدبية تواكب انفتاحنا على الثقافات المختلفة حول العالم”.
وأضاف: “تتوج الدورة الـ17 من جائزة الشيخ زايد للكتاب مسيرة ناجحة استطاعت عبر سنوات طويلة استقطاب أبرز الأعمال الأدبية والثقافية والفكرية من المنطقة العربية والعالم من خلال مختلف فروعها التي أتاحت الفرصة للجميع للمشاركة وإبراز مواهبهم أمام العالم. وتواصل الجائزة مسيرتها من أجل تشجيع المفكرين والموهوبين على إحداث نقلة حقيقية وحراك ثقافي يليق بالأمة العربية وتاريخها وإرثها الثقافي الهائل”. وقال الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، أمين عام الجائزة: “تعكس جائزة الشيخ زايد للكتاب حرص القيادة الحكيمة على تعزيز مكانة الكتاب بوصفه محوراً لالتقاء ثقافات العالم، وإحداث تفاعل وامتزاج للأفكار والثقافات لإخراج منتجات أدبية وثقافية جديدة تُثري الحياة الفكرية في الإمارات والمنطقة والعالم. وتمثل الأعمال الفائزة كل عام إبداعات فكرية لمجموعة متميزة من الكتاب والأدباء والمفكرين من مختلف أنحاء العالم. ونحن نهنئهم على فوزهم المستحق، ونشجع الجميع على التميز والعمل من الآن لأجل المشاركة في الدورة المقبلة من الجائزة”. وأضاف: “نجاح الجائزة عبر السنوات الماضية، وحتى الآن، هو نتاج جهد متواصل لفرق العمل في مركز أبوظبي للغة العربية، وبدعم من دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي. وأتوجه بشكر خاص لأعضاء مجلس أمناء جائزة الشيخ زايد للكتاب، ولهيئتها العلمية، ومحكميها على ما بذلوه خلال الدورة الحالية، والذي نتج عنه إبراز مجموعة جديدة متميزة من الأعمال الفكرية والأدبية، التي نعول عليها لتكون نواة لحركة ثقافية متجددة لإثراء المشهد الثقافي في المنطقة والعالم”. ويُعلن عن الفائز بلقب شخصية العام الثقافية خلال الأسابيع المقبلة. وتُكرِّم الجائزة الفائزين خلال حفل يُقام في مركز أبوظبي الوطني للمعارض (أدنيك) بالتزامن مع انطلاق فعاليات الدورة الـ 32 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، يوم 23 مايو 2023، فيما يُبثُّ الحفل مباشرة من خلال منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بالجائزة على تويتر وفيسبوك ويوتيوب. ويُكرَّمُ الفائز بلقب شخصية العام الثقافية بمنحه رصيعة ذهبية تحمل شعار الجائزة وشهادة تقدير، إضافة إلى مبلغ مالي تبلغ قيمته مليون درهم، في حين يحصل الفائزون في الفروع الأخرى على رصيعة ذهبية وشهادة تقدير، وجائزة مالية تبلغ قيمتها 750 ألف درهم إماراتي.